بعد 21 شهراً ومطالبات بملياري ريال.. محكمة المدينة المنورة ترفض دعوى تلوث «حمراء أسد»

المتضررون يصفون الحكم بالصدمة وينتظرون تسلم صك الحكم للاعتراض عليه

إحدى برك تصريف المخلفات الصناعية في المنطقة («الشرق الأوسط»)
TT

قضت المحكمة الإدارية في المدينة المنورة في جلستها أمس برفض الدعوى ضد الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، وأمانة منطقة المدينة المنورة، ووزارة التجارة والصناعة، بدفع تعويض مالي قدر بملياري ريال لسكان حي حمراء الأسد في قضية التلوث البيئي.

وأشار القرار الذي تلي أثناء الجلسة أنه تم رفض الدعوى للأسباب الموضحة في القرار التي لم يكشف عنها، ويتضمنها الصك الذي سيتم تسليمه للأطراف في 20 أغسطس (آب) الحالي، لإتاحة الفرصة للاستئناف خلال ثلاثين يوماً.

وأوضح رئيس فريق الادعاء عضو اتحاد المحامين العرب المحامي سعود بن عواد الحجيلي أن قرار الحكم سيتم تقديم لائحة الاعتراض عليه بعد تسلمه لهيئة التدقيق في الأحكام بالرياض وتفنيد ما ورد به من حيثيات تم الاستناد عليها في الحكم الابتدائي.

وقد فوجئ الموكلون عقب إبلاغهم بالحكم أثناء انتظارهم خارج المحكمة، حيث وصفها أحدهم «بأنها صدمة، وأن ذلك لن يثني في تصعيد قضيتهم والتعريف بها على جميع المستويات».

وكان فريق الادعاء وطوال فترة نظر المحكمة للقضية خلال 21 شهراً قدم ما وصف بأنه بحوث علمية، ودراسات، وتقارير من جهات حكومية، وجهات أخرى محايدة تثبت خطر التلوث وارتفاع حاد في معدلات الزرنيخ والكادميوم والرصاص التي تصنف بالسمية وتؤثر على جميع الكائنات الحية الإنسان والنبات والحيوان، وفي إحصائية نسبت لمديرية الشؤون الصحية تم تسجيل 12 متخلفاً عقلياً ومريضاً، ونحو 43 بين متوفٍ ومصاب من أهالي حي حمراء الأسد من جراء الكارثة البيئية المستمرة منذ أربع سنوات، والتأثير السلبي المستمر منذ 20 عاماً.

وكانت جملة من التصريحات الصحافية على المستوى الرسمي قد تداولت الموضوع منذ بروزه وعرضه أمام القضاء الإداري، كان أبرزها تصريح الأمير تركي بن ناصر الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة الذي أكد أن جهازه يملك الشجاعة للاعتراف بأي قصور في القضية يثبت أنه ناتج عنه. فيما وصف الأمير عبد العزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة المنورة تصريحات وكيل الأمين المهندس القاضي بأنها غير دقيقة وأكد وجود التلوث، وذلك عقب تشكيك القاضي في نتائج بحوث بعض الجهات الأكاديمية. أما أمين المنطقة المهندس عبد العزيز الحصين فقد وصف ما أثير حول الموضوع بأنه مجرد فرقعة إعلامية.

وكان بيان صحافي صادر عن المجلس البلدي بمنطقة المدينة المنورة قد اعترف ضمنياً بالتلوث البيئي بمرمى النفايات بمنطقة حمراء الأسد.

وكانت قضية التلوث البيئي بمنطقة حمراء الأسد التاريخية (20 كلم غرب المدينة المنورة) والتي يعود أول ظهور لها بارتباط مسماها بغزوة «حمراء الأسد» التي طارد فيها النبي صلى الله عليه وسلم فلول المشركين عقب غزوة أحد في العام الثالث من الهجرة، كانت قد استقطبت العديد من الجهات البحثية والعلمية والبيئية ومن أبرزها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، جامعة طيبة، معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج وعدد من الجهات البيئية والبحثية، حيث أسفرت نتائج دراسات وبحوث الدعوى التي قام بها باحثون متخصصون عن ارتفاع حاد في معدلات الزرنيخ والكادميوم والرصاص التي تصنف بشديدة السمية والتي تؤثر على جميع الكائنات الحية الإنسان والنبات والحيوان.

وتوضح الدراسات أن تعرض الإنسان لجرعات بسيطة جداً منها ولفترات طويلة الأمد سواء عن طريق الشراب أو الطعام أو استنشاق الهواء الملوث به أو التدخين من شأنه أن يحدث أمراض الكلى، ارتفـاع ضغط الـدم وتضخم القلب وفقر الدم، كما يكون الرصاص سبباً في وجود جيل متخلف عقلياً وصحياً فضلا عن التبلد وفقر الدم، والتأثير المباشر في خصوبة الرجل والمرأة.

وكان سكان حي «حمراء الأسد» تقدموا بالشكوى، ضد عدة جهات على خلفية رمي النفايات وما يشهده الحي خلال ساعات الصباح الأولى من موجة ضباب وقصور حاد في الرؤية الافقية طوال العام بسبب كمية الغازات السامة المتطايرة في سماء الحي، والواقع على طريق المدينة ينبع القديم.

ويطالب السكان بتعويض قدره مليارا ريال ونقل موقع النفايات من مكانه الحالي بسبب اضراره البالغة على التربة والمزارع وصحة الانسان. وكان فريق الادعاء قد تقدم بشكوى أخرى متزامنة الى المحكمة الكبرى بالمدينة المنورة ضد أربع جهات أخرى وهي شركة وثلاثة مصانع، وتعد قضية حمراء الأسد الأضخم من حيث المبلغ التعويضي المطلوب في المرافعات القضائية والشكاوى المرفوعة للجهات الرسمية، وتتلخص مطالب الأهالي الذين يدفعون بأن التلوث هو وراء ارتفاع معدلات الإصابة بالأورام السرطانية وتشويه الأجنة والفشل الكلوي وأمراض الحساسية والوفاة، في إعادة تأهيل موقع المرمى، وصرف تعويض مادي لهم.