العيد يقسم الفرحة بين المحلات التجارية.. ويحولها إلى كرنفالات

أوله للحلاقين والمشاغل.. وآخره للمنتجعات والملاهي والأسواق والمطاعم

محلات الحلاقة أغلقت أبوابها ليلة العيد بعد أمسية شاقة («الشرق الأوسط»)
TT

تشهد المراكز والمحلات التجارية على اختلاف تخصصاتها ازدهارا لا مثيل له في ليلة العيد ويومه، ويعمد الكثيرون من أصحاب تلك المحلات الى العمل طيلة الأربع والعشرين ساعة التي تسبق فجر أول أيام العيد المبارك، الأمر الذي يساهم في زيادة أرباحهم أضعاف ما كانوا يكسبونه خلال السنة.

ولم تجد بعض المحلات الا ان تغلق ابوابها يوم العيد بعد ليلة سهر شاقة ظل بعضها حتى صباح يوم امس وبعد صلاة العيد بساعات باعتبار ان هذا اليوم سيكون راحة لها، لينتقل العمل في فترة المساء الى اماكن اخرى غيرها، حيث الملاهي والاسواق والمطاعم والمنتزهات.

وهذه قصة سنوية معروفة، فيوم العيد يوم تتقاسمه المحلات التجارية منذ ان يعلن رسميا نبأ العيد على التلفاز او عبر رسائل الجوال الرسمية. يقول محمد عبد الحق، أحد العاملين في صالونات الحلاقة الرجالية: ان الأسعار تزداد بنسبة 50 في المائة خلال أيام العيد، إذ يعد موسما للعمل الذي يبذل فيه الحلاّق جهدا كبيرا، ما يدفع بصاحب المحل إلى زيادة الأسعار من أجل تعويض العامل عن طاقته المضاعفة التي يعمل بها في ذلك الوقت.

وأضاف:«معظم الزبائن يسارعون بالحجز قبل ليلة العيد، خاصة اننا نعمل 24 ساعة في تلك الليلة، فيما يصل معدل ساعات العمل خلال اليومين الثاني والثالث إلى 16 ساعة حتى يعود الوضع إلى حالته الطبيعية»، لافتا إلى أنه يستقبل حوالي 48 شخصا يوميا منذ بداية العشر الأواخر من رمضان المبارك وحتى ليلة العيد.

ويبلغ عدد الصالونات الرجالية المرخّصة في مدينة جدة 2300 صالون وفق آخر إحصائية صادرة عن إدارة الرقابة التجارية بأمانة جدة، التي يزورها حوالي 110400 فرد من مختلف الفئات العمرية وذلك بمعدل 48 شخصا في كل صالون. وتصل المبالغ التي ينفقها الرجال على الحلاقة ليلة العيد إلى 3 ملايين و312 ألف ريال سعودي للذقن، فيما يدفعون ما يقارب 5 ملايين و520 ألف ريال سعودي للشعر، خصوصا ان رسوم حلاقة الذقن تصل إلى 30 ريالا سعوديا في الساعات الأخيرة من رمضان، بينما يبلغ أجر حلاقة الرأس 50 ريالا سعوديا. ولا تقل المشاغل النسائية أهمية عن صالونات الحلاقة، إذ يتسابق معظمها على تقديم عروض مغرية لعميلاتها تتمثل في تخفيض أسعار الخدمات المتوفرة إلى النصف، غير أنها تحقق أرباحا خيالية جرّاء إقبال النساء عليها، حيث يزيد عدد تلك المشاغل عن 150 مشغلا نسائيا مصرّحا.

ويتراوح معدل ما تنفقه النساء في المشاغل ما بين مليون و 650 ألف ريال سعودي إلى 5 ملايين و775 ألف ريال سعودي في ليلة العيد، حيث أشارت صاحبة أحد المشاغل النسائية «فضّلت عدم ذكر اسمها» إلى أنها تستقبل يوميا في آخر خمسة أيام من رمضان حوالي 55 سيّدة، اللاتي يتراوح معدل إنفاق كل منهن ما بين 200 إلى 700 ريال.

وقالت:«عادة ما نضطر إلى إغلاق باب الدخول في الساعة الواحدة بعد منتصف ليلة العيد، إذ يشهد المشغل كثافة كبيرة لا تستطيع العاملات تغطيتها بالكامل، لا سيما ان القيام بالخدمات النسائية يستغرق وقتا طويلا وجهدا ليس سهلا».

