مهرجان جدة غير 29: عودة لسيناريو تبادل الاتهامات بين المنظمين مع تأكيدات بالفشل هذا العام

لجنة الغرفة التجارية تتهم شركة آرا بإفشال المهرجان والشركةترد: الاتهام باطل.. ونمول سنويا المهرجان بأضعاف دخل الرعاية

جانب من فعاليات مهرجان جدة غير 2008 التي يدور حولها الخلاف («الشرق الأوسط»)
TT

مع نهاية موسم مهرجان جدة الصيفي، أو ما يعرف بـ «مهرجان جدة غير»، عاد السيناريو السنوي المعتاد للقائمين على المهرجان، من تبادل الاتهامات والاتهامات المضادة بين لجنة الغرفة التجارية الإشرافية على المهرجان، والشركة المتعاقدة لتنظيمه «آرا»، وكلتا الجهتين تصر على براءة ساحتها من أي إخفاق أو فشل وتلصقه بالأخرى.

البداية كانت مع المدير التنفيذي لإدارة السياحة بالغرفة التجارية والصناعية بجدة، إبراهيم بدر، وهو أحد الموظفين القلائل الذين عملوا على إنجاح المهرجان منذ إطلاقه في دورته الأولى، حيث يؤكد فشل المهرجان هذا العام فشلاً ذريعاً، ويقول إنه غير راضٍ أبداً عن أدائه هذا العام، وبأنه لم ير أي فعاليات ولا حملات إعلانية تتفق مع حجم وأهمية المهرجان، مؤكدا أنها أقل بمراحل مما تم إنجازه في الأعوام السابقة.

وأضاف بدر «الإعلانات عن المهرجان بدأت متأخرة هذا العام، والإقبال على الفعاليات كان سيئاً، والحملة الإعلانية بدأت بعد بداية المهرجان بأسبوع في القنوات الفضائية، إضافة إلى أن الإعلانات التي نشاهدها عن مهرجانات أخرى كمهرجان دبي للتسوق مثلاً كانت أكثر مما نشاهده عن مهرجان جدة غير».

ويمضي بدر في ملاحظاته على أداء الشركة المنظمة «آرا» محملا إياها المسؤولية الكاملة عن تراجع أداء المهرجان بقوله «حتى الدعم المادي الذي يفترض أن تقدمه «آرا» لمنظمي الفعاليات من ثمن الرعاية الذي قبضته ليس موجوداً، وهو ما جعل منظمي الفعاليات يتراجعون مما أفشل الكثير منها، في حين أصدرنا 200 تصريح لفعاليات مختلفة لم يقم منها إلا أقل من 60 فعالية حتى الآن». محمد قاري، المسؤول عن تنظيم وتنسيق مهرجان جدة غير في شركة «آرا» بدوره اعتبر أن اتهامات الغرفة التجارية كلها لا أساس لها من الصحة، وإن كانت تدين أحداً فهي تدين الغرفة نفسها من دون شك، على اعتبار أنها هي الجهة المكلفة والمخولة بتنظيم الفعاليات وإصدار التصاريح.

وقال قاري «فعاليات هذا العام متنوعة ومتوازنة، ولا أعتقد أن مهرجان هذا العام فاشل بأي حال من الأحوال، فالإعلانات موجودة على أهم الوسائل الإعلامية المشاهدة والمسموعة والمقروءة، وإقبال الناس بالمجمل جيد وتتراوح كثافته باختلاف الفعاليات المقامة نفسها، لكن ما أود أن ألفت النظر إليه هو أن شركة آرا تتحمل خسارة المهرجان كل عام، وتقوم بتمويل فعالياته من مالها الخاص، ففي كل عام لا يتخطى مبلغ الرعاية الذي تحصل عليه الشركة، الـ 10 ملايين ريال، في حين أنها تتكلف ما يقارب الـ 40 مليونا لإقامة المهرجان».

ويتابع «حفل الافتتاح وحده كلفنا 3 ملايين، في حين كلفتنا الحفلات الغنائية الأخرى والتي شهدت نجاحاً كبيراً 5 ملايين، إضافة الى مليون ونصف المليون تقريباً كلفة عروض الألعاب النارية، ومليون للمطبوعات الدعائية وفعاليات التسوق، في حين أن الشركة قامت بإنفاق ما قيمته 32 مليون ريال مجاناً كحملة دعائية في أفضل 5 قنوات فضائية عربية، إضافة إلى أهم إذاعتين عربيتين مسموعتين، والحقيقة أن وليد آل إبراهيم يحاول المساهمة في إنجاح هذا المشروع باعتباره مشروعا وطنيا لتنشيط السياحة الداخلية ولهذا نحن نتحمل الخسارة كل عام ونقوم بتمويل المهرجان من مواردنا الخاصة، في حين أن الغرفة كجهة تجارية عليها أن تدعم المهرجان وتحصل على الدعم من رجال الأعمال بالطريقة التي يتم بها دعم منتدى جدة الاقتصادي مثلاً ولا معنى لاتهاماتها برأيي لأنها مردود عليها».

