ثراء روحاني وأداء اقتصادي بفتح أبواب الحرم النبوي طوال ساعات اليوم

لتغطية التكاليف المرتفعة لإيجارات المنشآت التجارية من خلال زيادة ساعات العمل

TT

يتدفق الآلاف من الزوار لزيارة المدينة المنورة لصيام يوم عرفة وقضاء أيام عيد الأضحى في رحاب المسجد النبوي الشريف من مختلف أنحاء المملكة خاصة من مكة المكرمة وجدة والطائف والمنطقة الشرقية. وأسهم صدور توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في أكتوبر (تشرين الأول) 2007، في أن تبقى أبواب الحرم النبوي مفتوحة أمام الزوار والمصلين على امتداد الساعة طوال العام مراعاة للزيادة الكبيرة في أعداد القادمين للزيارة والصلاة فيه. وفتح التوجيه الملكي للمستثمرين والتجار من أهالي المدينة المنورة فرصا استثمارية جديدة لتلبية احتياجات الزوار، والذي ساعدت الأنظمة الحكومية للاستثمار في المنطقة المركزية للمسجد النبوي في جذب المزيد من المشاريع المختلفة.

ويرى عبد الغني حماد الأنصاري، وهو خبير اقتصادي، أن تغطية التكاليف المرتفعة لإيجارات المنشآت التجارية من خلال ازدياد ساعات العمل إلى ست ساعات في اليوم، أي بحولي 1300 ساعة عمل مضافة سنويا، وهو ما طرح المزيد من فرص العمل الجزئية للشباب في مجالات البيع في المحلات التجارية ومكاتب الحجوزات والنقليات والشحن.

ويضيف الأنصاري «كما قامت المنشآت التجارية بادارج العمل بنظام الورديات لمواجهة الارتفاع في ظل النشاط الذي شهدته الأسواق طوال العام، خاصة مع تعاقب المواسم من الحج إلى مواسم العمرة ورمضان».

ويوضح الخبير الاقتصادي أن مواسم العمرة الممتدة طوال العام زادت من أعداد الحجاج والزوار، حيث كان لتنامي حركة الزوار إلى ثلاثة ملايين زائر سنويا أثرها في ازدياد الحركة التجارية.

ويقول «إضافة إلى تزايد التشغيل لمطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي واستقباله عشرات الرحلات الدولية يومياً، والتي تصل في اليوم إلى 60 رحلة، فأن القرار انعكس بشكل مباشر على مساعدة أصحاب الدخول المتوسطة في الانخراط بأعمال إضافية، لتغطية ساعات العمل الجديدة».

من جانبه، يكشف الدكتور تنيضب الفايدي الباحث والمختص في تاريخ المدينة المنورة، أن أبواب الحرم النبوي كانت مغلقة أمام الزوار لمدة تزيد عن ست ساعات، أي عقب نهاية صلاة العشاء حتى صلاة الفجر بمدة زمنية لا تتجاوز الساعة الواحدة. ويقول الباحث الفايدي، خلال حديثه لـ «الشرق الأوسط»، أنه «لم تكن أبواب الحرم تظل مشرعة إلا في العشر الأواخر من رمضان، ويعد القرار الذي أتي في المقام الأول مراعاة للناحية الدينية بإتاحة الفرصة أمام زائري المسجد من داخل وخارج البلاد، بالزيارة للمسجد في أي وقت يقدمون إليه من الليل ومن التشرف بزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم، والتمتع بالصلاة وقضاء أوقات أطول في الروضة الشريفة». وأضاف «وذلك نظراً لما تشهده من ازدحام متواصل من الزوار في أجواء مفعمة بالطمأنينة والشعور بالارتياح والخشوع، وما ورد في الأثر أنها قطعة من رياض الجنة «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة»، كما أن القرار تاريخياً أنهى حقبة زمنية انتظم فيها إغلاق أبواب المسجد وظل بمثابة تقليد موروث».

ويستدل المؤرخ لمدينة رسول الله على أن من أشهر ما روي عن ذلك في مخطوطة «تقاليد الخدمة والشعائر في المسجد النبوي»، والتي صدرت في العام الهجري 1206، ضمن كتاب مخطوط بعنوان «رسالة طيبة الأذكار» الذي يصف ذلك التقليد بقوله «بعد الفراغ من صلاة العشاء يحضر الموظفون جميعًا، وفي يد كل منهم سراج مضيء - وهي مختلفة الألوان - فيتجولون في أنحاء المسجد، حتى يصلوا إلى باب السلام فيوصدونه، وإذا رأوا شخصًا بالداخل يخاطبونه بقولهم: «بسم الله» ليخرج، ويستمرون على هذه الحال حتى تغلق جميع الأبواب».

وتتميز المنطقة المركزية بحجم المشروعات التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين لتوسعة المسجد من الجهة الشرقية، إضافة إلى المشروعات الاستثمارية التي أقامها القطاع الخاص والمقدرة بأكثر من 15 مليار ريال من دون احتساب قيمة الأراضي المقامة عليها تلك المشاريع ويتوقع ضخ المزيد من الاستثمارات في مشروعات الخدمات والمرافق التي تم طرحها أخيراً بنظام «بي أو تي» والتي يقوم بتنفيذها عدد من المؤسسات والشركات.