فيما أكد عبود عابدين أحد العاملين في محل للمكسرات والحلويات على أن أسعار المكسرات ارتفعت بنسبة 10 في المائة عن العام الماضي، فيما لم تتغير أسعار الأصناف الأخرى، وقال:«يتجاوز معدل إنفاق العائلة الواحدة على المكسرات والحلويات في ليلة العيد 300 ريال سعودي، إضافة إلى أن دخل المحل خلال هذه الليلة يزيد بنسبة 400 في المائة عن الأيام العادية»، مفيدا بأن ذروة العمل لديهم تتمثل في آخر يومين من شهر رمضان وأول أيام عيد الفطر، خاصة ان معظم الزبائن يفضّلون شراء السكاكر والمكسرات الصينية واليابانية.

فيما طالت موجة الغلاء رؤوس المواشي منذ دخول شهر رمضان المبارك، إذ تجاوز سعر النعيمي البلدي 1000 ريال سعودي، بينما وصل سعر الحرّي البلدي الجدع إلى أكثر من 1200 ريال سعودي.

وأوضح محمد كعدور أحد التجار أن تجار القطاعي في سوق الأغنام يبيعون أكثر من 600 رأس خلال أيام العيد، عدا ما يبيعه تجار الجملة، وقال:«إن فرعا واحدا من فروع أحد المطاعم في جدة يذبح يوميا ما لا يقل عن 300 ذبيحة، إضافة إلى أكثر من 500 رأس يتم ذبحها في فروعه الأخرى قبل دخول موسم العيد»، مؤكدا أنها قد تتجاوز 1000 رأس في اليوم الواحد خلال أيام عيد الفطر المبارك، إذ تتراوح قيمتها ما بين مليون ريال سعودي إلى مليون و200 ألف ريال سعودي كحد أدنى.

وفي سياق آخر يوضح احمد عبد الكريم وهو موظف استقبال في احد الشاليهات على شواطئ جدة «ان عمليات الحجز انتهت منذ فترة وعملنا يقتصر حاليا على تنظيم الدخول والخروج وتقديم الخدمات والاحتياجات وما الى ذلك، اما الحجز فقد انتهى منذ وقت مبكر». مشيرا الى ان الاسعار لم ترتفع عن السنوات التي سبقت وهي كما هي مؤكدا «أن اسعار الشاليهات بشكل عام مرتفعة في ايام الاجازات والاعياد وهذا امر طبيعي».

ويعد موسم العيد من أهم أيام السنة بالنسبة لمحلات الخياطة الرجالية، التي تحقق خلاله أرباحا خيالية تفوق ما حققته طيلة أيام السنة الأخرى، حيث أكد عبد الكريم أحمد مدير أحد المشاغل الرجالية أن المحل يسلّم أكثر من 300 ثوب في ليلة العيد، وقال:«تتراوح أسعار تفصيل الثياب ما بين 150 إلى 200 ريال حسب نوع القماش والتطريز، ويعمل المحل من بعد صلاة الظهر وحتى الخامسة من فجر أول أيام العيد المبارك»، إذ لا يقل معدل عائدات المحل خلال ليلة العيد عن 45 ألف ريال سعودي ويزيد على 60 ألف ريال سعودي.

كما توقع عبد الكريم الخياط مسؤول المبيعات في إحدى القرطاسيات زيادة حركة البيع للوازم المدرسية خلال الأيام الأولى من شهر شوال في ظل تزامن عودة المدارس مع عيد الفطر المبارك، لا سيما ان كثافة المبيعات وصلت إلى المتوسطة في الفترة الأخيرة، وأضاف:«يبلغ عادة معدل ما تصرفه الأسرة على الأدوات المكتبية 700 ريال لكل ثلاثة أبناء، الذين يقبلون على شراء الدفاتر والأقلام، إضافة إلى رواج مبيعات أحبار الطابعات».

ومع حصة المساء، وعندما تشير الساعة الى السادسة في الغالب في اكثر المدن السعودية يبدأ السكان بشد رحالهم الى المنتزهات والملاهي والاسواق التجارية التي تحتضن العابا ومطاعم ومقاهي. يقول احمد الهليل وهو احد سكان جدة «بأن تلك عادة جرت باعتبار الاجواء تلعب دور مهما في توجيه الاشخاص باتجاه الاماكن التي يذهبون اليها». وأضاف «نستغل العيد في التجمع مع الاهل والاصدقاء ايضا والخروج معا الى الاسواق او الاستراحات او الشاليهات». وهنا يؤكد محمد اليافعي مدير احد الاسواق الكبرى في جدة «بأن السوق استعد لاستقبال الناس بشكل يومي، لكن الضغط الاكبر يكون على المطاعم والملاهي واماكن الترفيه داخل السوق».