شقق التمليك «حلم» يتحول أحيانا إلى «كابوس»

TT

كان أحمد عبد الله يستمتع كثيرا في التأمل بجدران شقته «الحلم» التي امتلكها بعد جهد جهيد، بل كان يتجوّل في أرجائها وراحة البال تملؤه بالكامل، لاسيما انه استطاع توفير قيمتها بعد أن اضطر لبيع أحد أملاكه في مكة، لينتقل إلى مقر عمل أبنائه، في محاولة منه للم شتات أفراد أسرته الذين انقسموا ما بين منزل العائلة الأساسي بمكة، والسكن بالقرب من وظائفهم في جدة «حسب قوله».

أحمد الذي دفع حوالي 600 ألف ريال ليحصل على منزل العمر، بات يخشى النظر في أسقف غرف شقته التي تحولت الى «كابوس»، بعد أن تعكّر بياضها من جرّاء السباكة «المغشوشة»، التي تعاني منها العمارة بأكملها، ويقول: «فوجئت بعد مرور ثلاثة أشهر بتكوّن بقع في أسقف بعض الغرف ودورات المياه، إضافة إلى التشققات التي زادت الحال سوءا، إذ بدأت قطع الجبس بالسقوط، مما جعلني أقرر على الفور إعادة السباكة في الشقة بأكملها خوفا من تعرّض أبنائي للأذى».

ويضيف: «دفعت ما يزيد على 60 ألف ريال لتصليح المنزل بكامله، حيث كلفتني السباكة أكثر من 15 ألف ريال، فيما تجاوزت قيمة دهانات الجدران 5 آلاف ريال، إضافة إلى ما دفعته لجاري الذي يسكن في الأسفل من تعويضات عن التلفيات التي طالت أسقف شقته من تسليكات دورات المياه الرديئة في شقتي»، لافتا إلى أن مالكي شقق التمليك يعمدون لاستخدام مواد تجارية مغشوشة، وعمالة تفتقد الاحترافية في العمل. ولايزال عبد الرحيم سالم يعاني من تملكه لشقة في أحد المخططات الجديدة بجدة، إذ دفع حتى الآن ما يزيد على 30 ألف ريال لتكسير الأرضيات وتغيير جميع التوصيلات الداخلية للسباكة، ويؤكد على أن تلك الخسائر في ازدياد «على حد قوله». ويقول: «لم أجد ما كنت أتمناه في منزلي الذي امتلكته منذ حوالي سنة، إذ من المفترض حسب ما أكده لي صاحب العمارة أن تحتوي جدران الشقة على مادة عازلة للحرارة، إضافة إلى اكتمال التوصيلات الداخلية للكهرباء، التي ستكلفني حوالي 20 ألف ريال لإعادة توصيلها مجددا بالشكل الصحيح».

ويضيف: «من المتوقع أن تكون كمية الحديد المستخدمة في بناء العمارة أيضا مغشوشة، الأمر الذي قد يؤثر سلبيا على السكان في حال أراد مالكها زيادة الأدوار السكنية فيها».

ولا تنحصر معاناة ساكني شقق التمليك في إطار السباكة والكهرباء فقط، حيث ان الكثير منهم غرر بهم من ناحية توفر الخدمات الأخرى، إذ ندم علي أحمد على شرائه شقته بعد أن أقنعه المالك بعدم انقطاع الماء في الحي نهائيا، ويقول: «لا يواجه مالك الشقة أي مشكلة متعلقة بالماء في الشهور الثلاثة الأولى من سكنه، غير أنه يبدأ في إنفاق مبالغ طائلة على صهاريج المياه بعد أن يكون قد «تورّط» في امتلاكه للشقة»، مشيرا إلى أن معظم أصحاب بنايات شقق التمليك هم من الأجانب الذين يستخدمون أسماء السعوديين ليتحايلوا بها على القانون.

ويطالب علي بضرورة إلزام مشتري شقق التمليك بوثيقة رسمية تنص على تحملهم مسؤولية أعطال مرافق البناية والمتضمنة المصاعد وغيرها، في ظل عدم وجود ضوابط تلزمهم بذلك، ويضيف: «ينبغي إلزام المشتري بالتوقيع على تلك الوثيقة منذ إفراغ الشقة باسمه لدى كاتب عدل منذ البداية، خاصة ان مالك العمارة يخلي مسؤوليته تماما عما يحتاجه السكان فور انتهائه من بيع الشقق بالكامل، الأمر الذي يصعّب على المشترين الوصول إلى المالك في حال وجود أي خلل بالبناية».

ويضيف: «فيما يتعلق بالغرف المخصصة للسائقين، فإنه عادة ما توضع تكاليف الكهرباء المستهلكة بها على عدادات الشقق الأخرى، إلا أن بعض السكان لا يستفيدون من تلك الغرف لعدم وجود سائق لديهم، فليس من العدل أن يدفعوا تلك التكاليف التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل».