بوادر أزمة دقيق.. و«الصوامع» تُرجع الأسباب لتلاعب التجار وعمليات التهريب

مواطنون يرونه جشعاً من تجار الأغذية ويلجأون لدول مجاورة

تتخوف «صوامع الغلال» من أن تتفاقم أزمة الدقيق في رمضان المبارك لتشابه تلك التي حدثت قبل أشهر مع الأرز وأدت إلى ارتفاع أسعاره (تصوير: عبد الله عتيق)
TT

تشهد بعض المحافظات السعودية بوادر أزمة عدم توفر بعض السلع الأساسية، والتي بدأت بالتلاشي، قبل دخول شهر رمضان المبارك.

وبحسب بعض الأهالي في محافظة حفر الباطن (شرق السعودية)، فان مراكز بيع المواد الغذائية الكبرى المسؤولة عن تأمين السلع الغذائية بالجملة منعت منذ أسابيع من بيع أكثر من كيس دقيق واحد فقط للفرد أو الأسرة، حيث يبلغ وزن كيس الدقيق 45 كيلو، ويبلغ سعره 40 ريالا.

وللتحايل على هذا الإجراء سعى أهالي المحافظة إلى استخدام أساليب جديدة أطلقوا عليها اسم «جشع»، عبر توجيه جميع أبنائهم لشراء الدقيق، وبالتالي يحصل كل واحد منهم على حصة أكبر من المقرر بيعها من قبل تجار المواد الغذائية بالمنطقة للأهالي.

وذكر سلطان العنزي، موظف في القطاع الخاص، أن الأسلوب الجديد الذي اتبعه أهالي المحافظة للحصول على كميات دقيق يتم عن طريق دخول أكثر من شخص واحد من أسرة واحدة لأيٍ من المحلات الكبرى، للحصول على مُبتغاهم من كميات الدقيق، بطريقة يشوبها نوع من الحذر فيما لو كُشف أنهم من أسرة واحدة، حتى لا يتمكن مسؤولو المحلات ذاتها، من منع بيع الكميات المطلوبة.

من جانب آخر أبدى مسؤول عن مبيعات احد المراكز التجارية الكبرى في المحافظة (فضل عدم ذكر اسمه) خشيته من عمليات تهريب الدقيق للخارج، في حين، لم يُخف تخوفه من ناحيةٍ أخرى لحدوث أزمة في الدقيق، وبعض السلع الغذائية الأخرى، التي توقع أن تحل مع قرب دخول شهر رمضان المبارك، إضافةً إلى استخدام الدقيق كأعلاف من قبل بعض مُربي الماشية، وهو ما بات يُهدد الكميات المتوفرة في الأسواق ـ على حد قوله. إلى ذلك لجأ بعض أهالي المحافظة، التي تقع في منطقة حدودية لدولة الكويت، والتي تبعد نحو 200 كيلومتر، لقضاء حاجياتهم الأساسية الغذائية، ومن بينها، الدقيق، الذي بدأ يُشكل هاجساً لكثير من الأسر، التي تعتبر الدقيق من أهم السلع الغذائية لها.

في هذه الأثناء عزت المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق، ما تلمسه بعض المحافظات من شُح في الدقيق، إلى ما وصفته بـ«تلاعب التجار»، في حين أكدت عدم وجود مشاكل في عمليات إنتاج منتجاتها بما فيها الدقيق.

وقال مسؤول في المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق لـ«الشرق الأوسط» إن جهته أوعزت لوزارة التجارة بعمليات تلاعب بعض تجار الجملة في عدد من المناطق والمحافظات السعودية، إلا أن الحال لم يتغير، مُشبهاً ما يجري من عمليات تخزين للدقيق بكميات كبيرة جداً، بأزمة الحديد التي تشهدها بعض المناطق السعودية، بسبب تخزين بعض التجار كميات ضخمة من الحديد.

وأضاف المسؤول (الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته ومنصبة بالمؤسسة)، أن عمليات تهريب الدقيق التي تجري من السعودية لبعض الدول المجاورة، وبخاصة اليمن وسوريا والأردن، كان لها الأثر في التقشف غير الحقيقي لمواد الدقيق، مشيرا إلى أن استخدام بعض مُربي الماشية للدقيق كأعلاف، كان له الأثر المُقارب لأثر تهريب الدقيق لخارج بلاده.

وتستهلك السعودية ما يقرب من 45 مليون كيس من الدقيق بشكل سنوي، تبلغ زنة الكيس الواحد 45 كيلوغراما، وتلقى ازدياداً بشكل سنوي جراء ارتفاع حجم الطلب على مُنتجات المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق في البلاد.

ويأتي ذلك فيما عانت عدد من المناطق والمحافظات في السعودية، من أزمة دقيق، أدت إلى إغلاق العديد من المخابز الرئيسية، لأسباب قال عنها البعض إنها تتعلق في المؤسسة العامة لصوامع الغلال، التي طالبها مُستثمرون في عدد من المخابز الكبرى بعدد من المحافظات السعودية، بالتدخل لحل الأزمة التي طرأت على أسواقهم. وخلقت أزمة الدقيق التي عانت منها تلك المحافظات السعودية سوقاً شبيهة بالسوق السوداء، والتي بينت أن كثيرا من تجار الدقيق في المحافظات ذاتها، لجأوا لتخزين كميات كبيرة من الدقيق خوفاً من حدوث أزمة دقيق في بلادهم، لبيعها بأسعار تفوق سعرها الأصلي بكثير.

وبلغ سعر الدقيق آنذاك في السوق السوداء نحو 120 ريالا للكيس الواحد، في حين أن سعره الحقيقي 33 ريالا في محلات السلع الغذائية الكبرى، ودقيق البودرة بـ 44 ريالا بعد أن كان 25 ريالا، ودقيق البر الذي وصل سعره إلى 52 ريالاً بعدما كان 35 ريالا للكيس الواحد.