«المجمعات التجارية».. ساحات تنافس «ملتهبة» بين البنوك السعودية

من خلال «فروع صغيرة» و«صرافات آلية».. وتوقعات باتساع رقعة انتشارها

البنوك السعودية تتنافس لحجز مواقع لها ووضع فروع صغيرة في ساحات المجمعات التجارية للوصول إلى أعداد أكبر من شرائح المجتمع («الشرق الأوسط»)
TT

باتت ساحات المجمعات التجارية في السعودية منطقة تنافس محموم بين البنوك السعودية لنشر فروعها وتثبيت أجهزة الصرف الآلي التابعة لها، في إشارة واضحة لنجاح تجربة أعمال المصارف في الأسواق المركزية والمجمعات التجارية.

وتشهد الساحة المصرفية في السعودية توسعا كبيرا في منح القروض الشخصية، وبطاقات الائتمان، التي ما فتئت تتسابق على تقديمها البنوك من خلال السعي لاعتماد أفضل الخدمات وتبني أحدث وأبدع الأساليب لاستقطاب العملاء والعناية بمتطلباتهم، الأمر الذي جعل المنافسة في خلق وابتكار أدوات جديدة للوصول إلى العميل وإغرائه هاجس المسؤولين في البنوك، حتى بات من الملاحظ تربع فروع بعض من البنوك على جنبات المجمعات التجارية، مثلها مثل المحلات التجارية الأخرى. فبعد أن كانت البنوك تسلك في السابق طرقا تقليدية للوصول إلى العميل لإقناعه بالحصول على قرض، أو بطاقة ائتمانية، أضحى أغلبها يتنافس في تحقيق ذلك، مستخدمةً العديد من الأساليب المبتكرة للوصول إلى أكبر عدد من الأفراد، إذ برز على سطح المجمعات التجارية الكبرى في البلاد، منذ مطلع العام الجاري إقامة فروع صغيرة لبعض البنوك، يتراوح عدد العاملين بها من 3 إلى 4 أشخاص، تحاكي في تعاملها مع المتسوقين الدكاكين والعلامات التجارية المختلفة في الأسواق.

وبحسب مختصين في قطاع الخدمات البنكية، فإن إنشاء الفروع الصغيرة في الأسواق الكبرى، يسهل الوصول إلى مختلف شرائح المجتمع، واستقطاب أكبر عدد من العملاء، والتسويق بشكل مباشر للمنتجات البنكية، حيث تعتبر المجمعات التجارية أرضا خصبة لاستهداف الرجال والنساء على حد سواء، نظراً لما يوفره وجود مثل تلك الفروع من اختصار للوقت، وللجهد عند المتسوق يغنيه من عناء الذهاب للفروع الأخرى، إضافة إلى أن وقت التسوق يعد فرصة مناسبة للتعاطي مع الأفراد وإقناعهم.

وأوضح غازي الهابلي، مشرف خدمات عملاء بفرع البنك الأهلي في مجمع خريص بلازا بالرياض، أن فرعه الذي لا يتجاوز عدد العاملين به 3 أشخاص، حقق خلال الفترات القليلة الماضية نسبة مبيعات في القروض الشخصية والبطاقات الائتمانية تفوق مبيعات الفروع الأخرى بحوالي 20 في المائة، مشيرا إلى أن هذه الفترة تشهد إقبالاً كبيراً من قبل زوار المجمع على البرامج التي يقدمها الفرع.

ولفت الهابلي إلى أن الخدمات التي تقدمها جميع فروع المجمعات التجارية تقتصر على خدمات العملاء فقط، إذ لا توفر تلك الفروع خدمات مصرفية، بل يكمن دورها في استقطاب العملاء، وتقديم الخدمات الحسابية ومنح التمويلات الشخصية وبطاقات الائتمان، إضافة إلى بعض الخدمات الاستثمارية التي يقتصر دور الفرع فيها على تعبئة الطلبات مثل إنشاء حسابات محافظ استثمارية وإرسالها للجهات المختصة لإكمال إجراءاتها.

وأبان مشرف خدمات عملاء في فرع لبنك آخر، "فضل عدم ذكر اسمه"، أن أوقات العمل التي تعتمدها البنوك في تلك المجمعات تعتبر عاملا أساسيا في كثرة إقبال الجمهور على الخدمات المقدمة عن مثيلاتها في الفروع الأخرى، حيث ان الفترة المسائية التي تبدأ من الساعة 4 عصراً حتى 10 ليلا، تصادف الوقت الذي يشهد حركة كثيرة، مما يتيح فرصا أكثر لمقابلة زبائن أكثر.

ووفقا لمشرف خدمات العملاء فإن تجاوب المتسوقين مع البرامج البنكية التي يقدمها فرعه يتراوح من 40 إلى 50 في المائة، ينصب معظمها في القروض الشخصية والبطاقات الائتمانية.

وعاد غازي الهابلي، ليصف نجاح هذا النوع من الفروع في استقطاب العملاء، بقوله ان إدارته افتتحت قبل فترة وجيزة فرعاً في مجمع حياة مول التجاري في العاصمة الرياض، إضافة إلى فرعه وفروع أخرى في المنطقة الشرقية ومدينة جدة غرب السعودية، مضيفاً أن إمكانية الانتشار في المجمعات التجارية متاحة جداً نظراً لما حققته الفروع الأولى من نسب مبيعات عالية. من جانبه توقع أركانو دوبيرتا مدير تسويق بإحدى الشركات المالية، أن تنتشر مثل تلك الفروع الصغيرة بصورة أكبر مما هي عليه الآن، حيث انها تعتبر في نظره، طريقة عصرية تتناسب مع نمط الحياة الحديث، وتتوافق مع الأساليب الحديثة في مجال التسويق، باعتبار أن أوقات التسوق وأوقات الفراغ التي يقضيها العملاء في الأسواق والمجمعات التجارية من أنسب الأوقات للتحدث إليهم وإقناعهم، بالإضافة إلى أن تقديم خدمات البنك في أماكن التجمع يعود على سمعة البنك بالفائدة، ويمنحه أكثر شهرة. وذكر دوبيرتا، أن البنوك تشهد تنافسا فيما بينها على إقامة هذه الفروع نتيجة لنجاح التجربة التي تعتبر جديدة، مشيرا إلى أن الفترات المقبلة ستشهد دخول بنوك أخرى في المنافسة، إضافة لأربعة بنوك محلية أقامت فروعا لها في بعض الأسواق، والتي بدورها ستحرص على إنشاء فروع أكثر في مجمعات تجارية مختلفة.