السعودية تشرع في تحديث استراتيجية معالجة الفقر.. لتجاوز أزمة الغلاء المعيشي

35 ألف أسرة تعيش فقرا مدقعا تشكل 1.6% من إجمالي الأسر المسجلة في مصلحة الإحصاءات العامة

طفل سعودي يجلس على كرسي خشبي خارج منزل عائلته الفقيرة في إحدى قرى جنوب السعودية
TT

كشفت معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، عن وجود توجه لتحديث الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر في السعودية، بغية مواجهة الغلاء المعيشي الذي تعاني منه الأسر، وذلك بعد أن وصل معدل التضخم لمستوى قياسي بتسجيله 11.1 في المائة في يوليو (تموز) الماضي، وهو أعلى معدل تشهده البلاد منذ أكثر من ربع قرن، بحسب آخر تحديث رسمي تصدره الحكومة.

ولم تكشف المعلومات، عن الموعد الزمني المقرر لبدء عملية تحديث استراتيجية معالجة الفقر، والتي صادقت عليها الحكومة السعودية في أكتوبر (تشرين الأول) 2006، لكنها رجحت أن تستغرق عملية التحديث عدة أشهر، حيث يتوقع أن يتولى فريق برئاسة وزير الشؤون الاجتماعية، وعضوية ممثلين عن وزارات (الداخلية، المالية، الاقتصاد والتخطيط، العمل، والشؤون الاجتماعية)، وآخرين عن القطاع الأهلي والخيري، هذه المهمة.

وأقر مصدر رفيع في الاستراتيجية، فضل عدم ذكر اسمه، بوجود توجه لتحديث استراتيجية معالجة الفقر في السعودية. لكنه قال «انه من المبكر الحديث عنها الآن، حيث تحتاج لعدة أشهر».

وتأتي عملية تحديث الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر، بعد قرابة العامين على تطبيقها، وهي الفترة التي تعرض فيها اقتصاد الفرد لمجموعة من الهزات، بدأت مع انهيار سوق الأسهم فيما بات يعرف بـ (فبراير الأسود) عام 2006، مرورا بموجة الارتفاعات التي طالت السلع الاستهلاكية، وانتهاء بتأثر سوق العقارات بتلك الارتفاعات.

وكشفت معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» أن هناك 35 ألف أسرة سعودية تعاني من الفقر المدقع، وهو أحد خطوط الفقر التي حددتها الاستراتيجية الخاصة بهذا الموضوع، حيث تشكل 1.6 في المائة من إجمالي الأسر المسجلة في مصلحة الإحصاءات العامة، ورسم لأن تستفيد من برنامج الدعم التكميلي، وهو البرنامج الذي دعم بـ 264 مليون ريال، ويسعى لسد الفجوة بين الدخل الفعلي للأسر والأفراد الفقراء فقرا مدقعا.

ويقر القائمون على الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر، بازدياد أعداد الفقراء في السعودية، بدرجات متفاوتة، نظرا لارتفاع معدل النمو السكاني في البلاد، حيث تعتبر المملكة من الدول الأعلى نموا في عدد السكان على مستوى العالم، في ظل الافتقار لبرامج من شأنها احتواء ذلك النمو المتزايد.

وكان من الأسباب التي انطلقت الاستراتيجية من عملها في معالجة الفقر، ما وصفته بـ «الحاجة لنظرة إقليمية متوازنة»، حيث يلاحظ بحسب القائمين عليها «وفرة العطاء في مناطق أكثر من غيرها».

