ناشط اجتماعي يرد على تصريح مسؤول حكومي بـ «محدودية الفقر» عبر «فيلم وثائقي»

تناول قصة حارس أمن راتبه 1200 ريال وبثه موقعا الفيس بوك واليو تيوب

جانب من الفيلم يوضح حارس الأمن خلال جلوسه في مقر عمله
TT

أطلق ناشط اجتماعي سعودي عبر عدد من المواقع الإلكترونية الشهيرة، كالفيس بوك واليوتيوب، فيلم فيديو قصيرا يتناول موضوع الفقر في السعودية، ويبتغي من خلاله الرد، بشكل مختلف.

تلك التصريحات دفعت شابا سعوديا يدعى طراد الاسمري، الذي كان يمتهن العمل الإعلامي في السابق، لإعداد وإخراج فيلم يحمل شعاراً رئيسياً هو «أن ليس كل موظف يخرج عن دائرة الفقر»، في رسالة توضح بعداً آخر من أشكال الفقر في البلاد، والمتمثل في مشكلة بعض المهن وأجورها.

الفيلم الوثائقي القصير يحمل عنوان «راتبي ألف ريال»، ويحاكي برؤية واضحة وبسيطة مشكلة الفقر في من زاوية يجهلها الكثيرون، فأحداث الفيلم تقدم معايشة حقيقية لحياة شاب سعودي يدعى أحمد، ويعمل بوظيفة حارس أمن في أحد المباني التجارية في مدينة جدة، وبراتب شهري يبلغ 1200 ريال سعودي، ويعول أسرة مكونة من 7 أشخاص، ويعمل لفترة زمنية لا تقل عن 12 ساعة يومياً.

ويبحث الفيلم كيفية قدرته على توفير السكن والغذاء والملبس والدواء، في حالة المرض، لعائلته عبر هذا الأجر الذي لا يكفي للطعام على مدى أيام الشهر فقط، كما يتضمن الفيلم عدم توفر ضمان اجتماعي أو صحي له، وكل ذلك يطرح تحت تساؤل مهم جداً، وهو: هل كل موظف خارج دائرة الفقر؟!.

ويوضح الاسمري دافعه من إيجاز هذا الفيلم قائلاً: «كان الدافع لتنفيذ هذا العمل من منطلق مسؤوليتي الإعلامية والاجتماعية تجاه وطني بعد تصريح رئيس هيئة حقوق الإنسان لجريدة «الشرق الأوسط» في أغسطس الماضي والذي قلل فيه من حالة الفقر في السعودية، معتبرا أنها بشكل عام (محدودة ومنحصرة على الأغلب في المناطق المعزولة)».

ويضيف: «الأغرب من تصريح رئيس هيئة حقوق الإنسان، عنوان الموضوع (لجنة حكومية تنهي مناقشة الفقر في جلسة واحدة) في حين أن الرئيس عندما سئل في نفس الخبر عن سبب تأخر الهيئة عن بدء أعمالها ذكر أنه لم يباشر مهام أعماله إلا منذ عام ونصف العام فقط، وقد استغرقت اللجنة الفترة الأولى من عملها في أمور توزيع اللجان وإعداد لائحة أعمالها، ثم النظر في مكافآت أعضائها بمشاركة كل من وزارة المالية، ووزارة الخدمة المدنية». وهنا يضع الاسمري علامات تعجب حول قضاء اللجنة فترة العام ونصف العام في إعداد وتشكيل اللجان الفرعية للجنة في مواضيع مثل: مكافآت الأعضاء، بينما لم تزد الفترة الزمنية للمشكلة الرئيسية (الفقر) التي شكلت اللجنة لأجلها سوى نصف الساعة.

يشار إلى أن مجلس الوزراء السعودي في جلسته الأخيرة (الاثنين الماضي)، رحب بتقرير مصلحة الإحصاءات العامة حول انخفاض معدل البطالة بين المواطنين الذين هم في الفئة العمرية من 15 عاما فأكثر بنسبة 1.4 في المائة، أي انخفاض المعدل العام من نسبته السابقة 11.2 إلى 9.8 في المائة.

وعلى الرغم من أن السعوديين المهتمين بملفات الفقر والبطالة يرون أن المشكلة لا تتمثل في عدم وجود وظائف بقدر ما هي تتلخص في مشكلة الحد الأدنى للأجور، بيد أن الدكتور عبد الواحد الحميد نائب وزير العمل تحدث، في وقت سابق، عن عدم نية وزارته في توفير حد أدنى لأجور المواطنين العاملين في القطاع الخاص، والذين هم طرف معادلة المشكلة، وذلك حتى لا تتهم الوزارة من قبل منظمة العمل الدولية لهم بـ «التمييز».

وكان الدكتور راشد الباز أستاذ الخدمة الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، أجرى دراسة علمية تحت عنوان «دراسة عن الفقر في المملكة» صدرت في عام 2005، أشار فيها الى أن «كل سعودي يقل دخله الشهري عن 1600 ريال سعودي فهو يعيش على الكفاف، ومن قل دخله عن 1200 ريال فهو يقبع تحت خط الفقر وكل ذلك من دون حساب تكلفة السكن». ويرى الاسمري، الذي من المرجح أن يصل عدد زوار فيلمه الوثائقي القصير خلال الأيام القليلة المقبلة إلى أكثر من مليون زائر على موقع اليوتيوب، أن «الوزارات المعنية بمشاكل البطالة والفقر لا تزال تتعامل مع المشكلتين بجهل كبير لتفاصيلهما ومسبباتهما ومناطق الفقر وأشكاله، وطرق القضاء عليه ومن هم الفقراء تحديدا، ولعلي من خلال هذا الفيلم أقدم رسالة صريحة وواضحة بأن الفقراء يعيشون في المدن أيضا وبأعداد كبيرة وليس كما ذكر معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان».

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالمتحدث الرسمي في هيئة حقوق الإنسان السعودية للرد على الاستفسارات السابقة على مدى يومين، من حيث قصر الفترة الزمنية لدراسة وضع الفقر في البلاد ولم يتسن لنا ذلك، علماً أن الدكتور يوسف العثيمين وزير الشؤون الاجتماعية كشف في حديث صحفي لإحدى الصحف المحلية السعودية أن عدد الفقراء في البلاد لا يزيد عن مليون نسمة. يذكر أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قام، قبل سنوات قليلة، بزيارة لعدد من الأحياء الفقيرة في الرياض والتي تضمن الفيلم مشاهد منها، وقال حينها عبارته الشهيرة: «السمع ليس كالنظر والمسؤولية تحتم تخطي المكاتب.. وأن مشكلة الفقر لن تحل ارتجالياً».