موجة برد «قطبية» تدفع بالسعوديين إلى الأسواق

الدفاع المدني: الابتعاد عن استخدام التدفئة بالحطب والفحم خشية «الاختناق»

الثلوج تغطي أحد الطرق في وقت سابق جنوب السعودية («الشرق الاوسط»)
TT

دفعت تقارير رسمية بقرب موجة «قطبية» قارسة البرودة، بالسعوديين والمقيمين، إلى التوجه إلى الأسواق للاستعداد وشراء العتاد لمقاومة تلك الموجة بالملابس الصوفية وأجهزة التدفئة الكهربائية. وكانت الأرصاد السعودية والدفاع المدني، وهما الجهتان المختصتان بتقييم الأجواء والإنقاذ، قد دعتا إلى الاستعداد لموسم قارس البرودة في كثير من مناطق السعودية، متوقعةً أن تصل درجات البرودة إلى تحت الصفر في كثير منها، وهو الأمر الذي لم يعتَده السعوديون.

الزحف الجماعي باتجاه الأسواق يعلّق عليه محمد أحمد مغربي (يملك محلا للأجهزة الكهربائية في سوق شعبية بجدة) بقوله «إن طلب أجهزة التدفئة ارتفع بشكل كبير إلى أكثر من 6 أو 7 أضعاف مما كان عليه»، مشيرًا إلى أنه لا يعرف السبب لذلك. غير أنه علّق ضاحكًا، بعد أن عرف بأخبار التقارير الجوية، بقوله «إذن لا بد من مضاعفة الكميات هذا الأسبوع».

ورغم أن الأجواء ما زالت في كثير من المدن، وخصوصًا القطاع الغربي، لطيفة وجميلة، فإن حملة الاستعدادات بدأت من هناك، باعتبار أنها مدينة الاقتصاد والموزع الأول للتجارة في البلاد، حيث تحولت سوقها خلال إجازة هذا الأسبوع إلى خلية نحل، ومن مبدأ «مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدُ»، يقول أحمد الشامي (وهو عامل في أحد محلات الملابس الموسمية، التي تحضرت للشتاء): «الإقبال علينا كبير جدًّا».

ويستطرد: «نريد بردًا أكثر، حتى نبيع كل ما في المستودعات»، مشيرًا إلى أن أكثر الزبائن يأتونه من خارج جدة، لأنهم يخبرونه بضرورة اختيار القياس المناسب، حتى لا يشقّ عليهم استبدالها، كونهم من خارج جدة.

إلى ذلك، جاء بيان الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، ليلفت انتباه الجميع إلى أن التوقعات تشير إلى تعرُّض الأجواء السعودية لموجة باردة «قطبية» قادمة من شرق أوروبا، بدأت يوم الخميس الماضي، حتى صباح الاثنين بعد القادم، تؤثر على أجواء المملكة. ومن خلال دراسة خرائط الطقس والنماذج العددية من قِبل المختصّين في إدارة التحاليل والتوقعات، تَبيّن «أن أجواء المملكة سوف تتأثر بطقس شديد البرودة، مصحوبة برياح نشطة، تصل سرعتها إلى 45 كلم في الساعة».

وأضاف البيان: «كما يُتوقع أن تسجّل درجات الحرارة الصغرى على مناطق شمال السعودية ما بين 3 و8 درجات تحت الصفر، بينما تسجّل وسط المملكة من الصفر المئوي إلى 5 تحت الصفر المئوي، والمنطقة الشرقية ومنطقة نجران قد تسجّل صفر درجة مئوية إلى 5 درجات مئوية، بينما تسجّل منطقة مكة المكرمة من 12 إلى 15 درجة مئوية، وتسجّل عسير والطائف الصغرى ما بين 2 و6 درجات مئوية. كما تسجّل منطقة المدينة المنورة أقل من 8 درجات مئوية». وأضاف البيان: «ويُتوقع أن تكون السماء غائمة جزئيًّا إلى غائمة على منطقة المدينة المنورة ومكة المكرمة، تمتدّ حتى ما بين القصيم وحائل. ولا يُستبعد هطول أمطار من خفيفة إلى متوسطة، كما يُتوقع أن يتكون الصقيع، خصوصًا على مناطق شمال ووسط المملكة، ومرتفعات عسير والطائف».

ودعت الرئاسة بدورها «الجميع إلى اتخاذ الحيطة والحذر في مثل هذه التقلبات الجوية، وتؤكد استمرارها بمراقبة وتحليل الظواهر الجوية على مدار الساعة لإصدار التوقعات والتحذيرات اللازمة في حينه». وفي السياق نفسه حذر الدفاع المدني السعودي أمس المواطنين والمقيمين من المخاطر التي تشكلها موجة البرد القارسة التي تشهدها بعض مناطق المملكة، وما قد يصاحبها من نزلات برد شديدة. وأوضح الدفاع المدني في بيان رسمي له «أن أفضل السبل للوقاية من هذه الموجة، هو التدفئة الجيدة بارتداء الملابس واستخدام الأغطية والدفايات الكهربائية الآمنة، والابتعاد قدر الإمكان عن استخدام التدفئة بالحطب والفحم، التي يلزم عند استخدامها وجود تيار هوائي يجدّد الهواء، ويحول دون حدوث اختناق يؤدي إلى الموت، دون أن يشعر الإنسان بذلك».

وحذر الدفاع المدني من سقوط بعض الثلوج والتعرض لها، دون توخي احتياطات السلامة، سواء على الطرقات أو خارج المنازل.

وفي وقتٍ تحذر فيه السلطات السعودية من مخاطر الفحم والحطب واستخدامهما خشية الاختناقات، يطمئن تجار سعوديون في أسواق الحطب والفحم، على توفر كميات ضخمة في السوق، كفيلة بتغطية الحاجة الحالية والمستقبلية من الحطب والفحم، بعد أن دفعت موجات البرد «القارسة جدًّا» التي تلفّ أرجاء متعددة من البلاد، لاندفاع السعوديين نحو أسواق أدوات ووسائل التدفئة التقليدية، تبرز في مقدمتها أسواق الحطب والفحم، اللذين يفضّلهما السعوديون كوسيلة تدفئة فاعلة.

وقال عدد من التجار لـ «الشرق الأوسط» في وقت سابق «إن الأسعار بقيت على مستوياتها السابقة، في حين شهدت أسعار الفحم ارتفاعًا نسبيًّا بين 20 و25 في المائة، في وقت أكّدوا على ارتفاع كميات طلبات الشراء خلال الأسبوعين الماضيين. وذكر عويض بن سالم (الشريك في شركة عويض بن سالم وشريكه لتجارة الحطب والفحم) أن الفحم شهد تحركًا طفيفًا في مستويات سعره، إذ عمد البعض إلى رفع السعر بين 20 و25 في المائة، ليصعد كيس الفحم الصغير من 18 و20 ريالا، إلى 23 و25 ريالا.