السعودية: سوق التسجيلات الإسلامية يمر بأسوأ موسم «رمضاني»

الفضائيات الدينية خطفت زبائنها.. وغياب المدارس سحب شريحة كبيرة منهم

حالة الركود تدفع ملاك معارض التسجيلات الإسلامية لخفض أسعار الكاسيت إلى ريال ونصف الريال («الشرق الأوسط»)
TT

على خلاف العادة السنوية التي يشهد فيها سوق الكاسيت الإسلامي انتعاشاً كبيراً خلال شهر رمضان المبارك، وصف القائمون على معارض التسجيلات الإسلامية موسم هذا العام بأنه الأسوأ مقارنة بالمواسم «الرمضانية» السابقة، بعد أن قدروا تراجع حجم المبيعات بما يتراوح بين 25 إلى 30 في المائة عن السنوات الماضية.

وأفصح حمود الشمري، مالك تسجيلات القادسية الإسلامية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك تراجعاً غير مسبوق من حيث الإقبال على معارض التسجيلات الإسلامية منذ بداية شهر رمضان المبارك وضعفاً كبيراً في حجم المبيعات مقارنة بالسنوات السابقة، مضيفاً بأن التراجع بدا ملحوظاً أكثر للطلبيات الكبيرة التي كانت تنتعش مع الأيام الأولى لدخول الشهر المبارك.

وأرجع الشمري ذلك لعدة أسباب، أوضح أنها تشمل انتشار الفضائيات، خاصة الدينية التي أصبحت تجذب المشاهد، واتساع شريحة مستخدمي شبكة الإنترنت التي تقدم الصوتيات والمرئيات، وانتشار الهواتف النقالة التي صارت بمثابة الرفيق الدائم في السيارة والأماكن العامة بدلاً عن الكاسيت المسموع، بالإضافة إلى ما وصفه بـ«حالة الفتور الاجتماعي العام».

وتطرق الشمري إلى الحملات الإعلامية المكثفة المناهضة للإرهاب والتطرف، التي يرى أنها ساهمت في إضعاف حركة سوق الكاسيت الإسلامي بعد أن كانت في أوج انتعاشها في العقد المنصرم، حيث أشار إلى أن الكثير من الآباء والمربين أصبحوا اليوم يخافون على أبنائهم من ارتياد معارض التسجيلات الإسلامية اعتقاداً بأن ما يطرح فيها يرتبط بالإرهاب والتطرف!.

في حين يقول عبد الله بن صالح، مدير معرض تسجيلات التقوى الإسلامية بالرياض، إن كل السلع تقريباً ارتفعت أسعارها أخيرا ما عدا الكاسيت الإسلامي الذي انخفضت قيمته لتصل إلى ريال واحد فقط بعد أن كان يتراوح بين 5 ريالات وريالين، مرجعاً ذلك لقلة الطلب وضعف قنوات التوزيع والتسويق.

وأوضح بن صالح عن وجود فئة من الزبائن يفضلون خلال شهر رمضان شراء كميات كبيرة من بعض الأشرطة السمعية، بأحجام تتراوح بين 1000 و2000 كاسيت، التي يتحدث معظمها عن فضائل شهر رمضان والصيام، موضحاً أن هذه الكميات تذهب لاحقاً لمكاتب الدعوة أو توزع بجهد فردي من المشترين الذي يقومون بذلك تحت مسمى «احتساب الأجر».

وحول الموضوعات السمعية التي تستهوي زوار التسجيلات الإسلامية في شهر رمضان المبارك، بيّن بن صالح أن الغالبية تُركز على المختارات المتنوعة من القراءات القرآنية، وأفصح أن المقرئين القدامى ما زالوا على رأس القائمة، يتصدرهم: عبد الرحمن السديس وسعود الشريم، ومن الأسماء الشابة في القراءات، بيّن أن المنافسة تنحصر بين: عبد الولي الأركاني وفارس عباد وماهر المعيقلي.

ويتفق معه خالد جلال، مدير معرض تسجيلات ابن الخطاب الإسلامية بالدمام، الذي أفاد بأن غالبية رواد معارض التسجيلات الإسلامية هم ممن يبحثون عن الأسماء القديمة والمعروفة في تلاوة القرآن الكريم، تليهم مباشرة الأسماء الشابة التي أصبحت تلقى رواجاً بين الناس في الفترة الأخيرة، والذي قال إن على رأسهم: راشد العفاسي وسعد الغامدي وناصر القطامي.

وأردف جلال موضحاً أنه رغم حالة الركود التي تشهدها معارض التسجيلات الإسلامية هذا العام، إلا أن هناك إقبالاً يتكرر سنوياً على المحاضرات السمعية المتعلقة بشهر رمضان المبارك، التي تشمل فضل الصيام وأجره وأحكامه، وأوضح أن هذا الإقبال يتكثف في الأيام العشرة الأولى من الشهر ثم يبدأ في الانخفاض التدريجي حتى نهاية الشهر المبارك.

وبالعودة إلى ضعف حركة البيع والشراء التي صارت تهدد الكثير من معارض التسجيلات الإسلامية، أفاد العاملون فيها بأن تزامن شهر رمضان هذا العام مع الإجازة الصيفية ساهم في غياب شريحة كبيرة تتمثل في طلبة المدارس والجامعات، حيث كان يعتمد الكثير من هذه التسجيلات على الكمية التي تُطلب لتوزيعها على هذه الفئة طيلة أيام الشهر المبارك.

وحاولت «الشرق الأوسط» التعرف على حجم الأموال التي تضخ سنوياً في سوق الكاسيت الإسلامي، إلا أن العاملين في هذا المجال أفادوا بصعوبة هذا الأمر، مرجعين ذلك لدخول الكثير من عمليات البيع المجاني وتذبذب الأسعار والكميات المطلوبة، إلى جانب قيام بعض ملاك معارض التسجيلات بالتبرع للجهات الخيرية بكميات كبيرة.

في حين يبرز الاختلاف بين قسمين في سوق التسجيلات الإسلامية، الأول يشمل المنتجين (المؤسسات) والثاني يتعلق بالمسوقين (المعارض)، والمنتجين هم أكثر من يعانون من العشوائية والتكرار وازدواجية الطرح، إلى جانب انتشار النسخ غير الأصلية التي تؤثر في جودة الكاسيت الإسلامي ومستوى السوق.