«حجاج» يبحثون عن الشهادة وآخرون يغسلون أكفانهم بماء زمزم

فيما أكدت دراسة حديثة أن 35% من الحجاج أميون و50% مسنون

TT

كغيرها من المشاعر المقدسة تشهد الساحات المحيطة بالحرم المكي الكثير من الطقوس والغرائب والممارسات التي يحضرها الحجاج من شتى بقاع العالم إلى مكة المكرمة.

وتأتي تلك الممارسات حسب المعتقدات التي نشأ عليها الحجاج، منها ما هو مثير للدهشة، والآخر مثير للضحك، في حين يحمل الكثير من تلك الممارسات من معاني التأمل للناظر إليها ويقشعر لها القلب، ولعل ابرز تلك الطقوس ما يقوم به بعض حجاج تركيا واندونيسيا من خلال حرصهم على شراء الأكفان وقطع القماش البيضاء من المشاعر، وغسلها بمياه زمزم، وإعادة ترتيبها مرة أخرى، لتكون أكفانهم عند موتهم كما ذكر احدهم، وكأنهم في حالة استعداد وتأهب لمواجهة الموت بعد إكمال الركن الخامس من الإسلام. ويقول عبد المقصود محمد الإندونيسي الجنسية انه حضر للحج بعد ما قام بجمع تكاليفه على مدى عشرات السنين، وقال إن أبناء بلده ومنذ ولادتهم يحملون بداخلهم همين اثنين؛ الأول هو الزواج، والثاني هو جمع المال لأداء فريضة الحج، والحاج في اندونيسيا عند عودته إلى بلده يحتفلون به احتفالا مميزا، ويزف على عربة خاصة. وحول ما قام به من غسيل للقماش الأبيض، قال عبد المقصود «هو كفن اشتريته من احد المحلات هنا وقمت بغسله بماء زمزم تفاؤلا بأن يختم الله لي على خير وأقابل ربي بماء مكة المكرمة» على حد وصفه.

ولم يكن ما يقوم به عبد المقصود هو الأمر الغريب فقط، فقد كشف عبد الله محمد ابكر المؤرخ المكاوي المعروف وصاحب كتاب «صور من تراث مكة المكرمة» لـ«الشرق الأوسط» أن العديد من الحجاج ومنذ قديم الزمان كانت لهم الكثير من الطقوس الغريبة، فكان البعض منهم يحب ان يهدي سكان مكة الهدايا، ويتبرك بكل مقتنيات الحرم، ومنهم من كان يشد لباس الكعبة، ويقصه بمقص أو بأداة حادة، في وقت من الأوقات مما دفع السلطات رفع الكسوة في بعض أيام الحج، وأبان ابكر أن الكثير من العادات والتقاليد زالت مع مرور الأيام بسبب الوعي والتعليم، ولكن الكثير من الحجاج ما زالوا يحملون العديد من تلك العادات خصوصا من كبار السن. ومن جانبه قال طارق كردستاني أحد سكان مكة المكرمة أنه بات من الملاحظ خلال هذه الفترة تهور بعض الحجاج في رمي أنفسهم ودخولهم لبعض مواطن الحظر دون حذر، وكأن البعض منهم يبحث عن الموت في المشاعر وفي مكة المكرمة بشكل خاص.

وكانت مكة المكرمة قد شهدت خلال شهر رمضان المبارك حادثة رمي احد المعتمرين نفسه من الدور الثالث، ولكنه لم يتوف وأصيب ببعض الإصابات وقدرت مصادر طبية إصابته بمرض نفسي اجبره على ذلك.

ويؤكد بعض العاملين في ميناء جدة الإسلامي وصول عدد كبير من الحجاج كبار السن الذين يحضرون للحج ويعانون من أمراض، والبعض منهم لا يستطيع الحركة وهم في العادة يتمنون الشهادة في المشاعر.

وكانت دراسة قام بها معهد خادم الحرمين لأبحاث الحج أوضحت ان 50 في المائة من الحجاج هم من كبار السن، والمصابين بالعديد من أمراض الشيخوخة، وتشكل أمراض آلام المفاصل والعضلات النسبة الأكبر من أمراضهم حيث تبلغ 44 في المائة، فيما تصل نسبة أمراض ارتفاع الدم الى 26.3 في المائة، و18.8 لأمراض الرئتين، و13 في المائة لأمراض الجهاز الهضمي، و11 في المائة للإعاقات الحركية. وقد أوضحت دراسة لمجموعة من الباحثين أهمية السماح لحجاج الخارج بأداء الفريضة في سن مبكرة، وأشارت الدراسة التي لم تربط بين حالات الوفاة ونسب أعمار الحجاج، الى ان 50.6 في المائة منهم من الحجاج تتراوح اعمارهم بين 60 و 65 عاما، ونحو 24 في المائة تتراوح اعمارهم بين 65 و 70 عاما، ويبلغ عدد الحجاج المسنين نحو 77 في المائة من الرجال، و23 في المائة من النساء، كما أن 35 في المائة من الحجاج أميون، و23 في المائة منهم يحملون مؤهلات متوسطة، ونحو 16 في المائة منهم يحملون مؤهلات جامعية. ومن جهتها تحرص الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على مواجهة تلك الممارسات الغريبة باللين والحكمة، وتكثيف دروس التوجيه والإرشاد عقب كل صلاة وبعدة لغات، وتوزيع المطبوعات والمطويات الإرشادية التي تتناول في ثناياها التوعية والتوجيه لرواد المسجد الحرام ببعض الأخطاء وتبيان صفة أداء المناسك. يذكر أن عددا من العلماء يُرجع تلك الممارسات الى غياب التوعية الإسلامية، الأمر الذي يضع على عاتق العلماء والدعاة مسؤولية توعية هؤلاء الحجاج.