منتدى إلكتروني يسعى لإيجاد رابط بين «الافتراض» و«الواقع» عبر بوابة العمل الخيري

الصالح: البدايات المتأخرة لدخول الإنترنت من أهم أسباب المراهقة الإلكترونية

منتدى «مايسترو» أحد المنتديات الإلكترونية السعودية الساعية لربط مرتاديها بواقعهم («الشرق الأوسط»)
TT

يزدحم الفضاء الإلكتروني العربي بالكثير من المنتديات الحوارية، والتي تمثل المنتديات السعودية منها النسبة الكبرى. أحد المنتديات السعودية قام أخيرا بخطوة تهدف للاستفادة من كم الأعضاء المتوفر لديه في المنتدى بنقله من العالم الافتراضي إلى الواقع من خلال مبادرة ربط العالمين بتنظيم زيارات إلى الجمعيات والمراكز الخيرية الخاصة بالأيتام والفقراء، ومن جار عليهم الزمان.

وبالفعل تمت الزيارة لعدد من المراكز الخيرية لتقديم الهدايا لسكانه في كل من مدينتي الرياض وجدة. يقول بندر الصالح أو «مايسترو»، وهو المُعرف الذي يعرف به في المنتدى، «مع مرور الوقت بدأت مرحلة النضوج الفكري في عالم الإنترنت نتيجة لتزايد الوعي وانتشار هذه التقنية بين فئاتٍ مختلفة في المجتمع تحوّل استخدام هذا العالم الافتراضي من مجرد التسلية والترفيه إلى وسيلة فعالة للتعبير عن الرأي والنقاش ورؤية الرأي والرأي الآخر بمنظور أشمل وأعم».

ويضيف الصالح المشرف على المنتدى «النضج المعرفي في استخدام هذه التقنيات لكافة شرائح المجتمع مما جعل لها صورةً ناضجةً وفعالةً ومؤثرةً بشكل كبير وذلك بسبب نضج العقليات التي تتعامل معها إلكترونيا وفكريا».

وعند سؤال «مايسترو» عن السبب وراء تأخر هذا النضج للمنتديات السعودية، يرجعه إلى وصول خدمات الإنترنت، في الأساس، متأخرة إلى العالم العربي، والسعودي بشكل خاص.

ويرى الصالح أن «البدايات المتأخرة لدخول شبكة الإنترنت إلى عالمنا العربي أحد أهم أسباب المراهقة الإلكترونية التي رافقت هذا الدخول مما أدى لاستخدام هذا الواقع الافتراضي كـساحة تحتضن مراهقات معرفية متأخرة نوعاً ما والتي أدت بدورها إلى التأثير على طريقة تعامل المجتمع ككل مع الإنترنت وبالأخص مع المنتديات الإلكترونية كونها إحدى أكثر الوسائل شيوعاً في التعبير عن الذوات الافتراضية في هذا العالم». وفي دراسة لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية أعلن عنها أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، تكشف أن نسبة السعوديين من شريحة «الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن 15 عاما» المالكين لأجهزة حاسب آلي تبلغ 68 في المائة، بينما تبلغ النسبة من تعداد الإجمالي (أكثر من 23 مليون نسمة) 43 في المائة.

ويبلغ متوسط الإنفاق الفردي، في المنازل، على استخدم وسائل الإنترنت نحو 184 ريالا سعوديا يوميا، أي ما يبلغ 2208 ريالات، على مدار العام. وتبلغ نسبة من يملكون بريدا إلكترونيا، أي ما يسمح لهم بالمشاركة في المنتديات، ضمن شريحة الدراسة (يبلغ عددهم أكثر من 10 آلاف شخص) 67 في المائة، وكذلك منهم 49 في المائة، ممن يتصلون بالانترنت بهدف التسلية والترفيه. ويبدو واضحاً من خلال الدراسة السابقة أن حجم الوالجين لعوالم الشبكة الالكترونية بازدياد في السعودية، مما يؤكد أهمية خطوة المنتدى الذي يشرف عليه «مايسترو» في الاستفادة من الكم البشري في عالم الواقع بدلاً من الانحصار والبقاء في العوالم الافتراضية.

ولكن إصرار الكثير من مستخدمي الانترنت على الاختفاء وراء أسماء وهمية، ومنهم «مايسترو»، يدعو للاستغراب إذا ما كان بالفعل ممكنا سحبهم للتفاعل واقعيا. وهنا يقول «مايسترو»: «بعد أن وصلنا في استخدامنا للإنترنت والمنتديات إلى مرحلة متقدمة من النضوج الفكري أصبحت شبكة الإنترنت اليوم جزءاً لا يتجزأ من واقعنا وتحول دورها في حياتنا من مجرد واقع افتراضي بديل إلى واقع مواز لعالمنا الذي نعيشه بل وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من هذا الواقع كونها إحدى أدوات التعبير عن الرأي الأسرع انتشاراً والأسهل في الاستخدام».

ويضيف «وعند الوصول لمثل هذه المرحلة من النضج ستتغير النظرة القاصرة التي تقتضي بفصل الإنترنت عن الواقع الذي نعيشه لتصبح الإنترنت إحدى الوسائل الحديثة التي تسهم في التواصل والترابط الإنساني بمختلف صوره».

وعند سؤاله إذا ما كانت تجربتهم في المنتدى من السهل تكرارها في باقي المنتديات، يجيب قائلاً «أؤمن شخصياً بأن كل صاحب رؤية صحيحةٍ ويمتلك الرغبة اللازمة لتحقيق النجاح لرؤيته وأفكاره المختلفة لديه كل ما يحتاجه للنجاح في أي مجال من المجالات، ولا نستطيع القول بنجاح كل الأشخاص أصحاب الرؤى ولكن الناجحين هم فقط الذين يقومون بتحويل رؤاهم إلى واقع ملموس وذي هدفٍ صحيح وواضح».

مشروع «مايسترو» ورفاقه في المنتدى، يمثل نقلة جديدة في عمل المنتديات الإلكترونية السعودية التي باتت ساحة للتعبير عن الرأي، والحديث عن المشاكل الوطنية التي لا تزال مناقشتها «خجولة» لدى بعض وسائل الإعلام المحلي.

فمن خلال حجم الأعضاء، حيث يبلغ أقل معدل للمنتدى الواحد من حيث الأعضاء ما بين 200 إلى 500 شخص، تستطيع توفير حجم أعضاء متطوعين يفيدون مجتمعهم الواقعي.

ويبقى على نجاح هذا المشروع، الذي أقل ما يوصف بالطموح، دور آخر يتعلق ببعض الجهات المعنية (حكومية أو خاصة) في توفير الجو لعمل هذه المجموعات على الأرض بنفس مجهودهم الفضائي (من خلال استخدام الانترنت).

يقول «مايسترو»: «السبب الحقيقي لتحويل هذا المشروع من حالته الافتراضية إلى الواقع، هو أن المشروع لم يكن يوماً حالة افتراضية بحتة ولم يكن أيضاً واقعاً، فمنذ بدايته كان حلماً ثم أصبحَ واقعا فهو كيان افتراضي يعكس كيانا على أرض الواقع، ولا نستطيع أن نقول بأنني قمت بتحويله إلى حالة واقعية، لأنه كان واقعاً منذ البداية».