قلة الإنتاج وكثرة الغش تتسببان في تراجع مبيعات العسل بعسير

وزارة الزراعة لـ«الشرق الأوسط»: تنسيق لإقامة مختبرات لقطع الطريق على الغشاشين

مفاوضات بين مشتري وبائع على نوعية العسل المعروض («الشرق الأوسط»)
TT

أكد عاملون في تجارة العسل لـ«الشرق الأوسط»، تراجع مبيعاته هذا العام في عسير، نتيجة لكثرة الغش الذي تشهده الاسواق، اضافة الى قلة الانتاج بالنسبة للعسل الاصلي، الذي أنخفض بشكل مفاجئ من مليون ونصف المليون كيلوغرام إلى قرابة 800 ألف كيلوغرام.

وكان الموسم الماضي ـ موسم الصيف ـ يعد من أهم المواسم لبيع العسل فهو موسم خاص لتداول كميات كبيرة من العسل من خلال عدة نقاط منتشرة لبيع العسل وعلى الطرقات العامة وفي مداخل الأسواق وفي أماكن تجمع الناس.

وكانت تقدر الخلايا المنتجة للعسل بعسير حسب آخر احصاءات صادرة من وزارة الزراعة بأكثر من نصف مليون خلية منتجة من دون ان تكون هناك احصائية جديدة بآخر الارقام وعدد الخلايا.

وتواجه اسواق العسل في السعودية بشكل عام ازمة نتيجة انتشار العسل المغشوش، فهناك العسل النقي والمغشوش، والذي أصبح ظاهرة ملحوظة هذه الأيام، حتى أصبح من الصعوبة التفريق بين العسل الأصلي والطبيعي وغيره من الأنواع المغشوشة وذلك لتفنن بعض باعة العسل واحترافهم في إجادة طرق متعددة لأعداد العسل المغشوش بكميات كبيرة.

وتنوعت اساليب الغش بحسب عاملين في هذا القطاع، فهناك من يخلط أنواعا رديئة بالجيدة وكثير منهم يغذي نحله بالسكر والمشروبات الغازية، لكن يبقى العسل الطبيعي الأصلي له طعمه ومواصفاته الخاصة من حيث المذاق والشكل الذي يتعرف عليه أصحاب الخبرة فيما لا يجيد ذلك المستهلك العادي القليل الخبرة في العسل. ويؤكد بعض العارفين بخصوصيات العسل لـ «الشرق الأوسط»، ان سعر الكيلوغرام للنوع الأصلي تجاوز ثلاثمائة ريال، فيما غزت الأسواق الأنواع المغشوشة، التي حققت تنافسا كبيرا في الأسعار، التي تدنت إلى أسعار غير معقولة، حيث وصل الكيلوغرام إلى 50 ريالا فقط، مما أثر في الإقبال والبحث عن العسل الأصلي والطبيعي. ويقول سعيد عايض أحد النحالين «ان إنتاج العسل تأثر هذا الموسم فأصيب منتجو العسل بخيبة أمل، حيث صادف إنتاجهم من العسل هذا الموسم عدة معوقات لا يعرفون سببها، فهناك قلة الأمطار التي لها تأثير في ذلك، كذلك مرض مفاجئ أصاب النحل وأدى إلى نفوق خلايا بأكملها».

وأضاف «ان العسل من الأصناف التي تجد رواجا كبيرا في فترة الصيف لكثرة زائري المنطقة والمناسبات التي يقدم فيها أهالي عسير العسل، ويستعد باعة العسل لتخزين كميات كبيرة لتصريفها خلال فترة الصيف، فهناك بعض الباعة الذين يصل دخلهم لأكثر من 100 الف ريال في هذه الفترة، لكنه أنخفض في الصيف الماضي كثيرا وقل للباعة والمصرفين للعسل إلى أقل من النصف عنه في المواسم الماضية من مواسم العسل».

ويقول عبد الوهاب سعيد أحد الباعة «ان هناك فرقا للعارفين بالعسل بين المغشوش والأصلي يعرفونه بعدة طرق، منها الذوق والشكل، فرغم أن هناك غزوا كبيرا للعسل المغشوش، إلا أن الكثير من المستهلكين يحرص على البحث عن من يثق فيهم من الباعة أو النحالين، فالأغلبية يعتمدون على الثقة في البائع لمعرفة الأصلي من المغشوش».

ويرى عامر الشهري بائع آخر «ان هناك من يمتهن بيع العسل وليس مهنته ولا يملك خبرة في العسل مما يسيء للسوق وسمعته، فرغم أن هناك جولات لتعقب أنواع العسل المغشوش، إلا إن هناك أساليب كثيرة للغش من الصعب اكتشافها»، مشيرا الى ان البعض يغير حتى الملابس التي يرتديها عند بيعه للعسل بملابس تقليدية قديمة معروفة في المنطقة حتى يوهم المشتري بأنه قادم بالعسل من جبال تهامة البعيدة وأنه أصلي وقد تنطلي هذه الحيل على المستهلك أو الزائر، الذي لا يملك خبرة كافية في تحديد أنواع العسل.

