حي الخليج.. ارتبط اسمه بالفقر والمخالفين

سمي بـ«الباطنية» قديما.. وتقطنه أكثر من 40 جنسية آسيوية وأفريقية

اختفت الأسر السعودية من حي الخليج واصبحت لاتمثل سوى 10% من عدد ساكنيه («الشرق الأوسط»)
TT

يقطن في حي الخليج، أحد أشهر الأحياء في المنطقة الشرقية، مجموعة كبيرة من الجنسيات العربية والآسيوية، ونسبة قليلة من السعوديين، وقد اشتهر الحي بمجموعة كبيرة من الجرائم والمخالفين والهاربين من أجهزة الأمن.

ويقول عصام الدولة (36عاما) وهو أحد سكان الحي، الذين شاهدوا التغيرات التي طرأت على الحي، أن الحي لا زال يستقطب عددا كبيرا من العمالة الوافدة، رغم التحسينات المتأخرة التي دخلت عليه، حيث لا تشكل نسبة السعوديين مقارنة بالعمالة الوافدة أكثر من 10 في المائة من سكان الحي.

ويضيف الدولة، أن نسبة كبيرة من الذين يعيشون في هذا الحي، هم من أصحاب الأجور المتدنية أو المتوسطة، وأن غالبية الذين يقدمون إلى هذا الحي هم ممن يبحثون عن استقرار مالي، الذي يوفر عليهم من ناحية الإيجارات السكنية، التي تتميز بالثبات رغم زيادة الإيجارات في الأحياء المجاورة لها.

وحول سكنه، يقول الدولة، أنا أعيش منذ زمن، مع أسرتي الصغيرة، وأعمل سائق تاكسي، فالحي في صورته العامة، يكاد أن لا يعرف الجار جاره، نظرا لأن من يقطنون تجمعوا من مناطق متفرقة من السعودية، إضافة إلى كثافة العمالة الوافدة، وبعض العائلات تقدم لها مساعدات نظرا لحالاتها المادية الصعبة، من المؤسسات الاجتماعية، حيث تفتقر أبناء هذه العائلات للتعليم. ويشير عبد الله الدوسري (41عاما)، «أن حي الخليج المعروف بحي الباطنية، من الأحياء التي اشتهرت باحتوائها على المخالفين للأنظمة وكذلك الجرائم، والذي أصبح لدى الآخرين صورة مشوهة عنه، بيد أنه يوجد في الحي سعوديين يعملون في دوائر حكومية وشركات، كذلك الحي وضعه الحالي أفضل مما كان عليه الوضع في السابق، بسبب حملات المداهمات المتكررة».

وذكر الدوسري، أن حالة الفقر الموجودة تجدها في شريحة كبيرة من السعوديين وكذلك الوافدين، وخير دليل على ذلك حالة البنايات في الحي، التي يوجد منها ما مضى عليه 5 عقود، كذلك يوجد البعض لا يحملون جنسية سعودية، ولكنهم يعملون في شركات ومؤسسات سعودية منذ زمن، ويحتاج بعضهم للرعاية فهم من كبار السن، وهناك من لديه مجموعة من الأطفال.

وحي الخليج، الاسم الذي أطلق عليه حديثا، لا زال يحمل جدلا واسعا، حيث ارتبط الحي بمجموعة من الحوادث الأليمة، حينما كان يطلق عليه سابقا «حي الباطنية» أو «حي الكهرباء» لوجود فرع لشركة الكهرباء في غرب الحي، حيث ما زال هذا الحي القديم الذي يعود وجوده إلى 8 عقود، شبحا في ذاكرة السعوديين، لأنه يجمع جنسيات متنوعة، تزيد عن 40 دولة، ويضم في منازله مجموعة من المتسللين والمجرمين، والمتورطين في جرائم محلية وغير أخلاقية، كذلك الهاربين من أعين السلطات الأمنية.

وكانت شرطة المنطقة الشرقية، قد ألقت القبض على 1029 شخصا قبل شهر، في مداهمة لها في حي الخليج، ومن بين المقبوض عليهم مخالفون لنظام الإقامة والعمل ومروجون ومطلوبون جنائيا وسحرة ومشعوذون، وأسفرت الحملة عن تحرير 680 مخالفة مرورية، كما تم ضبط 34 سيارة مطلوبة.

والمتجول داخل أزقة الحي وبين ممراته الضيقة، يتسلل الخوف إلى قلبه من وقع العيون التي تشد نظرها إليه، فهذه العيون تحمل جنسيات متعددة، وبالتالي كل ما يدور في الحي تمسك بزمامه العمالة الأجنبية، وسعوديون بسطاء يفترشون بضائعهم على مداخل بيوتهم، قدموا من خارج المنطقة، واستقروا مع مرور الزمن في الحي، غير أنهم يسكنون في منازل قديمة بدأت جدرانها بالتشقق، وهي في حاجة إلى صيانتها أو ترميمها أو إزالتها. واكتسب الحي شهرة سيئة بين الناس، بخلاف الأحياء الأخرى في المنطقة، بسبب وجود سعوديين وأجانب يعملون طوال اليوم على ترويج المخدرات، وبيعه بطريقة سرية، غير أن الحي توجد فيه مجموعة من العوائل السعودية انجرت إلى منظومة ترويج وبيع المخدرات، وكذلك بيع المشروبات الكحولية، التي تتراوح أسعارها بين 25 إلى 500 ريال، حسب ما يذكر عبد الله رحيم «سائق تاكسي»، والذي يتردد على الحي.

وذكر المهندس حسين البلوشي، مدير العلاقات العامة بأمانة المنطقة الشرقية، بوجود مشروع تعمل عليه الأمانة، وهو تطوير الأحياء القديمة في جميع مناطق الشرقية، حيث بدأت هذا العام بتطوير حي الخليج بالدمام، ويضيف البلوشي، أنه يوجد تنظيم للأحياء القديمة، من خلال إعادة بناء الأرصفة، وتركيب إنارات جديدة، كذلك تعليق لوحات إرشادية، حيث يهدف المشروع إلى الارتقاء بالأحياء القديمة في خدماتها، إلى مصاف الأحياء الجديدة.

وذكر البلوشي، أنه مع بداية العام الجاري، تم حصر أكثر من 110 مبان آيلة للسقوط في حي الخليج، حيث تم إزالة 54 مبنى، على أن تستكمل إزالة البقية من المباني خلال الأيام المقبلة، موضحا أن هناك أحياء أخرى يجري العمل عليها حسب الخطة المعمول بها من أمانة الشرقية، وهي تطوير الأحياء القديمة حسب دراسة كل حي في المنطقة.

ورغم الحملات الأمنية المكثفة التي يشهدها الحي بين الفينة والأخرى، إلا أنه ما زال مقصدا للعمالة المخالفة، حيث يجد الهاربون من الأجهزة الأمنية ستارا ومخبأ لهم، والسر يعود في ذلك ، لمعرفة القاطنين في الحي بخريطته ودهاليزه والذي لا يقتصر على معرفة الشوارع الضيقة فقط، ولكن أيضا مخابئ البيوت، من سراديب وممرات خارجية. ويضيف أحد أصحاب العقار، أن الحي رغم قدمه بيد أنه يتميز بسعر شققه الرخيصة، حيث لا تتجاوز أسعاره السكنية عن 10 آلاف ريال في السنة، وهو ما لن تجده في الأحياء الأخرى.