«الخيمة السعودية» تستهوي الغربيين في احتفالات الرياض بالعيد و«الدفوف» تجبرهم على الرقص

اعتمروا الكوفية والشماغ والسدرية وتمنطقوا بالسيوف

شبان فرنسيون يشاركون الفرق الشعبية في تأدية العرضة السعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

تجاوزت نشوة الفرح التي بعثتها احتفالات العاصمة السعودية الرياض، منذ اليوم الأول من عيد الفطر المبارك وحتى ليلة أمس، السعوديين إلى غيرهم من مختلف الثقافات والأقطار، من دبلوماسيين وعاملين ومقيمين في البلاد، حيث جمعهتم الخيمة السعودية في حي السفارت، في مشهد حضاري جميل يضم أطيافا مختلفة، أتت للمشاركة والاحتفاء بالعيد. وامتزجت في الخيمة السعودية، مظاهر احتفالات العيد بأنواع وأجناس مختلفة من البشر، الذين لم تمنعهم الحدود الثقافية من مشاركة السعوديين في احتفالهم بالعيد، حيث العوائل الأجنبية تجلس جنبا إلى جنب مع مثيلاتها السعودية، مستمتعةً بالعروض والفنون الشعبية المختلفة، إضافة إلى المعروضات التراثية والشعبية من مأكولات ومنتجات حرفية ويدوية، احتضنتها أكشاك عرض صغيرة توزعت على جنبات ساحة الكندي في حي السفارات.

وشهدت العروض التراثية السعودية المتنوعة، التي نظمتها أمانة مدينة الرياض خلال الثلاثة أيام الأولى من العيد، مثل العرضة السعودية والرواية الشعبية والربابة والسامري، مشاركة أجنبية من بعض قاطني الحي الدبلوماسي، الذين عبروا عن إعجابهم بمظاهر الثقافة السعودية، من خلال رقصهم مع أفراد الفرق الشعبية، وتمايلهم بالسيوف، على أصوات الدفوف في فرحة غامرة تملؤها الابتسامات، معتمرين الكوفية والشماغ والسدرية..

وأبدى عدد من الدبلوماسيين إعجابهم بالعرضة السعودية خصوصاً، ومجمل الاحتفالات التي استمرت طوال ثلاثة أيام، واصفينها باللحظات التي كسرت الصورة الروتينية للهدوء الذي يلازم حي السفارات، حيث شهدت هذه اللحظات تفاعلا غير مسبوق من جميع فئات المجتمع من أطفال وكبار ورجال ونساء على حد سواء. وذكرت أم تركي التي تعمل عارضة في أحد أكشاك عرض الإرث الثقافي، أن إقبال الجاليات الأجنبية على الموروث السعودي يعد كثيفاً منذ أول أيام العيد، مضيفة أن الكثير ممن اعجبوا بما يتم تقديمه، فاجأوا العارضات بالسؤال عن المناطق التي تختص ببعض المأكولات، وعن ما تتميز به كل منطقة في السعودية عن غيرها سواء في مجال الطبخ أو المنتجات الحرفية واليدوية التي تم عرضها. وفي الوقت الذي اجتذبت فيه الخيمة السعودية في حي السفارات، مجموعات كبيرة من مواطنين ومقيمين وزوار، لم يكن الأمر مختلفا في مواقع أخرى كثيرة غطت جميع أنحاء العاصمة السعودية الرياض بأنواع مختلفة من مظاهر الفرح والاحتفاء بالعيد، حيث شهدت تلك المواقع إقبالاً متزايداً حتى أن بعضها لم يعد يتسع للأعداد التي ترتادها مثل ساحة الدوح التي تقع غرب مدينة الرياض، حيث أجبر المنظمون فيها مساء أمس الأول على إغلاق البوابات تفادياً للازدحام الخانق. وتلبس مدينة الرياض في مثل هذا الوقت من كل عام أبهى وأجمل حللها، وتتزين بالثريات المضيئة، والألوان المختلفة، التي تجعل منها مدينة جاذبة، تتناسب مع حجم وعظم مناسبة عيد الفطر المبارك، الذي خُصص له هذا العام 45 موقعاً يضم الساحات والحدائق والملاعب في مختلف أحياء العاصمة، لإقامة فعاليات متنوعة تتراوح بين برامج ترفيهية ومسرحيات وعروض فكاهية وعروض للجاليات المقيمة والفرق الشعبية والفنية والترفيهية المحلية والعربية، إضافة لتخصيص 7 مواقع لإطلاق الألعاب النارية.

