نساء مكة يرددن: يا قيس يا قيس الناس حجت هنا وأنت قاعد ليش

في الوقت الذي يقوم رجال مكة بخدمة الحجاج والعمل

TT

«يا قيس يا قيس.. الناس حجت هنا وأنت قاعد ليش!»... هكذا كانت تردد سيدات مكة المكرمة هذه الأهزوجة لأزواجهن الذين لم يذهبوا لخدمة الحجيج أو ممارسة العمل التجاري في خدمة حجاج بيت الله خلال مواسم الحجاج في سنوات خلت. وكانت نساء مكة خلال فترة الحج يرتدين الملابس الرجالية للعمدة ونقيبه، وبعض رجال الحارة المكاوية القديمة، والبعض منهن تخرج دون غطاء على رأسها بعد خروج رجال مكة المكرمة جميعا لخدمة الحجيج في مشعري منى وعرفات يومي الثامن والعاشر من ذي الحجة وهو الامر الذي اشتهر به اهل مكة في موسم الحج الذي يتحول لموسم اقتصادي كبير لجميع السكان، البعض منهم يعمل في النقل عبر الدواب والبعض الآخر في الطوافة والسقاية اضافة الى الرفادة والإعاشة. وتروي أمل القثامي المحاضرة في جامعة الطائف ما كانت تقوم به مع والدتها قبل 25 عاما، فيما كانت سيدات الحارة في بيت أي من احداهن يتفقن على توزيع المهام الرجالية بينهن ويقمن بدور الرجال مرددين الكثير من الاهازيج المكاوية وهن يلبسن أزياء الرجال بداية من الزبيرية في القدم الى العمة في الرأس. وتقول القثامي «وكانت النساء توجهن سيلا من اللوم والتوبيخ لكل رجل يبقى في المدينة ولا يذهب لخدمة الحجيج بترديد قيس يا قيس.. الناس حجت هنا وأنت قاعد ليش». وتضيف القثامي «هذه العادة المكاوية تغيرت في الوقت الحاضر، وأصبحت تمارس على نطاق ضيق جدا في بعض الحارات القديمة وفي الزواجات كنوع من اعادة التراث القديم». من جانبه، يرجع المؤرخ عبد الله أبكر، وهو مختص في تاريخ وعادات مكة وسكانها، اندثار هذه العادة الى الزيادة السكانية في مكة «الذين أصبحوا يقاربون أعداد الحجاج». وبالعودة إلى القثامي التي بينت أن السيدات في مكة أصبحن يقضين هذه العادة بشكل آخر، حيث يحرصن جميعا على إعداد الإفطار مع صيام يوم عرفه والتوجه الى الحرم واستغلال عدم وجود الحجاج والزحام فيحرصن على الذهاب إلى ساحات الحرم الخارجية والداخلية وتناول الإفطار. وتقول هنا «تناول الإفطار عادة مكاوية شهيرة تسمى الخليف كما يعد ذلك اليوم احد اهم ايام التحرر لدى سيدات مكة فلا بد ان يخرجن للاسواق وشراء الألعاب للأطفال والطيران للفتيات». وتحرص إيناس اللهيبي على صنع المعمول والاكلات المكاوية وعزيمة جميع زميلاتها وأقربائها لتناول طعام الإفطار جميعا في إحدى الحدائق، ومن ثم التوجه لأداء الصلاة في المسجد الحرام والاستماع الى المحاضرات والندوات والعودة استعدادا للعيد. وهو الأمر الذي يؤكده المؤرخ عبد الله أبكر أيضا، ويضيف «مع أول أيام العيد رجال مكة يحرصون أشد الحرص على لعب المزمار وهي الرقصة المكاوية الشهيرة، وكانوا قديما من شدة حرصهم يقومون بأدائها في منى».