سوء التنظيم يحول دون الاستفادة من منتدى عن «المعجزة اليابانية» في جدة

متحدث لـ «الشرق الأوسط» المسؤولون والتجار والاكاديميون عزفوا عن الحضور

جانب من حضور منتدى المعجزة اليابانية في جدة أمس (تصوير: مروان الجهني)
TT

حال سوء تنظيم منتدى «المعجزة اليابانية» دون إيصال فكرته الفريدة من نوعها إلى أكبر قدر ممكن من أفراد المجتمع رغم قوة محاوره، لا سيما وأن توقيته جاء متزامنا مع أوقات الدوام في مختلف القطاعات، الأمر الذي أثر سلبيا في عدد الحضور، إضافة إلى أن الوجود النسائي طغى على عدد الرجال الموجودين، والمتمثل في طالبات المرحلة الجامعية وعضوات هيئات التدريس وعدد من المهتمات بالأمر.

وعلى عكس ما توقع الكثيرون، لم يخرج المنتدى بتوصيات تلخّص ما تم تناوله من مقترحات، إذ كان أشبه بالترويج لليابان والشركة المنظمة له حسب ما ذكره عادل محمد عبده مدير عام مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية والقانونية، واحد المتحدثين في المنتدى، إذ قال لـ «الشرق الأوسط»: «كان من المفترض حضور المسؤولين من وزارة التجارة والصناعة والأكاديميين من الجامعات والتجّار كي يتم استثمار المنتدى بشكل جيد».

وأضاف: «كان عدد الحضور قليلا، إضافة إلى أن نوعيتهم لم تكن بالشكل المطلوب، لا سيما وأنه من المفترض اختيار شخصيات كبيرة تثري المعجزة اليابانية».

وأكد مدير عام مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية أن الحضور النسائي الكبير يدل على سعي المرأة السعودية لاحتلال مكانها الملائم في المجتمع، إضافة إلى قدرة طالبات الجامعات وسيدات الأعمال على إثبات وجودهن من خلال المشاركة في الحوار، والذي يدل على ثقافتهن وخلفيتهن العلمية الجيدة بالاقتصاد، باعتبارهن لسن سطحيات كما كان متوقعا من البعض.

وحرصت الطالبة رغدة فقيه على حضور المنتدى الذي ناقش بدايات اليابان في اقتحام العالم الاقتصادي وحتى اليوم كي توسع مداركها ودائرة علاقاتها الاجتماعية، وقالت: «أحببت معرفة ما يحدث في العالم ورؤيته بعين حقيقية، إضافة إلى محاولة ربط الواقع بما ندرسه في الجامعة»، لافتة إلى أنها متحمسة للمقترحات التي طرحت أثناء الحوار المفتوح مع الحضور، والمتضمنة أفكارا ناتجة عن عصف ذهني قامت به الحاضرات، وتشجيع الآخرين من زملائهن وزميلاتهن على الاهتمام بمثل تلك الملتقيات.

وجاء انعقاد المنتدى مواكبا ليوم عيد الثقافة الياباني، والذي ركّز على الاقتصاد الياباني والتطور الصناعي الذي شهدته اليابان خلال العقود الخمسة المنصرمة، ليكون بمثابة مثل يحتذى من أجل قيام الاقتصاد السعودي خاصة والعربي والإسلامي بوجه عام.

وأرجع محمد الزكريوي الرئيس المؤسس لشركة فوجي أطلس العالمية للتبادل سبب المشاكل التي يواجهها الاقتصاد في الدول العربية والإسلامية إلى عدم التزامه بالقواعد الدينية الثابتة والتي بدأت تطبق في معظم الدول الأوروبية، في ظل اعتراف بنوكها بنظام التمويل الإسلامي.

وقال في حديث إلى «الشرق الأوسط»: «إن كل عمل ربوي لا يدوم، وهذا ما اكتشفته الشعوب الأوروبية بعد أن لمسوا القوة في الإسلام، والذي يحتم علينا العودة للدين الإسلامي، إضافة إلى وجوب تنظيم الاقتصاد السعودي بشكل إسلامي»، مؤكدا على إيجابية الحوار بين الأديان والشعوب باعتباره من أهم الأمور التي يحتاجها العالم الإسلامي لتعزيز مكانة الأمة كونها رائدة للسلام.

وأضاف: «كان الهدف من المنتدى نقل تجربة اليابان الذي استطاع أن يقيم اقتصادا كبيرا رغم خروجه من حرب مدمّرة، إضافة إلى كونه أرخبيلا خاليا من الموارد مساحته 440 ألف كيلومتر مربع، تشكل الجبال منه نسبة 90 في المائة، بينما يسكن حوالي 125 مليون نسمة في 30 بالمائة من تلك المساحة»، مؤكدا أن التبادل الثقافي بين الشعوب يؤثر إيجابيا في اقتصاد الدول على عكس ما كان يعتقده البعض حول عدم ارتباط الثقافة بالاقتصاد.

وبالعودة إلى عادل عبده فقد أفاد بأن هناك ثغرات كبيرة في الاقتصاد السعودي سببها غياب الإستراتيجية الواضحة، وأضاف: «لا بد من تحديد الأهداف والطموحات التي يجب الوصول إليها، خاصة أننا اعتدنا على هدم ما نبني، في ظل غياب الدراسات الجيدة، واقتصار الهدف من دراسات الجدوى للمشاريع على ملء فراغات فقط».

واقترح التخفيف من التعليم الأكاديمي في السعودية والاهتمام بإنشاء معاهد ومراكز التعليم الصناعية كي يتسنى للدولة الاستفادة من التجربة اليابانية، إضافة إلى إنشاء المصانع بالشراكة الأجنبية واختيار المواقع الجيدة لها من حيث توفر الموارد وبحسب طبيعة كل منطقة في البلد.

فيما طرح الرئيس المؤسس لشركة فوجي أطلس اقتراحات ضمن كلمته التي ألقاها في المنتدى مفادها إحياء مشروع القرية والمركز التجاري الياباني في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، ومشروع قرية العالم الإسلامي باليابان، وتأسيس جمعية خريجي اليابان من العالم الإسلامي، وتنظيم منتدى اقتصادي بين دول العالم الإسلامي واليابان، ومعرض منتوجات الدول الإسلامية بجدة، إضافة إلى اقتراح لتوأمة مدينتي جدة وكوبي وتبادل زيارات رجال الأعمال والمثقفين.

يشار إلى أن المنتدى الذي حمل عنوان «المعجزة اليابانية» انعقد في مبنى الغرفة التجارية الصناعية بجدة، وذلك بالتعاون مع شركة فوجي أطلس العالمية للتبادل وتضمن حوارا مفتوحا بين المشاركين حول السبل الملائمة لمستقبل الاقتصاد في السعودية، وكيف يمكن جعله من بين أكبر عشر اقتصادات منافسة في العالم، معتبرين في ذلك بنموذج الاقتصاد الياباني.