مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم ينطلق عمليا باختيار مدارس ثانوية في عدد من المناطق السعودية

اعتمد له 9 مليارات ريال وينفذ خلال 6 سنوات.. ويتضمن إعادة تأهيل 400 ألف معلم ومعلمة

مدرسة ابن خلدون الثانوية أول مدرسة في جدة يطبق فيها نظام «تطوير» الجديد (تصوير: غازي مهدي)
TT

كشف عبد الله بن احمد الثقفي، مدير عام إدارة التربية والتعليم في منطقة مكة المكرمة، أن الوزارة اختارت مدرسة ابن خلدون الثانوية للبنين في مدينة جدة، لتطبيق مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام المعروف ببرنامج «تطوير»، ضمن مدارس ثانوية أخرى في كل من الرياض والدمام.

وأوضح الثقفي لـ«الشرق الأوسط»، إن المشروع بدأ فعليا في مدرسة ابن خلدون مع بداية فصل الصيف بالتعاون مع شركة ماليزية متخصصة في هذا الصدد، إذ بدأت البرامج التجريبية والتدريبية للعاملين القائمين على تنفيذ البرنامج بمحاوره الأربعة في البيئة الفصلية وتأهيل المعلمين والبيئة المدرسية ومحور التجهيزات التقنية، مشيرا الى أن المنهج المتبع في هذه المرحلة هو نفسه المتوفر أصلا من الوزارة على ان يتم تعديله في مرحلة لاحقة.

وصدر الأمر السامي بالموافقة على تنفيذ مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام، على أن يسند الإشراف عليه إلى لجنة وزارية يترأسها الأمير سلطان بن عبد العزيز.

وأكد الدكتور عبد الله بن صالح العبيد، وزير التربية والتعليم، أن التعليم في المملكة العربية السعودية يحظى بعناية واهتمام الدولة، والوزارة تجد دعما يمكنها من مواكبة التقدم العلمي والتقني في مجال التعليم العام.

وأضاف «يتمثل ذلك الدعم في إقرار مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام، الذي يعد نوعيا ويهدف إلى النهوض بالتعليم العام علمياً وتقنياً من خلال أربعة برامج رئيسية، متمثلة في تطوير المناهج التعليمية، إعادة تأهيل المعلمين، تحسين البيئة التعليمية، وتعزيز النشاط غير الصفي»، مشيرا إلى أن الدولة ضاعفت المبالغ المخصصة لبناء المدارس وإجراء الأبحاث والدراسات وتقنية البرامج والأنشطة سعياً إلى توفير مستوى تعليمي وبيئة تربوية أفضل. من جهة أخرى، أوضح الدكتور نايف الرومي، مدير عام مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام، أن المشروع يعد مختلفا عن كافة المشاريع التي نفذتها الوزارة ويصب في خدمة التعليم وتطوره في السعودية. وبيّن أن المشروع يتضمن أربعة برامج، يهدف الأول منها إلى تطوير مناهج التعليم وصناعتها وتنمية شخصية الطلاب والطالبات وتعزيز القيم الإسلامية والولاء المباشر للأسرة والمجتمع والوطن، مع الأخذ بالاعتبار الفروق الشخصية والعقلية بين الطلاب والتدرج في التعليم الرقمي والبرامج التفاعلية وتطوير الطالب للتفاعل مع هذه التقنية الحديثة.

فيما يهدف البرنامج الثاني الى تطوير كفاية المعلمين والمعلمات، وتأهيل القيادات التربوية في الإدارة والإشراف، والتركيز على تزويدهم بالخبرات والمهارات وتطوير القدرات الذاتية للمعلم لتطوير عمله وإيصال رسالة التعليم للمتعلم بكل يسر وسهولة. ويهدف البرنامج الثالث الى تحسين البيئة التعليمية داخل الفصل، وتوفير المتطلبات التقنية وربط كافة الفصول بشكل مباشر مع شبكة التعليم بالوزارة.

كما يهدف البرنامج الرابع الى تطوير البرامج اللاصفية للطلاب والطالبات والاستفادة من أوقاتهم خارج أوقات الفترة الدراسية، والتركيز على البناء المتكامل لشخصية الطالب ورفع مستواه الصحي والثقافي وتطوير الملكات الذاتية والمواهب البدنية والذهنية واللغوية.

وأفاد الدكتور الرومي أن اللجنة التنفيذية للمشروع قامت بزيارات لعدد من الدول المتقدمة في مجال التعليم للاستفادة من خبراتها لتطوير التعليم في المملكة، مؤكدا على أهمية إشراك القطاع الخاص في تطوير هذا المشروع.

وأوضح الدكتور الرومي أن اللجنة عملت على وضع الآليات المناسبة واستقطاب الكوادر الوطنية المؤهلة في وزارة التربية والتعليم وخارجها للمشاركة في المشروع، مشيرا إلى ضرورة توظيف الخبرات والتجارب العالمية والاستفادة من المشروعات والدراسات والبرامج التطويرية في وزارة التربية والتعليم ذات العلاقة بالمشروع.

ويستهدف مشروع مدارس «تطوير» طلاب المرحلة الثانوية في بعض مناطق المملكة والذين سيلتحقون بدورات تدريبية خلال فترة الإجازة الصيفية، إضافة إلى تطبيق التعليم الالكتروني باستخدام التقنيات الحديثة التي ستنطلق مطلع العام الدراسي الجديد في كافة مناطق المملكة.

وأكد الأمير خالد بن عبد الله المشاري، نائب وزير التربية والتعليم لتعليم البنات، أن مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام، بعد استكمال مشاريع المباني المدرسية سيهيئ الوضع لتشكيل بيئة تعليمية متطورة، موضحا أن الوزارة تتسلم 4 مبان مدرسية يوميا، حيث ستستغني عن جميع المباني المدرسية المستأجرة في فترة وجيزة للغاية.

