العاملون في العيد: عين على العيد وأخرى على العمل

يعتبرون عملهم خدمة إنسانية ويقيمون احتفالات بالعيد في مقر أعمالهم

TT

قضى عامر البحراوي جزءا من أول يوم في العيد مع عائلته كالعادة، غير أنه اضطر إلى مغادرة المنزل في تمام الساعة العاشرة إلا ربع صباحا ليلتزم بالجلوس في مقعده بالعمل، والقيام بواجبات وظيفته على أكمل وجه.

عامر الذي يعمل كمدخل نظم مختبرات في مستشفى الملك خالد للحرس الوطني بجدة، يرى أن عمله في موسم عيد الفطر المبارك هو خدمة إنسانية تمكّنه من مشاركة المرضى الذين حرموا من قضاء عيدهم وسط أهاليهم فرحة بتلك المناسبة، ويقول: «على الرغم من أنني لم أنم ليلة العيد، إلا أن الإرهاق لم يعرف لجسدي طريقا، لا سيما أن معنوياتي مرتفعة في ظل شعوري بفرحة العيد مع زملائي في العمل، والذين عادة ما يحتفلون مع الأقسام الأخرى ويتبادلون التهاني التي تصحبها فناجين القهوة وحبات مختلفة من الحلوى»، مشيرا إلى أن الفترة الصباحية في العيد عادة ما تكون ميّتة «حسب وصفه»، حيث ان العائلات اعتادت على تغيير نظامها لتكرّس رحلات تنزهاتها في المساء.

ويضيف: «تمتد ساعات عملي في العيد حتى الساعة الخامسة عصرا، غير أنه نظرا لقلة أعداد المراجعين قد أتمكن من الخروج قبل انتهاء الدوام بساعة، إضافة إلى وجود زملاء آخرين من غير المسلمين قادرين على تغطية مكاني بعد مغادرتي المكان». ويصف عامر أجواء احتفال الموظفين بالعيد بين أسوار المستشفى، إذ يقوم مسؤولو الأقسام بعمل إفطار جماعي يدعون فيه العاملين على اختلاف جنسياتهم ودياناتهم، في محاولة منهم لإظهار الصورة الجيدة عن الدين الإسلامي، ويقول: «نكسر روتين العمل بزيارات الزملاء أيضا في الأقسام الأخرى، وتوزيع هدايا رمزية تعبيرا عن أهمية المناسبة لدينا، ما يخفف عن البعض غصّة غيابهم عن أهاليهم في مناسبة كهذه». وعلى عكس ما يتوقعه كثيرون حول معاناة الموظفين أثناء مواسم الأعياد، فإن معظمهم يشعرون براحة أثناء وجودهم في وظائفهم، خاصة في الفترة الصباحية، باعتبار أن حجم ضغط العمل يعد قليلا جدا مقارنة به في الأيام الأخرى.

وتؤكد إيمان عبد الغفور أنها شعرت بقليل من الألم حينما أجبرتها ظروف العمل على ترك عائلتها وأقاربها وهم مجتمعون حول مائدة الإفطار في أول أيام العيد، خاصة أن والدتها لم تكن راضية عن خروجها آنذاك، وتقول: «أصبح فكري مشتتا بين أجواء العيد في منزلي وواجباتي التي من المفترض إنجازها في المكتب، الأمر الذي جعلني أخطط في وقت مبكر لأستطيع الاستئذان فور الانتهاء منها والانضمام إلى فتيات العائلة اللاتي اجتمعن بمنزلنا»، لافتة إلى أنها ظلت طيلة فترة مكوثها في عملها على اتصال مع شقيقتها التي كانت في كل مرة «تستهزئ» بها كونها تعمل بمفردها في ظل تمتع زميلاتها الأخريات بإجازة عيد الفطر السعيد.

فيما اضطر الدكتور كمال أبو ركبة مدير عام مستشفى الولادة في جدة «بمحض إرادته» لقطع إجازته والوجود في المكتب كي يشارك الموظفين المكلفين فرحتهم بالعيد، وقال: «كنت حريصا جدا على حضور احتفال العيد الذي أقامه مسؤولو الأقسام مع موظفيهم، لا سيما أنه تم التخطيط له منذ شهر رمضان المبارك، حيث ان ملامح الفرحة باتت واضحة من خلال الزينة المعلّقة في كافة مداخل أقسام المستشفى، إضافة إلى القيام بزيارات للمرضى وتوزيع الهدايا على الأطفال هناك».

وأفاد بأن العمل في مجمله عبادة، وفيه استفادة من الوقت الذي عادة ما يهدر في النوم، خاصة أن الأوقات المناسبة للخروج والتنزه تكون في المساء، إضافة إلى إحساس العاملين بالفرحة من خلال الهدايا والحلويات واجتماعهم كلهم في مكان واحد. وحول تعويض الموظفين المكلفين بالدوام في مواسم الأعياد ذكر أن ذلك يتبع النظام المعمول به في المستشفيات والصادر من وزارة الصحة، والذي يقضي باحتساب الأيام الثلاثة الأولى من العيد بستة أيام تضاف إلى رصيد إجازة الموظف، بينما تحسب الأيام الأخرى بعددها الأصلي، ليستطيع بعد ذلك الموظف الاستفادة منها كإجازة متصلة أو منفصلة.

وأضاف: «يتم اختيار عدد كاف لتغطية العمل في العيد والمقتصر على الحالات الطارئة فقط، والذي عادة لا يقل عن 50 في المائة من عدد الموظفين الأساسي الموجودين في القسم»، منوّها إلى أن ترشيح أسماء المكلفين بالعمل في الأعياد يراعى فيه العدل، حيث يكلف الموظف بالدوام في أحد العيدين دون الآخر، إضافة إلى تغيير الأسماء سنويا وتوزيع التكليفات على كافة العاملين بالمستشفى.