مشروع لتشكيل مجموعات للتدريس في المساجد والمنازل لمحو الأمية

وزارة التربية لـ«الشرق الأوسط»: تضاعف أعداد الدارسين في القرى والهجر

مشروع محو الأمية يتوغل في القرى والهجر («الشرق الأوسط»)
TT

اتفقت مصادر تعليمية في وزارة التربية في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على ان مشروع محاربة محو الأمية الذي طبق العام الماضي، بدأ يشق طريقا ويشهد نجاحا يفوق التوقعات، خاصة بعد ان تضاعفت الأعداد بشكل كبير نتيجة توسيع دائرة استهداف القرى والهجر.

وكانت السعودية سارعت في محاربة محو الأمية بشكل كبير وتوغلت في جميع الأحياء والقرى والهجر والدور بغية إلحاق أكبر عدد ممكن من الدارسين غير القادرين على القراءة والكتابة وفتحت معهم وزارة التربية والتعليم الباب على مصراعيه، موعزة لأي معلم لم يرتبط بعقد مع الوزارة أو أي قطاعات أهلية أخرى حصر ما مجموعه خمسة دارسين فما فوق لتكوين مجموعة يقوم بتدريسها إما في مدرسة أو منزل معين أو حتى المسجد.

يقول محمد أبو راس، مدير تعليم الطائف لـ«الشرق الأوسط»: إن «استراتيجيات التعليم في السعودية تحتم التحرك سريعاً للقضاء على محو الأمية. لن ننتظر أحداً من هؤلاء الذين لم ينالوا حظهم في التعليم في أن يتقدموا إلينا، سنأتيهم ولو كانوا في أقصى مكان وسنفتح معهم جسوراً من أجل تعليمهم وتثقيفهم».

في حين يؤكد عوض الزايدي، مدير تعليم الكبار في الطائف، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن وزارة التربية والتعليم عقدت شراكة مع المعلمين غير المرتبطين بعمل مع وزارة التربية والتعليم والمدارس الأهلية، فالمعلم الذي يقوم بحصر خمسة دارسين فما فوق، مع تبيان مواقعهم، ترفع جميع الأسماء للوزارة ومن ثم تقوم الوزارة بالموافقة والتعاقد معه، موضحاً أن وزارة التربية والتعليم حددت آخر توقيت زمني نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، لاستقبال الطلبات.

واضاف «ان هذا المشروع يعد توسعاً لمرحلة قد بدأت العام المنصرم بعد النجاح الكبير الذي حققه بناء على زيارات المشرفين المتكررة من وزارة التربية والتعليم في جميع القرى والهجر»، موضحاً أن فكرة «الحصر» من خلال المعلم تبحث عن خمسة دارسين يعرفهم لا يقرؤون ولا يكتبون، فيكون ارتباط المعلم بالدارسين قوياً منوطاً بالألفة، وهي ذات الفكرة التي حققت نجاحاً كبيراً في جميع أنحاء السعودية بلا استثناء.

وأشار عوض الزايدي إلى أن هناك لجنة من الزملاء مشرفي الإدارة تقوم بمتابعة أحوال الدارسين والمعلم على حدٍ سواء، وتتعاقد معه وزارة التربية والتعليم براتب ثلاثة آلاف ريال شهرياً، ويسجل في التأمينات الاجتماعية، ويمنح إجازة لمدة 36 يوماً سنوياً، مشيراً إلى أن هناك ثمة مجموعات انتشرت بشكلٍ لافت وفي أماكن لم يكن يتوقع أنها ستنتشر بهذه الكيفية، خصوصاً في ثقيف وبالحارث وبني مالك (جنوب الطائف).

وكشف الزايدي أن الطريقة الكلاسيكية التي كانت تنتهج قديماً في محو الأمية، والتي عادة ما تكون داخل أروقة المدرسة مساء، لم تشهد إقبالا كبيرا في ما مضى، لافتاً إلى أنه تم تنفيذ المشروع في 130 مركزاً فقط العام المنصرم، وهذا العام من تقدم بالحصر إلى اللحظة يفوق 85 معلماً، بحدود 850 دارساً جديداً لمادتي التربية الإسلامية واللغة العربية، الذين فقط ترشحوا للمفاضلة 230 معلماً في برنامج القطاعات الحكومية بالأمية، التي ستنفذ في الأسبوعين المقبلين وجمعيات خيرية بلا أمية، حيث سينفذ برنامج القطاعات الحكومية أثناء الدوام الرسمي في نفس هذه القطاعات من الساعة التاسعة صباحاً بمعدل أربع حصص يومية بمعدل 30 دقيقة لكل حصة.

وكانت وزارة التربية والتعليم طبقت المشروع في أول مرحلة منه في المدينة المنورة عام 2006، حيث أطلقت مشروع «منطقة المدينة المنورة بلا أمية»، الذي جاء متزامناً مع مناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية الذي صادف يوم الجمعة الثامن من سبتمبر (أيلول) الجاري.

وبين الدكتور بهجت بن محمود جنيد، مدير عام التربية والتعليم بالمنطقة رئيس اللجنة التنفيذية للمشروع، آنذاك لـ«الشرق الأوسط»، أن المشروع سيشمل منطقة المدينة المنورة إداريا، وهو يأتي في أعقاب نجاح مشروع «المدينة المنورة بلا أمية»، الذي طبق على مدى عامين دراسيين أعلنت بعده المدينة المنورة خالية من الأمية وفق تقييم المنظمات الدولية والإقليمية. كما أن المشروع يأتي دفعاً للجهود المبذولة في مجال محو الأمية ومكافحتها واتساقاً مع الجهود العالمية، التي تقدر وتثمن للسعودية الجهود المبذولة في هذا المجال. وبين أنه سيتم تنفيذ المشروع كأول منطقة إدارية على مستوى المملكة العربية السعودية وتطبيقه ضمن الحدود الإدارية لمنطقة المدينة المنورة ومحافظاتها ينبع والعلا والمهد، بهدف محو أمية جميع الأميين من سكان المنطقة، بما فيهم المراكز والتجمعات السكانية المتناثرة للبادية، وذلك وفق برنامج توعوي يشمل جوانب تعليمية وصحية واقتصادية وزراعية ودينية واجتماعية وأمنية، ويستهدف ليس محو الأمية القرائية فقط، لكن الأمية الحضارية، وتهيئة أماكن الدراسة وإعدادها بشكل يسهم في استقرار الدارسين وانتظامهم عبر تهيئتها بما يتناسب والفئات العمرية وأغراضها.