وزير الشؤون الإسلامية يحث الدعاة على تطوير أنفسهم لمواكبة تغير الأزمنة

رسم في لقاء حضرته «الشرق الأوسط» خطة إنقاذ لمواجهة ركود الدعوة.. وكشف عن خطة لبناء مقر جديدة للوزارة

الشيخ صالح آل الشيخ
TT

رسم الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية، في السعودية «خطة إنقاذ» لمواجهة ما إعتبره ركودا في الدعوة، وذلك خلال لقائه بـ 70 داعيا نهاية الأسبوع الماضي، والذي حضرته «الشرق الأوسط».

وبحسب الوزير السعودي، فإن أسبابا تقف أمام ما يواجه «الدعوة إلى الله» هذه الأيام من ركود، وهو ما جعل بعض الدعاة المؤثرين يبحثون عن مواقع أخرى للتأثير كالقنوات الفضائية وغيرها.

وأشار صالح آل الشيخ، إلى وجود تحديات ضخمة تواجه الدعاة السعوديين في هذا الزمن، لكنه شدد على أهمية ألا تضعف تلك التحديات «همم الدعاة».

وأقر في السياق نفسه بعجز وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد عن تغيير المجتمع بشكل كبير، عبر دعاتها الذين لا يتجاوز عددهم الـ200، وهو ما دفعها للانفتاح على كل الفعاليات المؤثرة في المجتمع، بعيدا عما أسماه بـ«العوائق والحساسيات» التي كانت تحول دون الاستفادة من تلك الفعاليات قبل عقد من الزمن.

وذهب الوزير السعودي، إلى التأكيد أنه خروجا من الركود الذي عانى منه مجال الدعوة هذه الأيام «ذهب عدد من نوابغ الدعاة والمؤثرين فيهم إلى الفضائيات المتنوعة، الإسلامية وغير الإسلامية، الملتزمة وغير الملتزمة، التي تحترم الشرع والتي لا تحترمه، ليكونوا عبرها مؤثرين خروجا من ركود الدعوة والوصول إلى مواقع التأثير».

ولفت إلى أن من أكبر الملاحظات المسجلة على الواقع الدعوي في البلاد، «التساهل في الدعوة وسبيلها، وسوء الظن في أثرها على الناس، والانصراف عن العلم ومقتضاه ومراجعته».

وأمام ذلك، طلب الوزير السعودي، من دعاة وزارته، ألا يتغلغل اليأس إليهم جراء «صوارف هذا الزمن، والتحديات الضخمة، والتسلط الكبير العظيم في صد الناس عن التعبد لله جل وعلا، والترغيب في الركون إلى الدنيا وملذاتها وشهواتها»، وهو ما قد يدفع بالدعاة، طبقا لآل الشيخ «لليأس والإعراض عن سبيل الدعوة».

وحاول الشيخ صالح آل الشيخ، إعادة الثقة إلى دعاة وزارته بقوله «كون أننا نبلغ بالأثر (أثر الدعوة) أو لا نبلغ، هذا ليس مطلوبا منا لا شرعا ولا قدرا، ولا مطلوبا منا عند العقلاء». وقال «المطلوب منا البلاغ، وألا يأتي اليوم الذي ينسى الناس فيه دينهم، فهذه هي المصيبة».

وأضاف انه «ليس من عتب على داعية، أن يكون غيره أمكن منه، ولا أن يكون غيره أقعد منه في الدعوة، ولا أن يكون غيره أكثر تأثيرا منه، أو أحفظ منه، أو أنشط منه، أو أبلغ في التأثير. ليس من عتب عليه في ذلك».

وأقر آل الشيخ، بوجود مشقة يواجهها الدعاة هذه الأيام «ما بين واقع يثبط وشهوات تصرف». وأضاف «أنه لولا أن منحني الله وإياكم الصبر، لما بقي في هذا الميدان لا المتحدث (الوزير) ولا السامع (الدعاة)، وذلك لأن الأمر ضخم وكبير».

«خطة الإنقاذ»

* ودعا وزير الشؤون الإسلامية، دعاة وزارته، إلى تطوير أنفسهم، وطرق الدعوة التي يتبعونها. وقال «في تغير الأزمنة، من الحسن أن يطور الداعي نفسه، بحيث يرى أبلغ الأشياء تأثيرا في الناس»، لافتا إلى أن المدنية في تأثيرها في الإنسان، تجعله يتغير بمؤثرات مختلفة، وهو ما يستوجب تطوير وتغيير أساليب الدعوة.

