دراسة: ارتفاع أسعار الأراضي أضعف تنفس «الرئة الخضراء» في السعودية

طالبت بوضع تصنيف يقيّم مستوى الحدائق

TT

يبدو أن القفزات السعرية التي حققها قطاع العقارات السعودي في السنوات الخمس الأخيرة، لم تأخذ بعداً اقتصادياً فقط بل وصل تأثيرها للبيئة، حيث كشفت دراسة جغرافية حديثة أن الامتداد الأفقي للمدن وارتفاع أسعار الأراضي في الضواحي، أدى لوجود تنافس غير عادل في استخدامات الأرض على حساب الاستخدام الترويحي، وأضعف حجم المساحة الخضراء بصفتها الرئة التنفسية للمدن.

وأظهرت الدراسة التي أعدتها الدكتورة آمال الشيخ، أستاذ مساعد في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، وخصت «الشرق الأوسط» بها، أن التطور الحضري والانتشار العمراني والازدحام رفع الطلب على الأراضي للاستخدامات التجارية والصناعية والسكنية على حساب المناطق الخضراء، وأشارت لنمو المدن السريع باتجاه الشمال في الرياض وجدة والدمام، مما أثر في مستوى توزيع الحدائق وجعلها تتمركز بأماكن دون أخرى.

وبيَّنت الباحثة أن الحدائق السعودية تفتقد للمعايير البسيطة كتنسيق الزهور وترتيب أكشاك البيع، مؤكدة أن ذلك شكَّل صورة سلبية للحدائق لدى العائلات السعودية وجعلهم لا يجدونها منتجاً ترويحياً جذاباً، بخلاف العديد من الشعوب التي يحرص سكانها على ارتياد الحدائق لتوفر مقومات الراحة والترفيه فيها.

وأوصت الباحثة بوضع مواصفات ومعايير أفضل لتطوير الحدائق، تشتمل على ضمان الخصوصية والأمان وتهيئتها بالأسوار وألعاب الأطفال وجلسات مريحة للعائلات وأماكن للشواء ومواقف خاصة بالسيارات، واقترحت إضافة خدمة «الوايرليس» لتسهيل الدخول للإنترنت، على غرار الحدائق الموجودة ببعض الدول الخليجية.

ورغم أن الدراسة التي جاءت بعنوان (تحليل نمط توزيع الحدائق العامة النموذجية في مدينة جدة باستخدام تقنية نظم المعلومات الجغرافية)، قد شملت 123 حديقة بجدة، إلا أن الباحثة أكدت أن بالإمكان إسقاط النتائج التي توصلت إليها على بقية المدن السعودية، مرجعة ذلك لتشابه ظروفها.

وخلصت الدراسة إلى أن أهم المعوقات التي تواجه توسيع رقعة المساحة الخضراء تتمثل في محدودية الموارد المائية، فيما طالبت الدراسة بضرورة عمل تصنيف للحدائق، وإيجاد قاعدة بيانات شاملة عنها تسهل من وضع الخطط التنموية المناسبة لتطوير خدمات الحدائق وتنميتها.

وتضمنت توصيات الدراسة المطالبة بزيادة حجم مساحة الحدائق الموجودة بجدة من حوالي 2.9 مليون متر مربع إلى مساحة تناسب النطاق العمراني قُدرت بنحو 389 مليون متر مربع، وأوضحت الباحثة أن هذا التقدير جاء بالاعتماد على المعايير المحلية والإقليمية والعالمية.

واستندت الدراسة إلى ما كانت قد كشفته أحدث التقارير البيئية بأن مدينة جدة تحتل المركز الرابع عالمياً من حيث نسب التلوث، مؤكدة أن ذلك يجعلها من أكثر المدن اليوم حاجة لمضاعفة حجم المساحة الخضراء كي تكون بمثابة «الرئتين» التي تتنفس منهما.

وبينما تتبنى الكثير من الدول تخصيص 7 هكتارات من الأراضي الخضراء لكل ألف شخص، أكدت الباحثة أنه لا يمكن تطبيق هذا المعيار محلياً لأنه يعتمد على توفر الطبيعة الملائمة كالموجودة بالدول الأوروبية التي تمتاز بأن كمية المياه والأمطار فيها كبير جداً، بخلاف السعودية.

من جانب آخر، تعد الباحثة عضواً في مشروع الأطلس الرقمي التعليمي التربوي للوطن العربي، الذي تبناه مؤتمر «جيوتونس» في دورته الثالثة أواخر الشهر الماضي بتونس، وقد أوضحت أن المشروع بدأ خطواته الأولى الآن بجمع البيانات من الدول العربية باستخدام نظم المعلومات الجغرافية، وعمل برمجيات تسهل للناشئة استخدام هذه النظم، وأفادت أن المشروع سيعقد لقاءه الأول في مدينة مسقط قريباً.