منى تستقبل أكثر من مليوني حاج للمبيت استعدادا للوقوف بعرفات يوم غد

قوافل الحجيج تدفقت إلى «المدينة البيضاء» بعدما أدوا صلاة الجمعة في المسجد الحرام

TT

وسط ظهور سحب متفرقة في سماء مكة المكرمة ومشعري منى وعرفات، ودرجة حرارة تتراوح ما بين 34 و22 في المشاعر المقدسة، توافد يوم أمس حجاج بيت الله إلى منى للمبيت فيها، حيث استعد مشعر منى لاحتضان أكثر من مليوني حاج تدفقوا لأداء نسك الحج، على ان ينتظر ظهر اليوم لاستكمال قوافل الحجاج، وذلك لقضاء يوم التروية اقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، والمبيت بمنى استعدادا للوقوف بصعيد عرفات يوم غد الأحد.

من خلال رصد ميداني لـ «الشرق الأوسط» فان كل القطاعات الحكومية أتمت استعداداتها بشكل عام في المشاعر المقدسة، وذلك لاستقبال حجاج بيت الله الحرام، حيث توقفت أفواج الحافلات أمس عند مساكن الحجاج في مكة المكرمة استعداداً لنقلهم إلى منى «المدينة البيضاء» بعد أن وضعت قوات أمن الحج خطة سير خاصة للتصعيد إلى منى.

وتضمنت تلك الخطة نشر أفراد قوات امن الحج بالشوارع والميادين لتنظيم حركة السير وإفساح المجال أمام حافلات نقل الحجاج للوقوف أمام المباني لنقل الحجيج بشكل جيد ومنظم ووضعت فرق المرور مسارات خاصة وميسرة للحافلات تسلكها مباشرة صوب مشعر منى. وكان حجاج بيت الله الحرام قد أدوا صلاة الجمعة يوم أمس في المسجد الحرام، حيث امتلأت أروقته وأدواره وساحاته وبدرومه وسطوحه بالحجاج، الذين توافدوا منذ الصباح الباكر من يوم أمس لأداء الصلاة في المسجد الحرام. وكانت القطاعات المعنية قد جندت كل طاقاتها الآلية والبشرية وسخرت كل امكاناتها لخدمتهم وراحتهم ونفذت خططها التشغيلية وفق ما هو مرسوم لها، كما وفرت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ماء زمزم المبرد لسقياهم وتوفير وتنظيم عملية الدخول والخروج من والى المسجد الحرام ومراقبة عملية الطواف والسعي وتنظيمها ومنع الجلوس في الممرات المؤدية إلى صحن المطاف لتلافي حدوث أي ازدحام عند الطواف وكذلك منع الجلوس.

كما قامت بتكثيف برامج الوعظ والإرشاد والفتوى لإرشاد الحجاج وتوجيههم وتوعيتهم والرد على أسئلتهم واستفساراتهم المتعلقة بأمور دينهم وأداء نسكهم، من جانبها كثفت أمانة العاصمة المقدسة أعمال النظافة والإصحاح البيئي وخاصة في المنطقة المركزية حول المسجد الحرام، في حين نظمت إدارة مرور العاصمة المقدسة حركة السير مع مراقبتها وإعطائها المرونة اللازمة ومنع دخول السيارات إلى المنطقة المركزية، وفصل حركة المركبات عن حركة المشاة مما مكن قاصدي بيت الله الحرام من الوصول إلى المسجد الحرام بكل يسر وسهولة ودون حدوث أي اختناقات مرورية تذكر وقد اتسمت الحركة بالمرونة والانسيابية إلى ذلك أوضح تقرير صادر من إدارة التحاليل والتوقعات بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة إلى أن الرياح ستكون في مكة المكرمة وفي مشعري منى وعرفات شمالية شرقية إلى شرقية، مشيراً إلى أن سرعة الرياح في مكة المكرمة ستكون ما بين 15 إلى 35 كيلو مترا في الساعة، ونسبة الرطوبة فيها ما بين 25 إلى 65 في المائة، في حين ستكون سرعة الرياح في مشعري منى وعرفات من 15 إلى 35 كيلو مترا وبنسبة رطوبة تبلغ ما بين 25 إلى 65 في المائة. وتمركز رجال الأمن بشكل مكثف في الساحات المحيطة بمشعر منى تساندهم دوريات أمنية تركز مهامها على توفير مظلة الأمن والأمان وتحقيق السلامة واليسر على جميع الطرق التي يسلكها حجاج بيت الله الحرام إضافة إلى تنظيم عملية حركة المشاة. إلى ذلك خصصت وزارة الصحة عددا من سيارات الإسعاف الصغيرة المجهزة بمعدات طبية حديثة للتنفس الصناعي وأجهزة الإنعاش القلبي الرئوي على الطرق التي يسلكها الحجاج في طريقهم إلى مشعر منى وذلك لتقديم الخدمات الاسعافية الطارئة الفورية لهم، تساندها سيارات إسعاف كبيرة علاوة على اكتمال استعدادات المستشفيات والمراكز الصحية في منى لاستقبال المراجعين وتقديم الخدمات الطبية اللازمة لهم. ونشرت وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد مواقع عديدة لإرشاد الحجاج، والإجابة عن استفساراتهم، إضافة إلى توزيع عشرات الآلاف من الكتيبات والنشرات والمطويات التوعوية بلغات عديدة، وتنظيم العديد من المحاضرات والندوات التوعوية التي يلقيها عدد من العلماء وطلبة العلم المختصين، في حين وضعت مكبرات صوت يبث من خلالها مواد توعوية وإرشادية لضيوف الرحمن.