وحدد فريق العمل الأول الذي أعد استراتيجية معالجة الفقر، 3 خطوط للفقر؛ وهي بالترتيب العكسي: خط الفقر النسبي، خط الفقر المطلق، وخط الفقر المدقع، وهذا الأخير تضاربت تصريحات وزيرين سعوديين حول الموعد الزمني للقضاء عليه، حيث ذهب وزير الشؤون الاجتماعية السابق عبد المحسن العكاس لتأكيد القضاء عليه في عام 2006، في الوقت الذي خالفه خالد القصيبي وزير الاقتصاد والتخطيط بتأكيده أن عام 2009 هو الموعد الزمني المقرر للقضاء على الفقر المدقع في السعودية. وقامت الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر، بالاتفاق مع العديد من الجهات لإجراء عدة أبحاث ودراسات على 12 موضوعا، حيث أعطت الأولوية لدراسة الإنفاق الاستهلاكي للأسر السعودية، وتوزيع ذلك الإنفاق حسب المناطق الإدارية، وحسب مجموعات السلع الرئيسية، كما أنها قامت بدراسة الهجرة الداخلية بين المناطق الإدارية المختلفة.

ومن بين الموضوعات التي أعلن القائمون على الاستراتيجية أنهم في صدد دراستها، التوزيع الأسري للمساكن (شعبي، شقة،...)، على مستوى المناطق الإدارية الـ13، مدعومة بعدد القروض المقدمة من صندوق التنمية العقاري، ونسبة التسديد للصندوق، وعدد القروض المقدمة من الصندوق، نسبة إلى الطلبات المتراكمة.

وشملت الدراسات أيضا، مؤشرات الوضع الراهن التعليمي والصحي، كما بحثت في مدى فاعلية السياسات الراهنة في معالجة الفقر.

وكان من ضمن البرامج التي وافقت عليها الحكومة السعودية في إطار الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر، زيادة المخصصات المقدمة للأيتام وذوي الظروف الخاصة ومن في حكمهم، بمبلغ 82 مليون ريال (21.86 مليون دولار) سنويا، شاملة: إعانات الأسر الحاضنة، والإعانات المدرسية، ومكافأة نهاية الحضانة، وإعانات الزواج، ومكافآت المقيمين في دور رعاية الأيتام.

وتم استحداث برنامج باسم «المساعدات الطارئة»، للأسر الواقعة تحت خط الفقر المطلق، التي تتعرض لحالات طارئة حرجة، تتسبب في زيادة معاناتها أو تعرضها لمشكلات؛ مثل: وفاة المعيل، أو سجنه، أو مرضه، أو مرض الأبناء، أو حوادث الحريق في المنزل أو الكوارث الطبيعية، ونحوها، على أن تحدد سقوف هذه المساعدات بحسب الحالة ودرجة المعاناة. ويتلقى الصندوق الخيري الوطني، أموالا سنوية تقدر بـ300 مليون ريال (80 مليون دولار)، حيث يملك في خزينته 600 مليون ريال (160 مليون دولار)، وذلك بعد دعمه لعامين ماضيين، فيما ينتظر أن يدعم هذا العام ليصل مجموع ما دعم به من أموال لنحو مليار ريال (266.6 مليون دولار).

وللصندوق الخيري الوطني، 5 برامج، يعمل من خلالها؛ وهي: برنامج التوعية والتوجيه، برنامج الأسر المنتجة، برنامج المشروعات الصغيرة، برنامج المنح التعليمية والتدريبية، برنامج التنسيق الوظيفي.

ومن ضمن الشروط التي حددها الصندوق الوطني الخيري، لعملية إقراض المستفيدين من برامج المشاريع الصغيرة والأسر المنتجة، ألا يزيد دخل الفرد عن مستوى خط الفقر في السعودية، وهو الشرط الذي لم يحظ بتفصيل حول ماهية قيم الرواتب التي تخول المتقدم للاستفادة من تلك القروض.

ولا يحصل الصندوق الوطني الخيري، على ضمانات من وراء القروض التي يقدمها، إلا في فرعين من القروض، والتي يصل أعلاها لـ100 ألف ريال فيما يخص المشاريع الصغيرة، حيث يتم رهن الأصول الثابتة للصندوق. ويعطى المستفيدون من برامج الصندوق الخيري، فترة سداد تتراوح من 7 إلى 27 شهرا لقروض المشروعات الصغيرة، فيما تتراوح من 6 إلى 20 شهرا بالنسبة لقروض الأسر المنتجة، في الوقت الذي قد تصل جزاءات تأخير السداد، لحد الحرمان من خدمات الصندوق لمدة 5 سنوات مقبلة.