وأضاف «ان المشروع اتخذ كل الإجراءات والضوابط والآليات ليحقق الأهداف المرجوة التي تتيح فرصة مواكبة المستجدات وتعزيز المكانة التنافسية لأبناء المملكة مع شعوب العالم».

وقال المشاري «إن مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم، يتضمن إعادة تأهيل 400 ألف معلم ومعلمة من خلال دورات تدريبية مكثفة تساهم في تزويدهم بالقدرات والمهارات التي تمكنهم من إدارة الفصل الدراسي وتصقل مواهبهم وتساهم في زيادة ولائهم للمهنة كما سترفع معايير تعيين المعلمين والمعلمات لتحقيق هذه النقلة النوعية».

وبيّن أن المشروع الذي اعتمد له مبلغ 9 مليارات ريال، وينفذ خلال 6 سنوات، سيلغي نظام التعليم بالتلقين ويساعد المعلمين على تحقيق رسالتهم ويهدف إلى مشاركة الطالب في الفصل بشكل أكبر، ما يؤدي إلى بناء مجموعة مهارات وقدرات مبنية على التفكير، مؤكدا أن البيئة المدرسية ستتحول بعد إنجاز المشروع إلى منبع للمعلومات من خلال ربط الفصول الدراسية بأنواع كثيرة من الشبكات التعليمية والمعلوماتية، إضافة إلى إدخال الحاسوب والتقنيات الحديثة.

وأشار إلى أن المشروع سيفعّل الأنشطة اللاصفية بأساليب كثيرة ومتنوعة ومختلفة حسب الفئات العمرية ما بين أنشطة دينية ورياضية وفنية واجتماعية، التي تركز في مجملها على دعم الطلبة في تعزيز قدراتهم ومهاراتهم بمختلف المجالات الحياتية.

وحول الخوف من تأثر المشروع بتغير المسؤولين المشرفين عليه، أكد المشاري أن تغيير المسؤولين في التعليم أو انتقالهم لأي ظرف لن يؤثر في هذا المشروع بسبب ارتباطه المباشر بالقيادات في الدولة، ما يعطيه قوة وضماناً في التطبيق، موضحا أنه مشروع مؤسسي في إطار هيكلي واضح لا يرتبط بأشخاص، وسيطبق على مستوى وطني ولن يستثني أية منطقة. وبالنسبة لإيجاد حلول لتحسين المستويات الوظيفية للمعلمين وتحسين الوضع الوظيفي لمعلمات محو الأمية وعلاج المشكلات المزمنة في التعليم ضمن هذا المشروع، بين المشاري أن هذه المشكلة من الجوانب المهمة لدى وزارة التربية والتعليم التي سعت إلى حلها مع وزارة المالية، مشيرا إلى أن ميزانية العام الحالي تضمنت حلاً لجزء من هذه المشكلة، إلا أنها لم تحل جذريا كونها ترسبات من سنوات وتحتاج إلى فترات زمنية طويلة، إضافة إلى أن مشكلة معلمات محو الأمية ستحل من خلال إدخالهن في المفاضلات الوظيفية التي تعلن عنها وزارة الخدمة المدنية سنويا لحين تلاشيها مع مرور الوقت.

من جانبه أوضح الدكتور عبد الله العثمان، وكيل وزارة التعليم العالي، أن قطاع التعليم بكافة تخصصاته يحظى بدعم كبير من الميزانية العامة للدولة، مشيرا إلى أن تحسين مخرجات التعليم العام سيساهم بشكل مباشر وقوي في تحسين مخرجات مؤسسات التعليم العالي.

وقال الدكتور صالح العمر نائب محافظ المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب التقني «إن إحداث نقلة نوعية في التعليم سيوفر الكوادر الوطنية المؤهلة في سوق العمل السعودي ويقلص عدد العمالة وسيحقق ريادة علمية للسعودية في المستقبل».

كما توقع الدكتور سعيد المليص، نائب وزير التربية والتعليم، أن النشاط المدرسي بكامل أنواعه سيلقى اهتماما من خلال ذلك المشروع، خاصة أن الوزارة ستزيد من أعداد رواد ومشرفي النشاط المدرسي، لافتاً إلى أهمية أن يكون العامل الرئيسي للنشاط هو معلم المادة الأساسي ومشرف المادة، سواء كان في إدارة التعليم أو في إدارة التربية والتعليم. وكشف المليص عن اختيار مكتب استشاري عالمي من دولة إسلامية يتولى وضع الخطط التنفيذية للمشروع، مشيرا إلى أنه سيتم توقيع العقد مع المكتب الاستشاري بعد اكتمال الإجراءات النهائية.وأضاف «وقّع مديرو التربية والتعليم في مناطق ومحافظات المملكة على مذكرة تفاهم تهدف إلى تحديد إطار عام للتعاون بين إدارة مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام وإدارات التربية والتعليم في سبيل تطبيق البرامج وتحديد الأدوار والمهمات والمسؤوليات لكلا الطرفين».

وتتضمن أهداف مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم دمج التقنية بالعملية التعليمية وتوفير حل عملي لتخفيض النفقات وتذليل العقبات التي تحول دون إرسال عدد كبير من المتدربين إلى مراكز التدريب التربوي.

كما تتضمن توفير حقائب تدريبية تتميز بالتفاعلية بين البرنامج والمتدرب، إضافة إلى احتوائها على الصوت والرسوم والصور والفيديو مما يجعلها مصادر غنية بالمعلومات.