العاملون في غسيل السيارات يتقاسمون الأحياء.. ويتحاكمون إلى رؤسائهم عند الخلاف بينهم

الجوازات لـ «الشرق الأوسط»: يشكلون منظمات متفرقة في الأحياء من مختلف الجنسيات

عامل في جدة يمارس عمله في أحد الأحياء الجنوبية («الشرق الأوسط»)
TT

لم يتوقع حسن الصومالي أن يقف يوماً أمام محاكمة تشبه إلى حد كبير المحاكمة العسكرية التي أدارها زعيم تنظيمه بغلظة، مُصدراً حكماً قاسياً دون تردد، وذلك بعد شكوى تقدم بها علي حسن، رئيس تنظيم حي الجامعة لغسل السيارات، الذي تجاوز القوانين الموضوعة، وقام بغسل سيارة في منطقة «الكرنتينا» المخصصة لتنظيم أو مجموعة «جدو» التشادي الجنسية.

ووفقاً لقوانين «المعلمة» أو «رئاسة تنظيم غسل السيارات» المعمول بها في الأحياء، لا يجوز الاعتداء على أي فرد من أي تنظيم آخر، والاكتفاء بتقديم شكوى لرئيسه ليتولى أمر العقاب، وهو الذي أمر بإيقاف «حسن» عن العمل. كل ذلك ليس من وحي الخيال ولكنها واقعة حقيقية قصها لـ«الشرق الأوسط» المواطن عبد الله حوباني بعد غياب من يقوم بغسل سيارته لأكثر من يوم، ليكتشف منه أن غيابه كان بسبب القوانين والحكم الصادر من رئيس تنظيمه الذي منعه من ممارسة العمل لمدة أسبوع بسبب ما بدر منه. ويُشاهَد الكثير من ممارسي هذه المهنة في العديد من المواقع داخل المدن وبخاصة المجاورة للمراكز التجارية والمستشفيات، التي تتوفر فيها مواقف السيارات، لكن الملاحظة الغريبة أن معظم تلك المواقع تسيطر عليها جنسيات بعينها تهدد المستثمرين في مجال مغاسل السيارات، والكثير منهم يبدأ دوامه في ساعات الفجر الأولى بسبب الخوف من حملات الجوازات. ويقول حسن الصومالي الذي التقته «الشرق الأوسط» في أحد مواقف السيارات التابع لمركز تجاري في مدينة جدة، إنهم في هذه الجماعة يتصفون بالأمانة وعدم السرقة، لأن هناك قائداً لهم يحكمهم ويعاقب كل شخص يقوم بعمليات مخالفة لقوانين الجماعة، بما أنهم مخالفون لنظام الإقامة. وقال بعضهم إنهم حريصون جداً من الجوازات «كي لا يذهب تعب شهر كامل في يوم واحد وترحيلهم دون فائدة».

ويشرح حسن الصومالي كيفية تنظيم الجماعة التي تشكل خلية بقائد يتولى التنظيم وتوزيع العمل والتدريب على الغسل والترتيب بحسب أقدمية الفرد وبحسب وقت قدوم «الزبون» إلى الموقع وبدون أن تكون هناك منافسة بينهم، وكل المطلوب العمل بجهد حتى يقتنع صاحب السيارة ويبدأ في تكرار التردد لنيل الخدمة من الجماعة نفسها وبداية بناء الثقة مع من يقوم بالغسل ليصل إلى درجة أنه يترك مفتاح السيارة عنده ويذهب إلى التسوق أو التنزه إلى فترات طويلة.

ويبيّن أحد الغسّالين، وهو من جنسية أفريقية، بأنهم يأتون بماء الغسل من المساجد ومغاسل الملابس التي تصدر بخار الماء، وكذلك من المنازل، وذلك بوضع حاويات تحت كل مكيفات الهواء لجمع المياه والغسل بها.

وأوضح أنهم ينامون في أماكن «الخرابات» أو تحت الكباري، وقد يستأجرون «عزب»، مبيناً أنه استطاع أن يصل إلى مدينة جدة بتكاليف تجاوزت 3500 ريال، وبمدة تتجاوز الشهر كي يصل إلى جدة. وبيّن أن دخله المادي في اليوم الواحد يتراوح بين 50 و100 ريال، هذا ويزداد هذا المبلغ في أوقات الأعياد والمناسبات، حيث يصل إلى نحو 150 ريالاً، ويغسل كل شخص ما يقارب 10 سيارات يومياً، ويقترب دخله الشهري من 3000 ريال في المتوسط، والأغرب من ذلك أنه يقوم بعملية التحويل إلى بلده عن طريق أحد الأشخاص من الجنسية نفسها، ولديه إقامة نظامية، ويأخذ 10 ريالات مقابل كل 100 ريال محولة، مبيناً أن التحويل يتسم بالصّدقية والسرعة، حيث يتم التسليم باتصال هاتفي مباشر إلى الطرف الآخر.

إلى ذلك، أوضح الرائد محمد الحسين الناطق الإعلامي لجوازات منطقة مكة المكرمة لـ«الشرق الأوسط» أن هناك جهوداً من الجوازات والأمانة، للقضاء على هذه الظاهرة، بالزي المدني والقبض المفاجئ.

وأضاف «أن هناك منظمات متفرقة في أحياء جدة من مختلف الجنسيات تقوم بممارسة غسل السيارات»، مؤكداً «أن رأس مال كل غسّال «سطل» ماء و«فيري» و«منشفة» للمسح لا تتجاوز 35 ريالاً، مشيراً إلى أنه لابد من تزايد الجهود للقضاء على هذه الظاهرة.