بعد نهاية الموسم الدراسي.. مدرسون ينتقدون قرارات «التربية والتعليم» المصيرية

بينها إلغاء الاختبارات المركزية وطول المناهج في المرحلة الابتدائية

ملاحظات عدة يبديها المعلمون حول قرارات الوزارة وصولا إلى حالة تعليمية أفضل («الشرق الأوسط»)
TT

خضعت القرارات التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم في السعودية خلال الفترة الأخيرة للكثير من الآراء والتقييم من قبل المختصين وأولياء الأمور خاصة في الموضوعات التي تمثل مفترقا جوهريا في مسيرة التربية والتعليم التي تبدأ من داخل الفصل وفي المناهج وفي الشأن التعليمي لتأتي إلغاء الاختبارات المركزية على رأس تلك القرارات وفكرة إنشاء الاختبارات الوطنية، وبنوك الأسئلة، وملازمة اختبارات الدور الثاني مباشرةً بعد الاختبارات النهائية والمعدل التراكمي في الصفين الثاني والثالث الثانويين والتي تمخض عنها مؤيدون ومعارضون في المرحلة التي مضت.

وبحسبان أن المعلم هو أهم جوانب العملية التربوية فقد استطلعت «الشرق الأوسط» عددا منهم حول تقييمهم لتلك القرارات، حيث بادر حسن العمري، وهو معلم في إحدى ثانويات الطائف، أن تحديد الأسابيع الدراسية بـ 16 أسبوعا لجميع المراحل الدراسية بما في ذلك المرحلة الابتدائية كاملة ثم إصدار تعميم يلغي ذلك وجعل الأسابيع الدراسية للصفوف الابتدائية من الأول وحتى الخامس 18 أسبوعا، تناقض يربك العملية التعليمية.

ويتساءل العمري «هل يعقل أن مناهج المرحلة الابتدائية أقوى وأطول من المرحلة الثانوية والمتوسطة، والغريب في هذا القرار أنه صدر قبل انتهاء الدراسة بأسابيع قليلة، ورغم هذا كله يطلب من المعلم إعادة توزيع المنهج على الأسابيع الدراسية الجديدة، وما إن انتهى المعلم من التوزيع الجديد للمنهج إلا ويصدر تعميم جديد من الوزارة يلغي العمل بالتوزيع الجديد ويطلب من المعلمين العودة إلى التوزيع الأول وهو 16 أسبوعا، وما ذلك إلا دليل قاطع على التخبط، لأن المعلم قد وزع مناهجه على عدد معين من الأسابيع وعليه قد رتب أمور إجازته وسفره وارتبط بمواعيد رحلات للطيران ناهيك عن الضرر النفسي الذي عاشه المعلم جراء ذلك».

من ناحيته يثمن إبراهيم الثبيتي وهو مدرس لمادة الرياضيات في المرحلة الثانوية، إلغاء مركزية الاختبارات من الوزارة ومنح المدارس صلاحية وضع الأسئلة من قبل المعلمين، باعتباره يمنح المعلم ثقة متناهية، ويصلح العلاقة بين المعلم والوزارة، ويستدرك «لكن حدث ما لم يكن في الحسبان فأقدمت الوزارة على إصدار ما يسمى جدول المواصفات والمقاييس والذي لو طبق بشكل سليم لكان حقق الهدف المنشود منه، لكن ما قامت به الوزارة هو توزيع نماذج لأسئلة تطلب من المعلم السير عليها وعدم تغيير أي شيء فيها».

ويقول الثبيتي إن كثيرا من المعلمين استنتجوا أن هدف الوزارة من هذه العملية هو إثقال كاهل المعلم بأعباء إضافية والتخلي عن مسؤوليتها في إعداد أسئلة الصف الثالث، ومن المفترض كذلك إعداد أسئلة الصف الثاني بما أنها أدخلت موضوع المعدل التراكمي للصفين الثالث والثاني الثانويين، لكن تيقن المسؤولين بأن شهادة الثانوية العامة لم تعد لها قيمة عند وزارة التعليم العالي هو ما دعاهم لكل ذلك ـ على حد قوله.

وأشار سلطان الثبيتي وهو معلم في المرحلة المتوسطة الى أن ما زاد الأمور تعقيدا هو ما أصدرته الوزارة من تنظيم للاختبارات، والذي تضمن عدة أمور أنهت الود بين الوزارة والمعلم أهمها منع المعلم من إعداد أسئلة تلك المرحلة لأي مادة توضع في المعلم كامل الثقة طوال الفصل ثم تسحب منه هذه الثقة في لمح البصر ومن تم إعداد ثمانية نماذج للمادة الواحدة والمطالبة فيها بالالتزام بجدول المواصفات قبل موعد الاختبارات بفترة قصيرة لا تكفي حتى لإعداد نموذج واحد حسب جدول المواصفات المحدد لكل مادة، والتشديد على كتابة كلمة متروك عند كل فقرة لم يقم الطالب بحلها، وزاد «هذا تشكيك في أمانة المعلم واتهام صريح بأن المعلم سوف يكتب للطالب الإجابة إذا استدعى الأمر».

ويشير الى أن إقرار ما يسمى دروس التقوية المجانية للطلاب المكملين عن طريق حصر أسمائهم وإرسالها لإدارة التعليم، والسؤال هنا كيف يتمكن معلم من إنهاء منهج كامل خلال أسبوعين فقط أم أن الهدف هو انجاح الطالب بأي شكل ممكن، مضيفاً أن من حق المعلم النقل كغيره من موظفي الدولة، وهو حق كفله له النظام، فتارة تجد تعميماً ينص على أن حركة النقل تكون بين المناطق التعليمية دون تحديد المدينة، وتارة أخرى يصدر تعميم ينص على أن حركة النقل تكون بين المدن، ناهيك عما يحدث في حركة النقل من تلاعب واضح في تواريخ المباشرة، ففي حركة النقل تجد معلما باشر في يوم خميس أو يوم جمعة وهو معلوم أنه يوم عطلة رسمي فكيف يحدث ذلك. أما علي حجر الغامدي مساعد مدير عام التربية والتعليم (بنين) بالطائف فأوضح أن «فكرة استمرارية إلغاء الاختبارات المركزية هي خطوة جريئة، بعد هذا الوقت الطويل وهي تجربة تستحق التطبيق، لا سيما في ضوء المعطيات السابقة من خلال التقارير الواردة من الميدان، وهناك مؤشرات إيجابية لنجاح هذه التجربة، وعليه رأت الوزارة الاستمرارية في ذلك ومن ثم تقييم تلك التجربة وفق المعطيات الميدانية».

وفيما يختص بالدورات التدريبية اللازم إعطاؤها للمعلمين قال انها فكرة جيدة وإدارة التدريب التربوي حتماً سيكون لها دور بوضع برنامج زمني مجدول خلال العام الدراسي كاملا لسد احتياج الميدان من الدورات التدريبية التي تؤهلهم لتطوير العمل، وقال «في اعتقادي أن وزارة المالية هي الجهة المعنية بإحداث الوظائف حسب الميزانية العامة، وإدارات التربية والتعليم تسعى لمد جسر التواصل مع الوزارة في رفع ما يخص المعلم من بيانات وذلك لمستحقي المستويات وفق الأولوية والتي بدورها تتخذ الإجراء المناسب حيال ذلك».