ورغم الحجج التي يدافع بها قاري عن «آرا» ويبرئ بها ساحتها من اتهامات لجنة الغرفة التجارية، إلا أن بدر يخشى من أن النجاح لن يكون حليف المهرجان في السنوات المقبلة، خاصة إذا ما استمرت السياسة الحالية التي تديره بها الشركة المتعاقدة معها، والسبب هو عدم وجود استراتيجية واضحة لسير المهرجان وتطوره مع السنوات من قبلها، كما يقول «فكل فعاليات هذا العام على سبيل المثال مكررة وضعيفة، في حين أنه ومن الناحية التنظيمية لا بد أن تحتوي الفعاليات على 4 أو 5 منها رئيسية تقام للمرة الأولى وتستحضر بقوة عامل الجذب لتكون قادرة على جذب المصطافين من خارج جدة».

ويسترجع بدر بداية المهرجان في عام 99، واصفاً إياها بـ «القوية»، مرجعاً ذلك إلى أن الفكرة كانت جديدة وتشجيع الناس الدائم للجديد.

وقال بدر «في البداية كان هناك 32 فريقاً يدير المهرجان، كلها تابعة بشكل مباشر للغرفة التجارية، وكانت هناك جهات حكومية أخرى تتعاون معنا في إدارة المهرجان وكان لمحافظة جدة بإشراف محافظها الأمير مشعل بن ماجد رئيس اللجنة المنظمة لمهرجان جدة غير دور كبير في إنجاح عمل هذه الفرق التي كانت الغرفة تتولى التنسيق فيما بينها، ويكفي أن أقول بأن إحدى هذه الفرق فقط كانت تضم حوالي 36 شخصا، في حين أن المهرجان الآن يدار من قبل شركة آرا بإشراف شخصين أو ثلاثة على أعلى تقدير».

ويضيف «المهرجان في بدايته عام 99 كان ناجحاً، وفي عام 2000 تكرر النجاح بشكل أكبر، بيد أن المشكلات بدأت في الظهور بعد عام 2001، والسبب ببساطة أنه لم تكن هناك أمانة للمهرجان، كان المهرجان يدار بواسطة الفرق وبإشراف مباشر من أمين عام الغرفة التجارية، وهذا لم يكن كافياً من وجهة النظر التنظيمية والإدارية الصحيحة، ولهذا كنا ننادي بإنشاء أمانة للمهرجان وبأن يكون هناك أمين عام مسؤول عن المهرجان يعد له طيلة العام، وليس فقط قبل بدايته بشهر أو اثنين».

وفي مؤشر يعكس النقص في الرؤية والتخطيط، كشف الأمين العام لمهرجان «جدة غير» أنه لم يكن هناك توقع لدى القائمين أن حمل المهرجان سيكبر خلال السنوات المقبلة بشكل متسارع، خاصة أن تنظيمه لم يكن يخرج عن إطار الغرفة والمحافظة. ويضيف «بعدها أصبحت هناك جهات أخرى تتدخل في المهرجان وكأنه كعكة يريد الجميع تقاسمها».

ولأن السياسة هي فن الممكن والمستطاع، حاولت الغرفة التجارية، بناءً على بدر ومن موقع الإشراف والرقابة عن بعد الذي اكتفت به منذ التعاقد مع شركة آرا لتنظيم المهرجان طوال 5 سنوات، أن تحل الكثير من المشكلات مع الجهات التي يتسبب تدخلها السلبي في إضعاف المهرجان.

وبالفعل هذا ما حدث، وتحقق القليل من النجاح، ولكن هذا النجاح المحدود لا يضمن عودة المهرجان لسابق عهده، وفقا للمناط بهم متابعته في غرفة جدة للتجارة والصناعة.

ويقول بدر «الدور الحالي للغرفة هو فقط التنسيق مع الجهات الحكومية وإصدار التصاريح، فالوقت الذي يحاول فيه مهرجان جدة ترك بصمة على الساحة الإقليمية في المجال السياحي، نحو انه خلال السنوات الخمس الأخيرة بدأ المستوى المأمول في التراجع وذلك بحسب ما جاء في الإحصاءات والمسوحات الميدانية للفعاليات ومدى الاقبال عليها».