وبدأت فعاليات الاحتفال هذا العام مغايرة تماماً، حيث تلقت مشاركات كثيفة من مختلف شرائح المجتمع من مواطنين ومقيمين وزوار، نظراً لتعدد الفعاليات في جدول تنظيمي حافل ضم أكثر من 15 فرقة شعبية تقدم ألواناً من الفنون الشعبية التي تشتهر بها بعض مناطق السعودية كفرقة الدرعية التي تقدم العرضة السعودية وفرقة جازان التي تقدم العزاوي وفرقة الدواسر وفرقة المدينة المنورة وفرقة الجوف وغيرها من الفرق الشعبية، إضافة إلى العروض الرياضية وعروض الجاليات التي لاقت بدورها جمهوراً كبيراً.

وشهدت الفعاليات حضوراً فعالاً لفرق عربية شاركت في تقديم عروض فنية تعكس ثقافة كل بلد، مثل عروض الفرق السورية واليمنية والمصرية والسودانية، حيث قدمت عروضا تراثية تعرف من خلالها الجمهور على ثقافة وتراث تلك الدول وملابسهم التقليدية وأغانيهم الشعبية، إضافة إلى مشاركات أخرى من فرق أوربية وآسيوية وأفريقية، أدت عروضا متميزة مثل الفريق النيجيري الذي أدهش الحضور بأهازيجه الشعبية الحماسية التي أديت في حركات راقصة منتظمة.

وكان للمسرح أقوى حضورٍ في تاريخ مواسم الأعياد إذ احتشدت آلاف الجماهير لحضور العروض المسرحية الرجالية والنسائية ومسرح الطفل، في مواقع متفرقة من الرياض، حيث عرضت المسرحيات الرجالية أمام حشود الجماهير بحضور ممثلين من دول الخليج، في حين قدم عرض مسرحي نسائي بعنوان (ليلة فرح) لليوم الثاني وذلك على مسرح مركز الملك فهد الثقافي قام ببطولتها عدد من الممثلات وتم خلالها مناقشة بعض الظواهر السلبية في المجتمع السعودي، إلى جانب مسابقات خفيفة للأطفال قدمت خلالها الجوائز والهدايا المتنوعة.

وفي مدينة الحكير الترفيهية عرضت مسرحية (مسيار كوم) وقام ببطولتها الممثلة منى شداد وبمشاركة من بعض الممثلات، تناولت بعض الظواهر السلبية للزيجات الدخيلة على المجتمع السعودي. وقد لاقت المسرحية إقبال وإعجاب الكثير من الحضور في اليوم الأول من العيد، الأمر الذي جعل هناك إقبالا متزايدا للأيام الذي تلته، كما استمر عرض مسرحية (قرية السوس) للأطفال على مسرح واحة الأمير سلمان للعلوم والتي تتناول قصص الجدات التراثية.

ومن بين الفعاليات الكثيفة التي شهدتها مواقع الاحتفالات بأنحاء متفرقة من العاصمة السعودية الرياض، اشتعلت سماء العاصمة بعروض الألعاب النارية على مدى الليالي الثلاث الأولى التي تعد عامل جذب كبيراً للحضور كباراً وصغاراً، إذ شهد حضورا لافتاً للأطفال الذين رافقوا آباءهم تغمرهم السعادة بهذه لمناسبة. واستمتعت العائلات السعودية والمقيمة بفعاليات احتفالات عيد الفطر المبارك التي نظمتها أمانة منطقة الرياض في عدد من المواقع المخصصة لذلك، حيث كان هناك العديد من البرامج والمسرحيات والفعاليات النسائية الأخرى التي تفاعل معها زوار تلك المواقع بتنوعها وطرق تقديمها المنظمة.

وأسهم عدد المواقع في إيجاد فرصة اكبر للزوار للاستفادة من برامج وفعاليات العيد وسط تنظيم دقيق من اللجان العاملة في الاحتفالات، فقد شهد مركز الملك فهد الثقافي مثل غيره من المواقع إقامة عدد من الفعاليات النسائية الخاصة التي من أهمها وأكثرها إقبالاً المسرحيات، إضافة إلى المهرجان النسائي الذي احتوى العديد من الفعاليات الفنية والفقرات المتنوعة كفرقة الفنون الشعبية من خلال تقديم عدد من الرقصات المنوعة لمناطق مختلفة من السعودية ومسابقات ترفيهية وجوائز قيمة والعاب منوعة.

وسجلت الاحتفالات الرسمية هذا العام التي اختتمت مساء أمس أضخم فعاليات شهدتها الرياض، بعد أكثر من عقد من الزمان على بدء تنظيم الأمانة لمثل هذه الفعاليات ضمن احتفال رسمي يقام على مدى الأيام الأولى من العيد، والتي انتهت يوم أمس وسط فرحة السكان.