الأزمة المالية.. وجبة دسمة لأبحاث طلاب الجامعات السعودية

اقتصاديون نصحوا باستثمارها أكاديميا.. ووصفوها بـ«المسرح» الحي

أثر الأزمة الاقتصادية يصل إلى مناشط وأبحاث الجامعات السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

عملاً بمقولة «مصائب قوم عند قوم فوائد»، وصل صدى الأزمة المالية العالمية إلى أبحاث وأنشطة الجامعات السعودية التي عادت لفتح أبوابها مطلع السبت الماضي، وسط توقعات بأن تكون الأزمة هي الموضوع الأبرز لأبحاث آلاف طلاب وطالبات كليات الاقتصاد والإدارة في السعودية لهذا العام، في ظل التفاعل الأكاديمي من قبل بعض الاقتصاديين الذين وصفوا الأزمة المالية بأنها مسرح حي ومثير قلما يتكرر.

وقال الدكتور يوسف الزامل، أكاديمي ومستشار اقتصادي في شركة الزامل للاستشارات الاقتصادية بالرياض، لـ«الشرق الأوسط»، ان الأزمة المالية فرصة جيدة لفهم نظريات الاقتصاد الرأسمالي واستيعاب الأزمات والسياسات قصيرة وطويلة الاجل وتبعاتها على الأنظمة الاقتصادية في دول العالم، واعتبر الأزمة تطبيقاً للمفاهيم والنظريات الاقتصادية التي تـُدرس في الجامعات، ومشهدا حيا من المهم استثماره.

وتتفق معه الدكتورة أمجاد الكومي، أستاذة قسم المحاسبة في جامعة الملك فيصل بالدمام، التي أشارت لنية طرح موضوعات الأزمة في المشاريع البحثية لهذا العام، خاصة أن الكومي هي المشرفة على أبحاث تخرج قسم المحاسبة بالجامعة، فيما ترى أن الوضع الاقتصادي المعاش يغري على إعادة قراءة الأحداث المتلاحقة حول أزمة الأسواق المالية والتضخم والرهن العقاري والحرية الائتمانية.

وتابعت الكومي حديثها لـ«الشرق الأوسط» موضحة أن هناك الكثير من الأفكار التي يحملها الاكاديميون والاقتصاديون تجاه واقع الأزمة المالية العالمية والأسباب والمراحل التي وصلت إليها، وفق ما وصفته بـ«استثمار الأزمة» والربط بين الجوانب النظرية والتطبيقية على أرض الواقع، ومن ثم نقلة للمهتمين وإغراء الطلبة بالبحث حوله كوجبة «دسمة» اقتصادياً.

في حين يعود الزامل ليؤكد أن مشكلة التعاطي مع الأزمة المالية العالمية أكاديمياً تكمن في ضعف الربط بين الجانبين العملي والنظري داخل أقسام الاقتصاد في معظم الجامعات السعودية، مرجعاً ذلك لغياب الباحثين الذين يراهم بمثابة حلقة الوصل المفقودة، وهو ما يعتقد أنه يتطلب مجهوداً مضاعفاً لعكس آراء المختصين وإتمام الأبحاث العلمية.

ويبدو أن للطلبة رأيا مختلفا حيال الأزمة المالية، تصفه رنا سالم، طالبة في كلية إدارة الأعمال بالرياض، بالقول، ان الأزمة المالية رغم انعكاساتها السلبية الا أنها أغرت الكثير من الطلبة على متابعة كافة تطوراتها، مضيفة بأنها تعتزم تخصيص أبحاث العام الجاري لتناول انعكاسات الأزمة المالية بعد أن تمكنت من قراءة الكثير من الكتب والمقالات المتعلقة بها خلال الإجازة الصيفية.

وحول آلية التفاعل الاكاديمي مع الأزمة المالية، تذهب الكومي إلى ما يقوله بعض خبراء الاقتصاد بأن الدول العربية والخليجية قد تكون آخر الدول المتأثرة بأضرار الأزمة المالية، مشيرة إلى أن تحقيق مفهوم الاقتصاد المستمر يعني أن يكون التعاطي الاكاديمي مع الأزمة بالنظر حول أحداثها الاقتصادية والاستفادة منها، مضيفة «أما مسألة إيجاد الحلول فهي أمر صعب».

ويؤيد ما ذهبت إليه الكومي تقديرات وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية وصندوق النقد الدولي وبعض مراكز الدراسات المتخصصة التي تشير إلى أن الاقتصاد السعودي سيستمر في تحقيق معدلات نمو إيجابية مطمئنة خلال الفترة المقبلة، في الوقت الذي يرى فيه المختصون أن السعودية ستستفيد من هذه الأزمة بخفض معدلات نمو الأسعار العالمية المتوقع للمواد الغذائية ومواد البناء وباقي السلع الاستهلاكية ومدخلات الإنتاج، مما سيساعد على خفض معدلات التضخم.

وبالعودة للأزمة المالية في الأروقة الأكاديمية، فقد دق العالم الشهير ريتشارد ليكي مطلع هذا الأسبوع ناقوس الخطر، محذراً من أن تداعيات الأزمة على مجالات الأبحاث ستكون مدمرة في غضون الأعوام القليلة المقبلة. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن ليكي قوله إن الهبات ستتلقى ضربة كبيرة بما سيؤثر في أهداف البحث العلمي في العام المقبل وما يليه، وإن الأزمة انتشرت، وفي الكثير من أصقاع العالم هناك الكثير من العلوم التي تحتاج إلى الدعم، لذلك فإنني أعتقد أن الآثار ستكون خطرة.

تجدر الإشارة إلى أن الميزانية السعودية الأخيرة البالغ حجمها 410 مليارات ريال (109.3 مليار دولار)، تم تخصيص نحو 105 مليارات ريال منها لقطاع تنمية القوى البشرية ورفع كفاءتها في مجالاتها المتعددة، والتي يأتي من ضمنها دعم البحث العلمي، وهو مخصص كان قد قدره الاقتصاديون بالمرتفع مقارنة بالعديد من الدول المجاورة.