ونشرت أمانة العاصمة المقدسة المعدات والآليات الخاصة بالنظافة مع توفير أعداد هائلة من عمال النظافة، وتوزيعهم في الأماكن التي يقطنها الحجاج في مشعر منى، وذلك للقيام بعمليات التنظيف ورفع المخلفات أولاً بأول لتوفير البيئة الصحية النظيفة المناسبة لضيوف الرحمن. من جهتها جالت إدارة صحة البيئة منذ وقت مبكر للرقابة على المحلات التجارية في مشعر منى، وذلك للتأكد من سلامة كل الوجبات الغذائية وصلاحيتها، إضافة إلى القيام بجولات متواصلة على المحال الصغيرة والمطاعم للتأكد من سلامتها. وأعلن مشغلو الهاتف المحمول الثلاثة عن رفع الطاقة الاستيعابية لدوائر الاتصال في مشعر منى لخدمة الحجاج، وذلك من خلال تجهيز أبراج الهاتف المحمول، ونشر تقنية «الواي ماكس» خدمة الاتصال اللاسلكي للانترنت.

من جهة أخرى يشهد موسم حج هذا العالم لأول مرة تنفيذ مشروع إعداد وتجهيز حجارة رمي الجمار، والذي تشرف عليه لجنة السقاية والرفادة بامارة منطقة مكة المكرمة وتنفذه مبرة العمودي الخيرية، حيث يستهدف مشروع إعداد وتجهيز حجارة رمي الجمار أكثر من 1.5 مليون حاج، من خلال توزيع 500 ألف حافظة لحجار رمي الجمرات مصنوعة من القطيفة تحتوي كل حافظة على حجارة رمي الجمار تكفي لثلاثة حجاج أيام الرمي الثلاثة في مشعر منى. وقال الدكتور محمد العمودي عضو لجنة السقاية والرفادة إن فكرة مشروع إعداد وتجهيز حجارة رمي الجمار جاءت في إطار توجيهات حكومة خادم الحرمين الشريفين من أجل توفير كل السبل والإمكانيات، وذلك ليؤدي حجاج بيت الله الحرام مناسك حجهم بيسر وسهولة وامن وأمان، مضيفا أن فكرة المشروع لاقت التشجيع والدعم من قبل أعضاء لجنة السقاية والرفادة في امارة منطقة مكة المكرمة بعد الحصول على الفتوى الشرعية بإجازة هذا المشروع. وبين عضو لجنة السقاية والرفادة أن مشروع تجهيز حجارة رمي الجمار يهدف إلى التخفيف عن الحجاج خاصة كبار السن حيث يصلون إلى مشعر مزدلفة وقد اخذ التعب منهم بعد وقفة عرفات ونفرتهم إلى مزدلفة حيث تقدم لهم حجارة الرمي نظيفة وجاهزة ومعقمة داخل أكياس فاخرة مصنوعة من القطيفة يحتوى كل كيس على حجارة رمي الجمار تكفي لثلاثة حجاج لرمي الجمرات الثلاث بدلا من البحث عنها في جبال مشعر مزدلفة. وأكد الدكتور العمودي أن مشروع إعداد وتجهيز حجارة رمي الجمار يطبق لأول مرة في الحج وهو من المشروعات الخيرية الرائدة التي تهدف إلى خدمة ضيوف الرحمن انطلاقا من توجيهات الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة.