خطط حكومية لتقليص الفقر المطلق إلى 13% في 2009 وصولا إلى 2.2% في عام 2020

عبر برامج قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى تنفرد «الشرق الأوسط» بنشر أبرز ملامحها

سجلت منطقة جازان الحالات الأكثر فقرا بين مختلف المناطق السعودية وبالتالي نالها جانبا مهما من الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر (تصوير: خالد الخميس)
TT

تقف السعودية في العام الجاري 2009، على أعتاب استحقاقات مهمة في معالجتها لملف الفقر، الذي تم الاعتراف به رسمياً، خلال الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الأحياء الفقيرة، حينما كان وليا للعهد.

فمن جهة، تعمل الجهات التنفيذية في السعودية، هذا العام، عبر استراتيجية معالجة الفقر، على تقليص نسبة الفقر المطلق، لتصل به إلى 13.3 في المائة مع نهاية خطة التنمية الثامنة للدولة، فيما يُنتظر أن تُنهي جهات حكومية في منتصف العام نفسه عمليات تحديث الاستراتيجية.

وأبلغ «الشرق الأوسط» الدكتور عبد الله المعيقل أمين عام استراتيجية معالجة الفقر، أن فريقاً يعمل الآن على تحديث بيانات وبرامج الاستراتيجية، تماشياً مع التطورات الاقتصادية والمالية، كما يعكف حالياً على دراسة تلك المتغيرات، وآثارها الإيجابية والسلبية، ويضع بعض المقترحات بشأنها.

وجاءت عمليات تحديث الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر، وفقاً للمعيقل، بتوجيه من الملك عبد الله بن عبد العزيز، وذلك مراعاة للمتغيرات الاقتصادية التي مرّت على الشارع السعودي خلال الأعوام الماضية.

وستطال عملية تحديث استراتيجية مكافحة الفقر، مراجعة خطوط الفقر «المدقع» و«المطلق»، في الوقت الذي قدّرت فيه الاستراتيجية القائمة حالياً، التي تنفرد «الشرق الأوسط» بنشر ملامحها، خط الفقر المدقع بـ 1724.4 ريال، في حين قدرت خط الفقر المطلق بـ 3817.5 ريال، وكلا الرقمين يمثل نصيب الأسرة في الشهر الواحد.

وعرّفت الاستراتيجية الفقر بأنه «عدم القدرة على تحقيق حد أدنى من مستويات المعيشة، يمكِّن الأفراد والأسر من مقابلة الاحتياجات الأساسية للحياة، من غذاء وكساء ومسكن وتعليم وصحة، في إطار مجتمع محلي معين».

ويؤكد أمين عام الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر، أنه تم تنفيذ 8 بنود من الخطط قصيرة المدى التي احتوتها الاستراتيجية. ودافع عن عملهم في الاستراتيجية بقوله «ليس صحيحاً ما يثار حول عدم وجود نتائج لعمل الاستراتيجية، فقد صدرت الكثير من القرارات بعد دراسة الاستراتيجية في الجهات المختصة».

وقُدرت نسبة الأُسر الفقيرة في السعودية فقراً مدقعاً بنحو 1.63 في المائة من إجمالي الأسر السعودية، وهو ما يعكس وجود 35 ألف أسرة تعيش تحت مستوى معيشة يقل عن إنفاق 1700 ريال شهرياً. وتقدر نسبة الأسر التي تعيش فقراً مطلقاً، ويقل إنفاقها عن 3800 ريال بنحو 18.9 في المائة، تمثل 409 آلاف أسرة سعودية.

واستحدثت الحكومة السعودية، ضمن استراتيجية معالجة الفقر، ما سمّته برنامج الدعم التكميلي، ودعمته بـ 264 مليون ريال سنوياً، بُغية رفع مستوى معيشة الأسر الفقيرة فقراً مدقعاً، إلى خط الفقر المدقع، وهو أحد القرارات التي صادق عليها مجلس الوزراء السعودي.

في المقابل، قُدرت المبالغ الممكن أن تسد فجوة الفقر المطلق لإيصال الأسر التي تعاني من فقر مطلق إلى خط هذا النوع من الفقر بـ 7228 مليون ريال في السنة، وهو ما يعني إنفاق 603 ملايين ريال شهريا لهذا الأمر.

