«الخبيبية».. معقل الزهاد في بريدة

يرفضون السكن في المدن وركوب السيارات ويعتبرون «التلفاز» من عيون إبليس

أحد الزهاد وهو يتلو القرآن في أحد مساجد غرب بريدة (تصوير: خالد الخميس)
TT

«كان ملازما للمسجد، كثير المكوث فيه، إلى درجة أنه كان يضع فراشا له في خلوة المصلى، ليرتاح إليه، من بعد صلاة الظهر، حتى لا تفوته صلاة العصر». هكذا كان يشرح محمد العُمر، وهو صبي لم يتجاوز عمره 14 عاما، معرفا «الشرق الأوسط» بما كان عليه الشيخ صالح الكبيَر، أحد الزهاد الذين تشتهر بهم أرياف غرب بريدة (العاصمة الإدارية لمنطقة القصيم) في السعودية.

ولا تزال بريدة، وهي مدينة سعودية يغلب على قاطنيها الطابع المحافظ، تحتفظ بمجموعة من الزهاد السعوديين، وهم مجموعة سخرت نفسها للعبادات الدينية، ويرفض بعضهم التمدن بكل أشكاله وصوره.

ويوجد في الأرياف الغربية لمدينة بريدة، التي زارتها «الشرق الأوسط» أمس في إطار جولة نظمتها الهيئة العليا للسياحة والآثار ضمن فعاليات مهرجان بريدة الدولي للتمور، العديد من «الخلوات»، وهي عبارة عن ملاحق سفلية مرفقة بالمساجد، يعتكف فيها الزهاد لأداء عباداتهم.

وينقسم الزهاد في أرياف بريدة، بحسب أحد المطلعين على أحوالهم، إلى قسمين؛ الأول: متشدد للغاية، حتى أنه يرفض وجود الكهرباء في منزله الطيني، أما القسم الثاني، فهو أقل تشددا من الأول.

ويشرح مطلع على أحوال زهاد بريدة، (فضل عدم ذكر اسمه)، أن بعض الزهاد، لا يؤمن بالتمدن والتكنولوجيا الحديثة. وقال «هناك من يرفض حتى الآن فكرة ركوب السيارة، وبعضهم يتنقل دون أن ينتعل الحذاء».

لكن، هناك بعض الزهاد الذين تشتهر فيهم أرياف غرب بريدة، لم يكونوا متشددين إزاء ركوب السيارات، ومنهم الشيخ صالح الكبيَر، والذي توفي قبل 3 سنوات، متأثرا بحادث مروري تعرض له، بحسب ما يؤكد ذلك محمد العُمر، وهو فتى سعودي يتولى رفع الآذان في مسجد المهنا، في حال غياب جده. وكان ملاحظا من خلال الخلوات التي تمت زيارتها أمس، أن بعضها لم تكن موصلة بالكهرباء وهو ما يفسر رفض بعض الزهاد للتقنية الحديثة، فيما أن البعض الآخر كان مضاءً، وسط تأكيدات من بعض العارفين بأحوالها، أن كلاها لاتزال تلقى إقبالا من الزهاد لأداء عباداتهم فيها، وخصوصا في شهر رمضان المبارك.

ويعتبر الشيخ صالح الرشيد من قدامى الزهاد في مدينة بريدة، حيث يلجأ إليه سكان الأرياف الغربية للمدينة، للمعالجة بالقرآن الكريم، ومما يعرف عنه أيضا أنه شديد التقرب إلى الله، لدرجة يكاد المقربون له أن يجزموا بأن «لا دعوة ترد له»، على حد قولهم.

وتشتهر منطقة «الخبيبية»، وهي من أرياف غرب بريدة، بزهادها المتشددين، والذين يرفضون بدورهم السكن في المدن، لاعتبارهم أن «التلفاز»، هو «عين من عيون إبليس».

لكن منطقة «المريدسية» الريفية، والتي تقع في ذات الإطار الجغرافي لـ«الخبيبية»، لا يبدو بأن زهادها من المعارضين للتكنولوجيا الحديثة، وهو ما يفسره استعانتهم بالكهرباء لإدارة مسجدهم الصغير الواقع على أطراف المدينة.