دعوات لمعاقبة المتورطين في إجبار الصغيرات على الزواج

العبيكان: الصغيرة التي تزوج قبل سن بلوغها لمصلحة ظاهرة لوالدها يكون لها الخيار في البقاء أو فسخ عقد النكاح إذا كبرت

يشدد ناشطون اجتماعيون على وجوب مساءلة مأذوني الأنكحة الذين يعقدون مثل هذه الزيجات («الشرق الأوسط»)
TT

في سياق الضجة التي أحدثتها قضايا تدور في المحاكم السعودية وتتعلق بتزويج صغيرات في السنّ، ارتفعت مطالبات موجهة إلى الأوساط الدينية والهيئات الحقوقية في البلاد إلى الوقوف الحازم أمام ازدياد تلك الحالات.

وأثارت قضيّة تزويج طفلة في الثامنة من عمرها تدرس في المرحلة الإبتدائية من رجل خمسيني استياءً في الأوساط الاجتماعية خلال الأسبوعين الماضيين.

غير أن الزوج الذي ستنظر محكمة محافظة عنيزة (إحدى مدن القصيم) في قضيته في الثامن من شهر رمضان الحالي، إثر شكوى تقدمت بها والدة الطفلة التي زوجها والدها دون علمها، كان قد رفض تطليق زوجته «الطفلة» بحجة أنه «لم يرتكب محرماً وأن الدين الإسلامي لم يحدد عمراً معيناً للزواج» بحسب ما ذكره في تصريحات صحافية نشرت أخيراً. ولا يعدّ تزويج الصغيرات ظاهرة في المجتمع المحلّي، إلا أن هناك قلقاً من ازدياد حالات تزويج فتيات في سنّ الطفولة دون علمهن. ودار حديث صاخب في وسائل الإعلام السعودية عن قضايا أخرى مشابهة كان آخرها تزويج فتاتين صغيرتين بالإجبار لا تتجاوزان الـ 15 من العمر دون أخذ موافقتهما، إحداههما تم تزويجها من رجل سبيعيني.

ويشدد ناشطون اجتماعيون على وجوب مساءلة مأذوني الأنكحة الذين يقفون على مثل تلك الحالات، مشيرين إلى أن مصالح مادية لدى بعض أولياء الأمور هي الهدف من تزويج الصغيرات.

وكانت وزارة العدل السعودية قد أصدرت في 5 مارس (آذار) الماضي، أكثر من 43 قراراً تأديبياً بحق مأذوني أنكحة لأسباب عدّة، كان من بينها إجراء عقود نكاح دون أخذ موافقة الزوجة. ويرفض متزوجون من صغيرات، تطليقهنّ بحجة عدم وجود مانع شرعي في ذلك، وعدم وجود سنّ محدد للزواج في الشريعة الإسلامية.

أمام ذلك، تحقق باحثة ومؤرخة سعودية من صحة معلومات أخرى تشير إلى عدم زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة وهي في التاسعة من العمر، وهو الأمر الذي يخالف ما يحتج به عددٌ ممن يلجأون إلى الزواج بصغيرات في السنّ. وتقول الدكتورة سهيلة زين العابدين حمّاد عضو لجنة الدراسات والإستشارات بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بأن المنطق والمعادلة الحسابية لعمر السيدة عائشة بنت أبي بكر الصدّيق مقارنة بأختها أسماء التي تكبرها بعشر سنوات ومقارنتها بعدد من الأحداث وتوقيت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ترجّح أن زواج عائشة تمّ وهي في التاسعة عشر من عمرها. وأكدت الدكتورة سهيلة حمّاد أنها بصدد التحقق من ذلك والخروج بنتائج موثقة بالنظر إلى كونها مؤرخة وباحثة في الشأن الإسلامي.

لكنّ الشيخ الدكتور عبد المحسن العبيكان استبعد صحة ما ذهبت إليه الدكتورة سهيلة حمّاد، مؤكداً بأن لا أحد يخالف القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم بنى بعائشة وهي في التاسعة من عمرها، وأشار إلى أن المصلحة في زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها كانت جليّة وواضحة. وحول تزويج صغيرات قال العبيكان «الأب إذا كان له مصلحة ظاهرة من تزويج صغيرته قبل سن بلوغها فلا بأس بذلك، على أن يكون لها الخيار إذا كبرت في البقاء أو فسخ عقد النكاح»، مشيراً إلى أنه لم يشاع تزويج صغيرات على عهد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فيما عدا حالات ظهرت فيها المصلحة.

وكان العبيكان قد دعا في تصريحات صحافية نشرت مؤخرا إلى نزع الولاية عن ولي الأمر الذي يجبر ابنته على الزواج، مطالباً بالتفريق بين الزوجين وإيقاع العقوبة على ولي أمر الزوجة ومحاسبة المأذون الشرعي الذي عقد النكاح، وذلك إثر قضية تزويج فتاتين (14 و11 عاما) دون موافقتهما، من رجلين أحدهما تخطى السبعين من العمر.

وإلى ذلك لفتت الدكتوره سهيلة حمّاد وهي عضو في الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين إلى أنه بعيداً عن قول زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بعائشة وهي صغيرة، والقول المخالف في ذلك، فإنه يجب النظر بعين الاعتبار إلى تغيّر الظروف الزمنية وطبيعة الإستجابة للرغبات الإنسانية على مرّ العصور واختلاف معايير الزواج في الوقت الراهن. وناشدت حمّاد وزير العدل السعودي الإسراع بالنظر في إمكانية الحيلولة دون حالات تزويج صغيرات، نظراً إلى حجم الآلام النفسية والجسدية التي تلحق بهن، وإمكانية تحديد سنّ أدنى للزواج بحسب معطيات الوقت الراهن.ووصفت سهيلة حمّاد حالات الزواج بالصغيرات بـ«النزوات»، لافتة إلى وجوب معاقبة من يتورط في إجبار فتاةٍ صغيرة على الزواج.