سكان جدة يراهنون على تطوير العشوائيات لحل جميع مشكلاتهم

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: المشروع يتصدى لـ «الجريمة» و«التخلف» و«الإرهاب»

TT

على الرغم من التغيير الجذري للمحيط الاجتماعي الذي ألفوه وعاشوا فيه ربما طوال سنوات عمرهم، إلا أن سكان الأحياء العشوائية أكثر تفاؤلاً بما ستأتي به خطة تطوير البنية التحتية لمدينة جدة، وتطوير المناطق العشوائية بها بشكل خاص، إذ يعلقون عليها آمالاً كبيرة في تغيير حياتهم للأفضل وتوفير مستقبل أكثر إشراقاً لأبنائهم.

التفاؤل الذي يشعر به سكان العشوائيات يشاركهم فيه عدد من الخبرا والمتخصصين في مجالات مختلفة يجمعهم الإيمان بأن الأحياء العشوائية تشكل مراتع خصبة للإجرام والإرهاب والأمراض الفتاكة والتلوث البيئي.

ويؤكد الخبير الأمني واللواء المتقاعد يحيى بن سرور الزايدي أن هذا المشروع مهم للغاية من نواح عديدة، كونه سيطور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لهذه المناطق للأفضل، وسيساهم في ربط سكانها أكثر بالمجتمع، الأمر الذي سيعود عليهم بالنفع والفائدة.

وأضاف الزايدي: «المناطق العشوائية بخدماتها الشحيحة وطرقها الضيقة المظلمة والوعرة تغري المشبوهين وأصحاب الجرائم وأرباب الفكر الضال في التخفي فيها والاستفادة من عزلتها لجعلها وكراً وملاذاً آمناً لانحرافاتهم ومخالفاتهم، وهو ما يشجع على انتشار الجريمة في تلك المناطق، خاصة مع صعوبة تسيير الدوريات الأمنية ووصولها إلى تلك الأوكار».

وأشار الزايدي إلى أن هناك مشكلة أخرى، سيسهم المشروع في حلحلتها بشكل حاسم وجذري وهي مشكلة مخالفي نظام الإقامة، الذين غالباً ما يتخذون من الأحياء العشوائية مأوى لإقامتهم، نظراً لصعوبة وصول حملات التفتيش الأمنية إلى كثير من هذه المناطق، ومن الأكيد أن إعادة تنظيم وتطوير هذه المناطق سيخرج للسطح الكثير مما هو مختف تحت القاع، وسيساهم في الحد من ظاهرة التخلف.

وأكد اللواء الزايدي بأن المشكلات التي ستحل عن طريق إعادة تخطيط وتطوير المناطق العشوائية لا تقتصر على الجوانب الأمنية والاقتصادية، فبعض الأمراض والمشكلات البيئية التي كانت الأمانة على سبيل المثال تحاول إيجاد حلول جذرية لها كحملتها لمكافحة البعوض المسبب لحمى الضنك على سبيل المثال كانت دائماً تصطدم بعدم توافر الخدمات وسوء البنية التحتية في المناطق العشوائية لتفشل في النهاية على الرغم من الجهود ومن الأموال التي تتكبدها الدولة في معالجة هذه المشكلات، وبأنه بعد تصحيح وضع العشوائيات وإعادة تخطيطها بشكل سليم وصحيح وبخدمات صحية متوافرة لن تواجه الأمانة أو الصحة أو أي جهة أخرى مشكلات في تنفيذ خططها الرامية لخدمة المواطنين ولن يكون هناك هدر إضافي للوقت والجهد.

ومن جهة أخرى أكدت الدكتورة سعاد بن عفيف، استاذة علم الاجتماع بجامعة الملك عبد العزيز، بأنه على الرغم من كون مشروع تطوير العشوائيات، سيساهم في التخلص من الكثير من المشكلات البيئية والاجتماعية والأمنية، وسيحسن ظروف البنية التحتية لآلاف العائلات إلا أن نقل هذه العائلات إلى مساكن بديلة خارج محيطها الاجتماعي الذي ألفته من سنين طويلة قد يؤثر فيها بشكل آخر ويتسبب بإرباكهم بعض الشيء، داعية إلى أن يتم دراسة النقلة الاجتماعية لسكان العشوائيات في جدة بتأن وبشكل علمي معمق لمعرفة هذه التأثيرات ومعالجتها من جهة ومساعدتهم على الوفاء بمتطلبات معيشتهم الجديدة حتى يندمجوا في المجتمع بشكل أكثر سلاسة.

وعلى الرغم من تنبيهات خبراء علم الاجتماع بضرورة دراسة وبحث آثار وانعكاسات التطوير المتوقعة على أهالي الأحياء العشوائية، إلا أن أهالي العشوائيات أنفسهم يرحبون كثيراً بالمشروع وينتظرونه بفارغ الصبر كما يقول صلاح سيد، الذي يعوّل كثيراً على المشروع ويعتقد أنه سيوفر مستقبلاً أفضل لأبنائه يفوق ما يمكن أن يقدمه لهم، ويعتقد سيد بأن هذا المستقبل المشرق لأبنائه أهم من حزنه على فراق جيرته القديمة التي يمكن ألا تعوض على حد قوله لكنها ليست أهم من حياة كريمة لأبنائه.