انتقادات لاستخدام المصليات النسائية لتوزيع الإعلانات والبطاقات الدعائية : «حضانات» ومراكز لـ«الإعلانات» وجمع «رأسين بالحلال»

مساجد تختم القرآن بـ«الزغاريد» والولائم الاحتفالية

نساء يزاوجن بين العبادة والبحث عن العلاقات الاجتماعية والتجارية («الشرق الأوسط»)
TT

«لدينا أفضل عروض قصات الشعر»، «مدرس خصوصي لمواد المرحلة الابتدائية»، من المعتاد أن تنتشر هذه الاعلانات في المراكز التجارية والصحف الدعائية، لكن اللافت أن تتداول داخل المصليات النسائية في المساجد السعودية التي يحولها البعض إلى مراكز للاعلانات، وملتقيات نسوية لجمع رأسين في الحلال، وهو توجه ترعاه بعض مندوبات التسويق والخطابات استثماراً لكثافة الحضور النسائي في المساجد خلال شهر رمضان، خاصة في العشر الأواخر.

وأبدت ليلى العبد القادر، ناشطة دعوية ومديرة الوقف الإسلامي بالمنطقة الشرقية، لـ«الشرق الأوسط»، استياءها من ظاهرة توزيع البطاقات الدعائية وأوراق الاعلانات من قِبل فئة تستغل كثرة وجود النساء داخل المساجد في رمضان، وأوضحت أن هذه التصرفات تخدش قدسية المكان وتذهب بخشوع الصلاة، فيما تطرقت لتحول بعض المصليات إلى مجالس نسائية بالقول «الكثير من النساء لا يحلو لهن تجاذب أطراف الحديث إلا في المسجد بحيث تنسى أنه بيت من بيوت الله»، وهو ما تراه أمرا غير لائق.

وربما لا تغري التجمعات النسوية مندوبات الدعاية والاعلان فقط، بل تشمل أيضاً «الخطابات»، كما توضح ندى الغنام، معلمة في إحدى المدارس الخاصة بالدمام، التي أكدت أنها شهدت أكثر من خطبة تمت خلال الشهر المبارك أثناء الصلاة أو خلال الدروس الوعظية التي تقدمها المساجد بعد صلاة التراويح، سواء من قِبل بعض الخطابات أو السيدات الراغبات باختيار زوجات لابنائهن حريصات على أداء الصلاة، وهو ما تراه أمراً جيداً في بعض جوانبه ومزعجاً في جانب وصفته بـ«الخوف من الوقوع بالرياء».

وترافقاً مع خصوصية عالم المصليات النسائية، يأتي تكدس وصراخ الأطفال ليكون بمثابة العلامة الفارقة لها، رغم تكرار نصائح ونداءات أئمة المساجد بترك الأطفال الذين هم دون سن الخامسة في منازلهم، وهنا تعود العبد القادر لتنتقد قيام مجموعة من السيدات بإحضار اطفالهن الذي يتسببون بالربكة والازعاج داخل المسجد، مقترحة فصل الأمهات وأطفالهن في قسم خاص منعزل عن بقية المصليات.

وتتفق معها الدكتورة آمال نصير، المشرفة على الأقسام النسائية بالندوة العالمية للشباب الإسلامي بمنطقة مكة المكرمة، التي ترى أهمية تخصيص قسم للأمهات وأطفالهن تفادياً لازعاج بقية المصليات، وبيَّنت نصير لـ«الشرق الأوسط» أن الرسول محمد عليه السلام قال «لا تمنعوا اماء الله مساجد الله»، موضحة أن المرأة في الأصل يحل لها الذهاب للمسجد والصلاة خلف امام حسن الصوت بما يبث داخل نفسها من خشوع في الصلاة.

وتابعت نصير «لكن ما يُرى في بيوت الله من بعض النساء يدل على عدم وعي بآداب المسجد وهو ما يثير استياء الكثير من المصليات من احضار الاطفال الصغار وتجاذب أطراف الحديث»، وشبهت نصير بعض المصليات النسائية بـ«الحضانات» و«ملاعب الكرة» للفوضى التي تعم داخلها، خاصة في الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك.

من جانبها، قالت الدكتورة هدى مرعي، أستاذة الدراسات الاسلامية في كلية البنات بالدمام وناشطة دعوية، لـ«الشرق الأوسط»، انه لا بد لأي امرأة تذهب لبيت من بيوت الله أن تستشعر عظمة هذا المكان وحرمته من ناحية سلوكياتها لو أرادت احضار أطفالها، وأوضحت أن الرسول لم يمانع من وجود الأطفال في المسجد، فيما استدركت لتوضح أن عبث الطفل بالمسجد دون توجيه من والدته يدل على «جهل هذه المرأة».

وترى مرعي أن هناك الكثير من المخالفات في المصليات النسائية خلافاً لأقسام الرجال من المساجد، قائلة «لو نظرنا إلى صفوف الرجال وجدناها منتظمة بعكس صفوف النساء، وما زالت المرأة تحتاج إلى توعية بهذا الشأن»، وأردفت بأن مشكلة بعض النساء أنهن لا يستجبن بسهولة لطلب الانتظام بالصفوف، فيما أفادت مرعي أنه على المرأة أن تراعي أن للعبادة والحضور للمساجد هيئة معينة وأن تبتعد عن اللباس المزركش وغير الساتر. وفي سياق متصل، بدأت تنتشر في العديد من المساجد السعودية موضة الاحتفال بمناسبة ختم القرآن الكريم في الأيام الأخيرة من رمضان، والتي عادةً ما تتركز في ليالي 26 و 27 و 28 من الشهر المبارك، وذلك بإقامة الولائم والاحتفالات من قبل بعض المتطوعات اللاتي يفعلن ذلك بدافع الابتهاج بختم القرآن الكريم، وكحفل ختامي لتوديع السيدات المصليات اللاتي جمعهن شهر رمضان يومياً في صلاة التراويح.

في حين تعود العبد القادر لتوضح أن هذه العادة انتشرت في مساجد مدينة الاحساء، وأوضحت أن الكثير من السيدات يبدأن في أخر أيام شهر رمضان بالتنقل ليلاً من مسجد لآخر بهدف حضور احتفالات ختم القرآن الكريم، وهو ما لا تؤيده وتراه أمراً مكروهاً لكونه لم يرد عن الرسول أو الصحابة. بينما أوضحت الدكتورة نصير أنها لم تسمع بأن مسجداً في المنطقة الغربية أقام هذه الاحتفالات التي أفادت أنه عادة ما تتكفل بها دور تحفيظ القرآن الكريم، وتابعت بأن هذا الأمر قد يوجد في مساجد مناطق سعودية أخرى.

وبناء عليه، قامت بعض «المتطوعات» بطباعة فتاوى تنهى عن احتفالات ختم القرآن الكريم وتصفه بـ«البدعة» ومن ثم توزيعها على الحاضرات في المساجد، إلى جانب مجموعة أخرى من الكتب الوعظية وأشرطة المحاضرات السمعية التي تسمى «البسكوت» وبعض المنشورات الدعوية التي ينشط سوقها في شهر رمضان المبارك وتنتشر في جنبات المصليات النسائية بصورة ملحوظة، لتتحول زواياها إلى أشبه ما يكون بمكتبة «دعوية» عامة.