القضاء ينظر في 3 آلاف قضية بين مشترين لـ«شقق تمليك» وباعة عقارات في جدة

خبراء يحذرون من الغش في هذه البنايات واكتشاف عيوبها بعد سنوات

مع انتشار ظاهرة تمليك الشقق السكنية ظهرت العديد من السلبيات التي سيبت القضاء فيها لتحديد الخطوط العريضة لهذا القطاع الجديد («الشرق الأوسط»)
TT

تنظر جهات قضائية في مدينة جدة (غرب السعودية)، في نحو 3 آلاف قضية خاصة بين مواطنين اشتروا شقق تمليك وأصحاب تلك العقارات التي تم بيعها. وعزا عدد من المتخصصين في المجال العقاري ارتفاع عدد القضايا الى غياب نظام او عقد يلزم بتوفير الصيانة وخدمات ما بعد البيع، ويحفظ حقوق المشتري كما يضمن للبائع حصوله على أمواله.

وقال عبد الله الأحمري، نائب رئيس اللجنة العقارية بغرفة جدة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن هناك نحو ما بين الألفين إلى ثلاثة آلاف قضية قدمت لجهات قضائية في جدة وحدها من قِبل مواطنين تضرروا بسبب شرائهم مساكن تمليك وبسبب عدم وجود الأنظمة الصريحة الملزمة للبائعين».

الى ذلك كشف عبد الله البلوي، شيخ طائفة الدلالين العقاريين بجدة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، عن مشروع تتم دراسته لحل مثل تلك القضايا، مشيرا إلى أن المشروع يتضمن تكوين ما يسمى باتحاد السكان في كل منشأة، على غرار ما هو معمول به في بعض مشاريع الإسكان في جدة، حيث يلزم الساكنون بدفع مبلغ مالي سنوي ويقوم المجلس بكافة المتطلبات.

وفي الوقت الذي تتصدر فيه السعودية قائمة أغنى دول العالم، نجدها على النقيض من ذلك تتصدر قائمة الدول التي لا يمتلك مواطنوها مساكن خاصة بهم، إذ أشار عدد كبير من الخبراء إلى أن نحو 25 إلى 35 في المائة من السكان فقط هم مَن يمتلكون مساكن، والغالبية العظمى من السكان لا يستطيعون شراءها بسبب غلاء أسعارها، إضافة الى ارتفاع أسعار الأراضي والبناء بنسب تفوق 100 في المائة.

وهو الأمر الذي دفع الكثير من سكان السعودية إلى الاستعانة ببدائل وأنظمة لتلك المساكن وذلك عن طريق الاقتراض او الشراء بنظام التملك من خلال تشييد بعض رجال الأعمال عمائر سكنية تحوي العديد من الشقق، وبيعها على الأفراد بنظام التقسيط او نظام التمليك، التي يضطر فيها الساكن لدفع ما جمعه من مال على شكل دفعة أولى ومن ثم يقوم بسداد قيمة الشقق على فترات زمنية تصل إلى عشر سنوات، وتتجاوز فيها أسعار الشقق قيمتها الأصلية بمراحل.

وبالعودة الى عبد الله الأحمري، نائب رئيس اللجنة العقارية بغرفة جدة، يشير الى «أن الوضع الحالي يتطلب من الجميع تفعيل قرار فرز الوحدات الذي اقره مجلس الوزراء، وهو النظام الذي ينتظر لائحته التفسيرية التي من المفترض أن تصدرها وزارة الشؤون البلدية والقروية، ليحدد أنظمة التملك والعقار والمنافع العامة التابعة لها، خصوصا في نظام التملك، وتشمل هذه المنافع كافة الخدمات التي تحتاجها المساكن، سواء الصيانة أو المواقف أو مشاكل الصرف الصحي وغيرها من الخدمات». كما أشار الأحمري إلى نقطة مهمة في النظام تحتاج التفصيل والمراجعة، وهي البند الذي ألزم سكان أي منشأة من هذا النوع بتكوين مجلس الملاك الذي حدد في القرار بعدد 21 فردا يمثل كل منهم شخصا من كل شقة في العمارة التي تتكون من 21 شقة سكنية، لكن الأمر يختلف تماما، إذ لا يتجاوز عدد سكان عمائر التمليك ثماني أو عشر شقق في الوقت الحالي.

واتفق عبد الله البلوي، شيخ طائفة الدلالين العقاريين بجدة، مع نائب رئيس اللجنة العقارية، على أن المرحلة المقبلة مهددة بانفجار عدد كبير جدا من المشاكل، كون نظام التمليك نظاما جديدا في السعودية، وهو نظام مستورد من الخارج، ومعظم العمائر السكنية المطبق بها النظام جديدة، ولم تظهر عليها المشاكل في الخدمات، ومع تقدم عمرها الزمني ستظهر تلك المشاكل وستواجه الجهات القضائية سيلا كبيرا من القضايا، الأمر الذي يستوجب تدخلا سريعا من الجهات المسؤولة، خصوصا الأمانات، التي حمّلها الأحمري المسؤولية، وقال «عليها الإسراع في إيجاد وتفصيل لائحة لمساكن التمليك بدلا من توجهها إلى محاسبة ومطاردة مخالفات الشقق المفروشة التي هناك جهات مختصة تتبع لها مخولة بمراقبتها ومحاسبتها مثل وزارة التجارة وهيئة السياحة والآثار».

ويعود عبد الله الأحمري، نائب رئيس اللجنة العقارية بغرفة جدة، الى تحذير المواطنين من الانجراف وراء العروض الوهمية التي تقدمها بعض الشركات الأجنبية التي تستثمر في بناء الأبراج السكنية بنظام التملك وتقوم ببيع الشقق بنسبة تفوق 150 في المائة مما هو موجود في البرج، مشيرا الى ورود العديد من القضايا في هذا الشأن، وداعيا الجهات المسؤولة الى اتخاذ إجراءات رقابية تخدم المواطنين قبل التغرير بهم.

يذكر أن السعودية كانت قد أصدرت لائحة تتضمن قوانين وتشريعات متميزة تحكم وتنظم جوانب عديدة في السوق العقاري السعودي، إلا أن الكثير من الأفراد يجهلون وجود نظام ينظم علاقاتهم مع عقاراتهم، بشكل يساعد على تجنب الكثير من المعوقات والمشاكل المستقبلية بعد امتلاك مساكنهم، حيث تتضمن التشريعات والقوانين قرارات لا تنفذ ولا يؤخذ بها، ومثال ذلك وجود لائحة تنفيذية لنظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها، التي تتضمن 23 مادة تعمل على تنظيم عملية فرز الوحدات وتنظيم عملية إدارة الوحدات العقارية المفرزة بين ملاك تلك العقارات. وكانت «الشرق الأوسط» استطلعت في وقت سابق العديد من آراء العقاريين حول هذه التشريعات وأشاروا في حينها إلى أن سبب عدم تنفيذ تلك اللائحة يأتي من خلال قلة المشاريع أو العقارات التي تتضمن أكثر من مالك بعد فرزها، وعدم التزام الكثير من الملاك بالقرارات التي تتضمنها اللائحة، حيث تلزم اللائحة الملاك بجوانب معينة في عملية السكن، في حين أن كثيرا من ملاك تلك العقارات لا يلتزمون بقرار تلك اللائحة، وهو الأمر الذي يعرقل مجهودات بعض الملتزمين بالنظام.