وذهب آل الشيخ، لمحدودية وسائل التأثير التي يستخدمها الدعاة، والتي لا تتعدى طرق «الترغيب، أو الترهيب، أو تبيان العلم، أو الأسلوب القصصي». وشدد على أهمية ألا يكون دعاة اليوم بعيدين عن وسائل التأثير الرائجة في هذا العصر. ونبه الوزير دعاة وزارة الشؤون الإسلامية الى أن بلاده ستشهد بعد فترة أجيالا سيكون لديها منطق جديد وتفكير جديد، مستندا الى أن 60 في المائة من السكان تقل أعمارهم عن 25 سنة، فيما 50 في المائة منهم هم من دون الـ20 سنة، مؤكدا على ضرورة «ملاحقة كيف يفكر الناس هذه الأيام، لمعرفة كيفية التأثير فيهم».

«مستوى الدعاة»

* ويوجد في السعودية، قرابة الـ200 داع، غالبيتهم في منطقة الرياض، (70 داعيا)، وقال وزير الشؤون الإسلامية «من المعلوم أن دعاة الوزارة قلة. فأكثر نسبة من الدعاة والوعاظ والمرشدين في منطقة الرياض، هناك مناطق لا يوجد بها أي داع، وهناك مناطق يوجد بها داع واحد، حتى أنه لا يتمكن من الاستمرار في عمله وذلك لظروف تتعلق ببيئة المحيط الذي يعيش فيه».

وأضاف «جميع الدعاة لدينا لا يتجاوزون الـ200، والذين يعملون في الميدان فعليا يمارسون الدعوة بجودة قد لا يبلغون الـ100. إذن المسألة أنه ليس عندنا قدرة كبيرة في هذه الوزارة عبر الدعاة أن نعمل تغييرا، مهما حاولنا».

ونتيجة لعدم مقدرة وزارة الشؤون الإسلامية على تغيير المجتمع عبر دعاتها، فقد أكد الشيخ صالح آل الشيخ أن وزارته بدأت بفتح مسارات لكل المؤثرين من (دعاة، وطلبة علم، وأساتذة جامعات) ليدلوا بدلوهم في مسيرة الدعوة والتأثير في الناس للتخفيف من هذا التحدي الكبير، دون عوائق أو حساسيات قد تكون جاءت في وقت ما أو عقد ما من الزمن. الوزارة الآن منفتحة على الجميع، ولديها هم كبير، وهو كيف نستطيع التواصل في مجال الدعوة مع كل الفعاليات المؤثرة في الداخل والخارج. ونبه دعاة وزارة الشؤون الإسلامية، من مغبة التضييق الذي يحرمهم من التأثير. وأضاف «أن الأمور دائما تقدر بمقاديرها، بحسب المصالح والمفاسد والمرجو من الشيء والمأمول منه».

وقسم الركود الذي تعاني منه وزارة الشؤون الإسلامية في مجال الدعوة، فمنه ما يتعلق بـ«مستوى الداعية»، وانخفاض تأثيره في العامة مقارنة بالـ10 السنوات الماضية، وهناك ركود في برامج الدعوة وما يرافقها من جولات ودروس، لافتا إلى وجود طلبات لإعادة النظر بالدورات العلمية في الصيف لأنها أصبحت عديمة الفائدة، مشيرا إلى أن هذه الطلبات هي نتيجة الركود الذي لحق الدعاة الذين طالبوا بهذا الأمر.

ولمح الوزير إلى توجه لدى وزارة الشؤون الإسلامية، لإمكانية وضع استراتيجية جديدة للدعوة في الداخل والخارج، وهو الأمر الذي قال انه يسنده «ما يحدث في المنطقة من سنين، مواكب للتغير الإعلامي، ومواكب لسهولة السفر».

وبرر إقدام الوزارة على هذه الخطوة «لضرورة إضافة التجديد على المجال الدعوي بحسب حاجة الخلق، وتغير الزمان والمكان».