سالم الأسمري أحد النحالين، يقول اننا نتعب في انتاج العسل ونحرص بأن يكون طبيعيا وموثوقا فيه، لكن للأسف هناك من يضر بالسوق، فمع ضعف الإنتاج هذا الصيف أيضا هناك من يبيع عسلا مغشوشا بأي قيمة كانت لأن العسل الذي يبيعه مغشوش وليس أصليا بينما نحرص بان يكون أصليا فتكون كمياتنا أقل وتكاليفنا أكثر فهناك تربية النحل والتنقل به وراء الأماكن الممطرة، ففي الشتاء ومواسم البرد ننزله لمناطق تهامة ونعيده في الصيف إلى السراة، كذلك أجور العمالة وما إلى ذلك من تكاليف ونفوق بعض النحل في أوقات معينة، لكن من يغش العسل فالكميات لديه كثيرة والتكاليف قليلة فقد يبيع الكيلوغرام بخمسين ريالا ولديه هامش ربح جيد، بينما يختلف الوضع عندما يكون العسل أصليا فالكميات قليلة والتكاليف عالية وقد تصل تكلفة الكيلوغرام إلى مائتي ريال ويرجح الكثير من الباعة بأن العسل العسيري والجنوبي بصورة عامة له مكانة عند المستهلكين ولا يزال يحتفظ بمكانته عندهم، وتشكل الأسواق الشعبية مكانا مهما لتجار العسل فيتنقلون من سوق لآخر، خصوصا في المواسم السياحية، ويعد عسل السدرة والشوكة من أهم أنواع العسل وأكثرها جودة وتتميز برائحتها الزكية التي يعرفها خبراء العسل، كذلك تتفوق بلونها الفاتح وقد يصل سعر الكيلوغرام منها لثلاثمائة ريال.

وتقوم وزارة التجارة ولجان محاربة الغش التجاري بالمناطق بتعقب باعة العسل وحماية المستهلك من العسل المغشوش، ففي عسير وبتوجيهات من أمير عسير يبذل فرع وزارة التجارة بالمنطقة بحسب مسؤولين جهودا متواصلة للحد من انتشار ظاهرة بيع العسل المغشوش ويقوم من خلال لجان مشكلة بتتبع الأسواق ومتابعة معروضات العسل، التي تكثر في منطقة عسير خلال فترة الصيف بالذات بالتعاون مع الجهات الحكومية المختصة الأخرى تتابع الأسعار والمواد المستهلكة والمطاعم والاستراحات، كذلك الأسواق والمعروضات للبيع بصورة عامة ومنها العسل.

من جهته أكد مبارك بن محمد المطلقة مدير عام وزارة الزراعة في عسير لـ«الشرق الأوسط»:«بأن منطقة عسير تعد من أفضل وأشهر مناطق المملكة والخليج عامة في كمية النحل البلدي الذي يتميز بسرعة العطاء ونوعية المنتج الأصلي الجيد ومناسبته للبيئة، حيث انه نحل يتأقلم مع البيئة والظروف المناخية سواء في السراة أو تهامة»، مشيرا الى ان النحل البلدي يشكل أهمية قصوى للنحالة، حيث لديه خواص يتميز بها.

وبين «ان وزارة الزراعة ممثلة في فرع عسير تقوم بجهود كبيرة ومتواصلة للتقليل من الاعتماد على النحل المستورد من أي مكان ولنا محاولات مكثفة لإقامة الندوات والدورات للنحالين لرفع مستوى الثقافة لديهم للتعامل مع النحل وانتاج العسل».

وأضاف «كما أن هناك تنسيقا مع الغرفة التجارية الصناعية بأبها ليتولى القطاع الخاص إقامة مختبرات تجارية لاختبار العسل حسب المقاييس السعودية وباشراف مباشر من وزارة الزراعة وطرح عدد من المبادرات للاستثمار في العسل بإقامة شركات متخصصة لانتاجه واختباره وبيعه من خلال عبوات خاصة تخضع لجميع المواصفات الجيدة والمطلوبة حتى نحاصر بتلك الطرق انتشار العسل المغشوش، الذي له تأثير اقتصادي وصحي في المستهلك».

وتابع «اننا قطعنا شوطا في عسير لإنشاء جمعية تعاونية للنحالين، حيث انتهينا من دراساتها وستعلن قريبا لينضم لعضويتها النحالون بالمنطقة، وستقوم بجهود تجارية وتسويقية، كذلك تثقيفية لرفع الوعي لدى النحالين ومعرفة الطرق العلمية الصحيحة لتربية النحل ولانتاج العسل.