تكبيرات العيد تخرج العائلات السعودية من بيوتها إلى المساجد

TT

ظل الطفل فيصل كمال الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره ينتظر موعد أذان فجر أول أيام عيد الفطر المبارك، رغم خلود أفراد عائلته للنوم مبكرا، وذلك خوفا من غرقه في سبات عميق وذهاب والده بمفرده إلى المسجد لتأدية صلاة المشهد، وما أن سمع صوت المؤذن حتى هرع مسرعا إلى والده ليوقظه من نومه.

ويرجع فيصل سبب حرصه الشديد على صلاة العيد في المسجد إلى وجود جدّه الذي عادة ما يعطيه عيديته فور خروجهم من المصلى، ويقول:«أحب ارتداء ثوبي الجديد ليراه أصدقائي في الحي، كما أفضّل الخروج من المنزل صباحا كي يتسنى لي رؤية الأطفال الآخرين وما يلبسونه من ملابس جديدة، إضافة إلى أنني أرى فرحة الناس مكتملة في ذلك الوقت». ويضيف:«نجتمع في المصلى أنا وأصدقائي حتى نعرف ماذا سنشتري بالعيدية التي نجمعها من أفراد عائلتنا، وعادة ما يرافقني صديقي إلى منزلنا ليتناول معنا وجبة الإفطار، ثم نلعب كما نشاء أمام مدخل المنزل». وتحرص معظم الأسر في جدة على تأدية صلاة العيد في المساجد، لا سيما وأنها تعد من أبرز المشاهد التي تعكس فرحتهم في تلك المناسبة، عدا عن كونها عبادة تعود بالثواب الكبير لمؤديها.

بينما تشعر سارة عبد الله براحة كبيرة حينما تستمع إلى تكبيرات العيد، وتقول: «أحاول سنويا الذهاب مع زوجي وأبنائي لتأديتها في المصلى، خصوصا وأن هناك من تحضر معها حلوى العيد لتوزعها على الموجودات بعد انتهائهن من الصلاة، إضافة إلى أنها تزرع في نفوس أبنائي السرور، والذين لا يشعرون بفرحة العيد إلا في صلاة المشهد».

فيما اعتاد أبو نوف على اصطحاب أبنائه الأربعة معه لصلاة العيد، إذ عادة ما يجبرهم على النوم مبكرا ليوقظهم وقت صلاة الفجر، ويقول:«دائما أحفّز أبنائي لتأديتها، حيث انني أكافئ من يذهب معي للمسجد بمضاعفة عيديته، بينما أكتفي بإعطاء نصف قيمتها لمن يتكاسل عن الذهاب منهم».

وتخصص معظم المساجد مساحات يطلق عليها «مصلى العيد» لإتاحة فرصة تأدية الصلاة أمام العائلات نساءً ورجالا، ورغم حرارة الأجواء المناخية في بعض الأحيان، إلا أن كثيرا من الأسر لا تبالي بذلك في سبيل الإحساس بطعم العيد.

وتقول مها علي: «أعتبر أن العيد لا يكتمل إلا بتأدية الصلاة في المصلى المخصص، غير أن ما يضايقنا هو ضيق المساحة المخصصة للنساء، إضافة إلى عدم وجود تهوية تساعد على تلطيف الجو قليلا عليهن، خاصة وأنهن لا يستطعن خلع حجابهن أثناء خطبة الإمام، لأن المصلى عادة ما يكون خارج المسجد». وما زال محمد عبد الرحمن يشعر بغصّة في داخله بسبب تأخره عن صلاة العيد «حسب وصفه»، إذ ان النوم غلبه فلم يستطع إدراكها، ويقول:«كنت أنوي اصطحاب زوجتي وأبنائي، غير أنني بسبب ارتباطي بالعمل لساعة متأخرة من الليل لم أستيقظ في الوقت المناسب، ما جعلني أهرع إلى المسجد بمفردي ولم أتمكن من تأديتها».

ويضيف:«حينما رأيت النساء والأطفال أحسست بشيء من الحزن، كوني لم أقدر على اصطحاب عائلتي، خصوصا وأن فرحة العيد تكمن في تأدية الصلاة، إضافة إلى زيارة الأقارب في الصباح الباكر، والتي تضفي طعما آخر لعيد الفطر المبارك»، لافتا إلى أنه بات يفكر بطريقة يعوّض بها أسرته ليشعرهم بفرحة العيد الحقيقية.