«مبنى دائم للوزارة»

* وكشف عن وجود خطة لبناء مقر جديد لوزارة الشؤون الإسلامية ومقرات الفروع، لافتا إلى أنه تم الانتهاء من بناء مقرات فروع الوزارة بكاملها، وعددها 10 أفرع. وذكر أنه توجد عراقيل حالت دون البدء في إنشاء مقر الوزارة، تتعلق بالأرض التي سيبنى عليها المبنى، ولاعتبارات شراء مبنى جديد، حيث قال انه ليس من السهل أن تشتري مبنى جديدا قبل 10 سنوات، ومن ثم ترغب في بناء مقر دائم.

وأفاد أنه وقع الاختيار على أرض في موقع مهم لبناء مبنى دائم لوزارة الشؤون الإسلامية، وهي في انتظار إجراءات تسليمها من قبل الجهة الحكومية ذات العلاقة، حيث سيشرع في عملية البناء، وقد طلبنا هذا العام اعتمادا كبيرا لبناء هذا المبنى في الموازنة العامة للدولة.

وفي ما يتعلق بإدارات الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد التابعة للوزارة في المحافظات، ذكر آل الشيخ، أن لديهم خطة لتوفير ـ على مدى 5 سنوات ـ تلك المباني في كل محافظة (أ)، حيث ستتم تغطية كل المحافظات التي تندرج تحت هذا التصنيف في غضون الـ7 سنوات المقبلة.

وأقر وزير الشؤون الإسلامية السعودي، بوجود قصور في دعم مراكز الدعوة التابعة لوزارته. وقال «لدينا قصور في دعم تلك المراكز بالأمور العملية كالسيارات والأجهزة»، مبررا هذا الأمر لاختلاف بنودها عن بنود المباني وما يتعلق بها.

«وقف لكل مسجد»

* وتحدث الوزير آل الشيخ عن ضعف عقود صيانة المساجد في السعودية، وقال انها «آخذة بالتحسن»، لافتا إلى أنه كل عام يرفع مستوى الصيانة من ناحية الشروط المفروضة على الشركات والمؤسسات.

وبين أن عدد المساجد التي تخضع للصيانة في العاصمة الرياض، وصل إلى نحو 2000 مسجد، مفيدا أن ما نسبته 28 في المائة فقط من المساجد السعودية تدخل في مشروع الصيانة. وأكد أن نحو 70 في المائة من مساجد الرياض تخضع لذات مشروع الصيانة.

وقال «هناك كثير من المساجد، وضعها سيئ، ولا توجد بها صيانة. ولمواجهة هذا الأمر، ذكر آل الشيخ أنه تم استصدار قرار من مجلس الأوقاف الأعلى بأن يكون لكل مسجد وقف، بحيث «أن تهيأ الأرض في المخططات الجديدة، إذا كان هناك جامع، أن تكون هناك أرض على نفس المخطط تخصص كوقف على هذا الجامع على شارع تجاري»، لافتا إلى أنه تمت الموافقة على هذا الأمر من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية، وهو ما يجري به العمل حاليا.

ولفت آل الشيخ، الى أن هناك توسعا في أعداد المساجد يفوق الاعتمادات المخصصة للصيانة. وقال «ان أعداد المساجد الآن أكثر من القدرة على صيانتها، لا سيما أن الاتجاه الحالي يقوم على بناء مساجد مميزة، تحتاج صيانتها لمبالغ كبيرة».

«الدعاة.. والكادر الوظيفي»

* وأمام مطالبة مجموعة من الدعاة بإيجاد كادر وظيفي لهم في وزارة الشؤون الإسلامية، قال الوزير «الدعاة جزاهم الله خيرا لا يذكرون الواقع، ولو يذكرون الواقع، لكانوا قالوا اننا لم نقصر معهم».

وذكَر الشيخ آل الشيخ، دعاة وزارة الشؤون الإسلامية، بأنهم كانوا خلال السنوات الماضية يقفون عند المرتبة العاشرة، بحسب النظام الذي حددته الدولة. ونوه إلى أنه لم يوقف الدعاة عند هذا الحد، لدرجة أن بعضهم وصل إلى المرتبة الـ12، مشيرا إلى صعوبة أن يتخطى الداعية هذه المرتبة، على اعتبار أن المراتب اللاحقة تحسب للإدارات التنفيذية والوكالات المساعدة والمستشارين وغيرهم.