الكبتاجون.. قصة الإدمان اللطيف!

حبوب بـ1.3 مليار ريال حجم ما ضبطته مكافحة المخدرات السعودية وحدها في عام

حبوب كبتاجون تم ضبطها داخل أون في محاولة لتهريبها إلى داخل البلاد («الشرق الأوسط»)
TT

وفقاً لإحصائية رسمية أصدرتها المديرية العامة لمكافحة المخدرات في السعودية، فقد تم ضبط أكثر من 46 مليون حبة كبتاجون المنشطة التي تؤدي إلى تدمير خلايا الدماغ، وذلك خلال نحو عام واحد، وهي الفترة التي تمتد من 20 يناير (كانون الثاني) 2007 وحتى 7 أبريل (نيسان) 2008.

وبحسب الرائد ابراهيم أبو هليل المتحدث الإعلامي للمديرية العامة لمكافحة المخدرات، فإن هذه الكمية هي حصيلة ما ضبطه رجال المكافحة بصورة مباشرة، ولا يدخل ضمنها ضبطيات الجهات الأخرى كرجال الجمارك، والشرطة، والأمن العام وغيرهم.

وخلال الأسبوع الماضي، وضمن فعاليات حملات التوعية التي تقودها ادارة مكافحة المخدرات بمناسبة اليوم العالمي للمخدرات، أكد الدكتور محمد الزهراني المشرف العام على مجمع الأمل للصحة النفسية، الجهة المسؤولة عن علاج وتأهيل المرضى المدمنين خلال ندوة عامة بأن «الشباب السعودي مستهدف من قبل تجار المواد المخدرة، ضارباً مثلاً على كمية تسويق حبوب الكبتاجون، وحجم الأموال الناجمة عن هذه التجارة المحرمة».

وإذا عرفنا أن الحبة الواحدة يجري بيعها للشباب والمراهقين في السعودية بأسعار تتراوح بين 20 و50 ريالاً، فإن متوسط سعر المضبوطات وهي تمثل جزءا مما يتم تسويقه للشباب يصل إلى 1.380 مليار ريال، وهو رقم لا يمثل سوى جزء من حجم مشكلة الكبتاجون.

ويستخدم الكبتاجون، الطلاب قبيل وأثناء موسم الاختبارات، لكن الخطر الأكبر يأتي من استخدامه من قبل السائقين الذين يزداد عملهم خلال فترة الصيف، وخاصة سائقي الحافلات والشاحنات الذين يقطعون الطرق الدولية. ونقلت طالبة سعودية تضطر لركوب إحدى الحافلات من الدمام إلى جامعتها في الرياض، أنهم فوجئوا بسائق الحافلة يرتد عكسياً في وسط الطريق السريع بالاتجاه المعاكس، ودوريات الشرطة تلاحقه محاولة إيقافه، وبعد ساعة من الرعب تبين أن السائق فقد التركيز بسبب تعاطيه حبوباً منشطة، وكاد يودي بحياة 45 طالبة كنّ على متن الحافلة.

ويذكر مسافرون على الطريق الدولي إلى الأردن والشام، أن بعضاً من سائقي الحافلات، وهم في الغالب من الشباب، يقودون حافلات تقطع مئات الكيلو مترات بشكل متواصل، من دون وجود لمساعدين على الطرق، ويضطر هؤلاء إلى تعاطي حبوب منشطة لمواصلة رحلاتهم الطويلة التي تمتد لأكثر من 1800 كلم، كما يضطرون وتحت إلحاح مكاتب التشغيل للعمل بشكل متواصل في رحلات الذهاب والعودة، من دون أخذ قسط كافٍ من الراحة وهو ما يعرض حياة الركاب للخطر.

وتؤدي هذه الحبوب إلى شل الجهاز العصبي، بشكل يسبب الخمول والإحساس بالتعب، وزيادة السهر وعدم النوم لفترات طويلة، وكان الألمان أول من صنع هذه الحبوب، وكانت تعطى للجنود الذي يقومون بالحراسة الليلية لكي لا يناموا.

كما ان الأميركيين طوروا حبوباً مختلفة تساعد الحراس الليليين على اليقظة تسمى الإمفيتامين وهو يماثل الكبتاجون في التأثير، وكان سائقو الشاحنات الثقيلة يدمنون هذه الحبوب ليتمكنوا من السياقة ليلاً.

والكبتاجون هو من العقاقير النفسية التي استخدمت في المجال الطبي لحالات الاكتئاب. ونظراً لإساءة استخدامه في كثير من الدول ومنها السعودية، فإنه اصبح من العقاقير المحظورة والمدرجة بجداول العقاقير النفسية. وهو منشط للجهاز العصبي المركزي، ومن تأثيره انه يفقد المتعاطي الدقة في القدرة على التقويم وإصدار الأحكام وضعف الاستجابة الحسية. وتناول جرعات زائدة من هذه العقاقير يولد العنف والتهيج والروح العدوانية. وبعد زوال تأثير العقار يصاب الشخص بالاكتئاب والصداع المستمر، مما يدفع المتعاطي لمعاودة تعاطيه مرة ثانية والادمان عليه. وغالباً ما يكون الكبتاجون، بوابة الدخول لعالم الإدمان، فالطريق إلى تعاطي المكيفات والمخدرات يبدأ غالباً بسيجارة، أو حبة من الحبوب المنشطة. ويقول العقيد دليم العرفج مدير التوعية في ادارة مكافحة المخدرات شرق السعودية، في ندوة عامة أخيراً أن حبوب الكبتاجون تتغلغل في أوساط الشباب، مستفيدة من السمعة الأقل سوءًا من بين المواد المخدرة، فعادة لا يتم تصنيف الشباب الذين يتعاطون هذه الحبوب، باعتبارهم يتعاطون مخدرات أسوة بالمتعاطين الآخرين لمواد مثل الأفيون والهيروين والحشيش.

وبهذه الطريقة يتم التعامي من قبل المجتمع على الشباب الذين يتداولون الحبوب المنشطة. في حين يجهد تجار السموم البيضاء في استهداف شريحة الشباب، محققين أرباحاً خيالية من هذه التجارة، ولكي يحجزوا زبائن جددا للمواد المخدرة الأكثر ضرراً.