الرياض: أشهر سوق للحراج يستهوي الباحثين عن «الملابس المستعملة»

من بينها ماركات عالمية وأسعارها تبدأ من 3 ريالات.. وزبائنه لجأوا إليه فرارا من ارتفاع الأسعار

مشتريان يقفان أمام بائع يعرض بضاعته للبيع في أحد ممرات حراج بن قاسم في الرياض (تصوير: أحمد يسري)
TT

يعدّ سوق «الحراج» أو ما يطلق عليه «حراج بن قاسم»، أحد أشهر الأسواق القديمة في العاصمة السعودية الرياض، حيث يجاور أحد أقدم الأحياء التي سكنها السعوديون منذ زمن، وهو حيّ «منفوحة القديمة»، الذي ظلّ لعقود طوال حيّا نابضا نظير كثرة أسواقه ومحلاته وتعدد اختصاصاتها.

في هذا السوق يمكنك الدخول بأي مبلغ من المال، حتى وإن كان المبلغ الذي بحوزتك لا يتجاوز عشرة ريالات، وأنت تقصد باعة يتجاورون في أماكن مبعثرة ويستجدونك للشراء منهم، حتى ان تلك المحال الصغيرة المرتبة ترتيباً بدائياً، بالإمكان أن تخرج منها أيضاً محمّلاً بأكثر من شيء!، بل إن عاملاً آسيوياً في ورشة للسيارات خرج مكتسياً لباساً كاملاً، بقيمة 15 ريالاً وهي القيمة التي قد تعادل وجبة عشاء في مطعم عادي.

زوّار هذا السوق الشعبي القديم خليط من العمالة الآسيوية الوافدة من ذوي الأعمال ذات الأجور المحدودة، وبعض السعوديين الذين يأتون لمتابعة بعض البضائع التي تنتظر من يشتريها «جملة» لأعلى سعر، إلى جانب عدد من الهاربين من ارتفاع الأسعار، وأولئك المحتاجين.

ورغم التطورات الحديثة التي طرأت على المدينة وطالت حتى الحي الذي يجاور السوق، مازال حراج «بن قاسم» يحتفظ بملامحه الشعبية التي ظل عليها على مرّ السنين الماضية وتدار به صفقات بيع وشراء لبضائع حديثة ومستعملة بالجملة والتجزئة تقدّر بآلاف الريالات يومياً وموسمياً.

وإن لم يكن هناك أي لافت في أمر هذا السوق الذي يعرفه السكان (بخلاف الجيل الحالي)، فهناك مشهد مختلف يلفت النظر، حيث إن هذا السوق الذي يباع به كل شيء!، وعلى جنباته تنتشر محلات وأسواق مختلفة البضائع وعلى أرصفته تلمح أغراضاً متباينة يعرضها الباعة على روّاد السوق، ويرتكز المشهد المختلف هذا على سوق للملابس المستعملة.

وفي دهاليز ضيقة تتوسطها أعمدة حديدية علّقت على أطرافها أصناف متعددة من الملبوسات الرجالية والنسائية والأطفال، تشاهد الفساتين النسائية المستعملة والخاصة بحفلات الزفاف وفساتين الموضة والسهرات تباع بأبخس الأثمان ولا يتجاوز سعر أفضلها 50 ريالاً أي ما يقارب 13 دولاراً، ومن خلفها ثياب رجالية بكافة الألوان تبدأ أسعارها من 5 ريالات ولا تتجاوز 15 ريالاً.

من بين أكوام الملبوسات، تتكئ خديجة ـ وهي امرأة أربعينية ـ على كرسي خشبي وأمامها ثلاجة صغيرة وضعت بداخلها بعض المرطبات التي ربما تروي عطش اللاهثين خلف احتياجاتهم في هذا السوق، تشير خديجة إلى أنها تمارس بيع بعض الملابس من وقتٍ لآخر، مؤكدة أن هذا السوق له رواده وأناسه، والملابس لها من يشتريها «فهناك من لا يبحث عن الجديد»، وهي الآن تمارس بيع المرطبات لأن ذلك أمر أسهل بالنسبة لها. ويقول العاملون في السوق إن هناك إقبالاً من بعض النساء اللائي لا يقدرن على شراء فساتين الزفاف الجديدة التي قد تكون باهظة الثمن نوعاً ما، فيلجأن إلى «المستعمل» الذي قد يفي بالحاجة. خارج نطاق تلك المحلات الصغيرة، هناك مفترشون على الأرض يبيعون ملبوسات مستعملة، لكنها أقل جودة من تلك المغلفة بأكياس محلات غسيل الملابس، وبالتأكيد فهي أقل سعراً منها، فقد تجد بنطالاً يحمل اسم ماركة عالمية بسعر لا يتجاوز 4 ريالات (دولارا واحدا)، وفي كل الأحوال لا تخلو هذه ولا تلك من روّادها الباحثين عن الملابس المستعملة.

شهير ـ عاملُ آسيوي ـ في العقد الثالث من عمره، جلس إلى بضاعة ابتاعها جملة ليعرضها في المحل الذي يعمل به، والذي بالكاد يكفي لمرور شخص واحد، يوضح بأن المحلات هنا، لا تتجاوز مبيعاتها ما قيمته 250 ريالا للمحل الواحد يومياً، على أحسن الأحوال، لكن هذا المبلغ برأيه يعدّ محرزاً بالنظر إلى الخدمة التي يقدمها هذا السوق، إلى جانب الشريحة التي ترتاده.