جدة تودع سوقاً.. وتحتفل بمرور 20 عاماً على آخر

بناء أسواق جديدة بات مرهوناً بـ «المكان» و«خطة التسويق»

سوق «أوسيس مول» الذي مثّل بداية تغير أشكال البناء للأسواق التجارية في السعودية ولكن فشل تسويقه أدى لإغلاقه منذ يومين (تصوير: غازي مهدي)
TT

عشية أول من أمس شاهد أهالي وسكان مدينة جدة، خاصة القاطنين في حي المطار القديم، مراسم إغلاق أشهر المراكز التجارية عند افتتاحه «أوسيس مول» أو سوق «محمود سعيد» قبل نحو خمسة أعوام، الذي دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية باحتوائه أكبر لوحة مرسومة بالفسيفساء على جدرانه وسقفه. واليوم يحتفل سوق «البساتين»، الواقع ضمن مجموعة من الأسواق التجارية الفارهة على شارع التحلية، بمناسبة مرور 20 عاماً، على إنشائه. وبين الخبرين السابقين، سؤال يدور حول الوضع العام للأسواق التجارية في مدينة جدة، التي تشتهر باعتبارها مدينة تجارية في السعودية، ومدى قابليته لاستقبال مراكز تجارية جديدة في ظل أعمال الإنشاء والبناء، الجارية على قدم وساق في عدد من المواقع لإنشاء مراكز تجارية. باختصار، هل جدة قادرة على احتمال أسواق أكثر مما هو موجود؟ وكيف حافظ سوق، عمره الزمني يمتد لأكثر من 20 عاما، على المنافسة والبقاء، بينما لم يستطع سوق بلغت تكاليف إنشائه نحو 50 مليون دولار، وبني وفق أحداث المواصفات والمقاييس العالمية الاستمرار؟

يقول هيثم الحجار، وهو مختص في شؤون التسويق للمراكز التجارية، إن نجاح المركز أو فشله يخضع للدراسات المبدئية للسوق في مراحل ما قبل الإنشاء. ويضيف «ومن هذا المنطلق نستطيع القول إن جدة قادرة على تحمل مشاريع مراكز جديدة، وفي نفس الوقت ليست قادرة».

ويرى الحجار أن ما حدث لسوق «أوسيس مول» لا يعد مؤشرا خطيرا للمراكز التجارية الأخرى، وبشكل خاص المراكز الضخمة التي بدأت في الوجود بكثرة في مواقع لا تزال تشهد قلة كثافة سكانية في الوقت الحاضر، كالأحياء المجاورة للمطار أو الكورنيش. ويؤكد أن أهم العوامل لبناء المراكز التجارية تقوم على الدراسات المبدئية لموقع المركز، وكذلك نوعية الجهات التجارية التي تبيع بالتجزئة المتطلب توفرها في المركز. ويوضح هيثم الحجار، أن الدراسات الصادرة عن شركات التطوير العقاري، تكشف عن أن أكثر المناطق الجاذبة لبناء مراكز تجارية تقع على طريق الملك المحاذي للكورنيش في شمال جدة، مضيفاً «صحيح أن الكثافة السكانية في هذه المنطقة (أي طريق الملك) تتراوح ما بين 20 إلى 25 % من إجمالي سكان المدينة، بيد أن القدرة الشرائية للفرد القاطن فيها تبلغ 30 ألف ريال سعودي، بخلاف الفرد في الأحياء الجنوبية الذي لا تزيد قدرته الشرائية على 5000 ريال سعودي، كحد أقصى».

وقال خبير التسويق «ما تشهده مدينة جدة من أعمال للتطوير بحاجة لتنوع الاستثمارات في المدينة، وبالخصوص مشروع تطوير وسط البلد الذي يعتبر عامل جذب مغريا من حيث المساحات المتوفرة، والخدمات والتسهيلات الحكومية المقدمة». ولإيضاح الصورة الحالية لطبيعة الأسواق والمراكز التجارية في جدة، التي تتنوع في ثلاثة أشكال، الأول هي ذات الطابع الشعبي ويبلغ عددها نحو 12 سوقا تجاريا (الصواريخ، البدو، العلوي، الخاسكية، الندى)، وتتركز في منطقة البلد أو جدة القديمة وبعض المواقع في الأحياء الجنوبية.

والنوع الثاني يتمثل في أسواق تجارية متوسطة الحجم، أي ما تتراوح أعداد دكاكينها من 35 إلى 40 دكانا، وتنتشر في كافة أحياء المدينة، بواقع يزيد على 100 سوق تجاري. ويتمثل الشكل الثالث للأسواق، في المراكز الكبيرة والضخمة التي تزيد على 80 مركزا تجاريا، ويصل عدد الدكاكين في الواحدة منها ما بين 400 إلى 1500 دكان.

وشهد النوع الأخير طفرة كبيرة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تتماشى مع أعمال التطوير وإعادة رسم الملامح لعروس البحر الأحمر، وخاصة جملة المشاريع التنموية التي تفوق 200 مليون ريال سعودي، المعلن عنها أواخر عام 2008 الماضي.

ويؤكد كريم عيتاني مدير التسويق لمشروع تطوير وسط جدة، أن البيئة الجديدة المزمع بناؤها في المنطقة، سوف تسهم في ظهور مراكز أو أسواق تجارية ضخمة في المنطقة. وحول عدد المراكز التجارية التي ينتظر تنفيذها في منطقة وسط البلد، بعد انتهاء الصياغة الشكلية لها، يقول عيتاني «ستكون هناك نسبة جديدة، حالياً لا يمكن تحديدها أو القدرة الاستيعابية لها حتى تكتمل الصورة».