ذوو الإعاقة الحركية يتشوقون لرجم الشيطان.. وأقرانهم من الصم والبكم «يلبون بقلوبهم»

أكثر من 130 ألف معاق في المشاعر

TT

على الرغم من سماحة الدين الإسلامي في الركن الخامس منه وربطه بالاستطاعة، إلا أن الكثير من المسلمين من شتى بقاع العالم يحرصون على أداء الفريضة والاستعداد لها مبكرا ومواجهة الصعاب لأدائها متحملين المشاق والصعاب للفوز بأكبر الأجر. البعض من هؤلاء من كبار السن الذين أكدت دراسة رسمية أنهم يمثلون 50 في المائة من الحجيج لا يستطيع الحركة، وعددهم قد يصل الى نحو مليون ونصف المليون حاج من المسنين، اضافة الى 140 ألف حاج معاق حركيا، يوكلون أقربائهم برمي الجمرات عنهم وقلوبهم تشتاق لرميها ودحر ما ترمز له من «شيطان»، كما يقول الحاج المصري محمد عبد الغفور، القادم للحج من محافظة أسيوط، والذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «كان نفسي ربي يعطيني قوة اليد بس الوقت دا عشان أرجمه»، وأضاف «الحمد الله شفت الحرم وأتيت هنا أطلب الرحمة والغفران». مناظر المعاقين في المشاعر لا تثير الشفقة على عكس الأماكن الأخرى، بل تمنح الجميع القوة والدافع لإكمال المشوار والنظر لهم احتراما وتقديرا، وهو ما أبانه عبد الله بالبيد الذي أقسم بدمعان عينيه انه رأى احد الحجيج المعاقين وهو يحرص كل الحرص على أداء المناسك وهو يفتقد لقدميه المبتورتين، وكان بالبيد يشعر بألم في حينها وتناسى كل ذلك، بعد أن منحه هذا المشهد المزيد من القوة والاصرار.

بسبب عدم مقدرتهم على التواصل باللسان، فإنهم يلبون بقلوبهم، وكل ما بداخلهم يلبي. انهم الحجاج من الصم والبكم، يتمنون النطق والتلبية بأصواتهم، ولكن ورغم ذلك لم تمنعهم اعاقتهم من التلبية والمشاركة في الحج، رغم أن الحج هو الفريضة الوحيدة التي تنطق فيها النية، كما أبان احد العلماء في منى، وباقيات النيات محلها القلب. هم صامتون ولا ينطقون، يتواصلون فيما بينهم ومع غيرهم بلغة الإشارة ولكن كل ما بداخلهم يردد «لبيك اللهم لبيك» في مكان لا يستخدمون فيه لغة الإشارة للتواصل مع ربهم، بل تتحرك قلوبهم وجميع أعضاء أجسادهم لخالقهم طالبين الرحمة والغفران، يشعلون قناديل الإعجاب لكل من حولهم رغم غياب تلبياتهم، إلا أن تطلعاتهم تفوق أقرانهم من ذوي الأصوات والحناجر ويستخدمونها في معصية الخالق هذه الأيام وفي شتى بقاع الأرض. محمد رياض كما كتب على ورقة ليعرف عن نفسه تمنى بلغة الإشارة أن يوفقه الله ويتم هذا الحج ويغفر الله له ذنوبه.