وتصدرت جازان قائمة المناطق السعودية الأعلى في نسبة تسجيل الفقر المدقع والمطلق بـ 45 في المائة، الأمر الذي جعلها في مقدمة المناطق التي ارتأت الحكومة إقامة مدينة اقتصادية فيها، للإسهام في رفع مستويات معيشة قاطنيها، فيما سَجّلت منطقة القصيم أدنى مستويات هذين الخطين بـ 8 في المائة.

وأظهرت النتائج، التي توصل إليها فريق إعداد الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر في قياس خطوط الفقر ومؤشراته على مستوى المناطق الإدارية الـ 13، تَصَدُّر منطقة جازان (جنوب السعودية) قائمة المناطق الأعلى في انتشار الفقر المدقع، حيث قُدرت الأسر الفقيرة التي تعيش فقراً مدقعاً بنحو 6.85 في المائة من مجموع أسر المنطقة، تليها تبوك بـ 2.94 في المائة، فنجران بـ 2.70 في المائة، تليها الحدود الشمالية بنحو 2.68 في المائة.

وجاءت جازان أيضاً، على رأس قائمة المناطق الأعلى في أعداد الأسر التي تعيش فقراً مدقعاً، حيث يوجد بها ما يزيد على الـ 9700 أسرة، وحلّت الرياض في المرتبة الثانية، إذ زادت أعداد الأسر التي تعيش فقراً مدقعا فيها عن 4100 أسرة، تلتها عسير بـ 4 آلاف أسرة، فالمدينة المنورة، التي يوجد بها ما يزيد على الـ 3500 أسرة، ثم المنطقة الشرقية بـ 3200 أسرة، وأخيراً مكة المكرمة بـ 3185 أسرة.

وخلافاً للمعدلات الأعلى، فقد سجّلت منطقة القصيم ـ طبقاً لإحصائيات الاستراتيجية - أدنى مناطق البلاد في نسبة وأعداد الأسر التي تعيش فقراً مدقعاً، حيث يوجد بها 506 أُسَر فقيرة، تمثل نسبة 0.52 في المائة من المجموع الكلي، تلتْها من حيث أدنى مستويات الفقر، مكة المكرمة بـ 0.85 في المائة، فمنطقة الرياض بـ 0.89 في المائة، ثم المنطقة الشرقية بـ 0.99 في المائة.

وحلّت منطقة الجوف ثانياً، كالأقل في أعداد الأسر الفقيرة، حيث يوجد بها 526 أسرة، تليها الحدود الشمالية بـ 697 أسرة، فالباحة بـ 716 أسرة.

وتتفاوت المناطق السعودية في حجم المبالغ التي يمكن أن تسهم في سدّ فجوة الفقر المدقع، حيث تحتاج جازان ـ على سبيل المثال، بحسب التقديرات - إلى 107 ملايين ريال، خلافاً لعسير، التي لا تحتاج سوى 29 مليون ريال، فيما تحتاج الجوف إلى 4.60 مليون ريال، وقدرت حاجة الباحة لسد تلك الفجوة بـ 4.47 مليون، في حين لا تحتاج القصيم سوى 0.67 مليون ريال.

وتنتشر نسبة الأسر الواقعة تحت خط الفقر المطلق في منطقة جازان، مسجِّلة 39 في المائة من إجمالي أسرها، كأعلى المناطق، حيث تأتي نجران ثانياً بـ 24.53 في المائة، فالمدينة المنورة بـ 24.07 في المائة، تليها الحدود الشمالية بـ 23.59 في المائة.

وتبلغ أعداد الأسر التي تعيش فقراً مطلقاً في مكة المكرمة، 106 آلاف أسرة من مجموع أسر المنطقة، فيما يوجد في جازان ما يزيد على الـ 55 ألف و600 أسرة، تليها الرياض بـ 55 ألف و29 أسرة، فالمنطقة الشرقية بـ 46 ألف و900 أسرة، فالمدينة المنورة بـ 42 ألف و400 أسرة.

وفي القصيم، وصلت نسبة الأسر التي تعيش فقراً مطلقاً إلى نحو 7.57 في المائة، كأدنى المناطق، تليها الرياض بـ 11.78 في المائة، فالمنطقة الشرقية بـ 14.39 في المائة، ثم الباحة بـ 14.70 في المائة. وكانت الحدود الشمالية الأدنى في عدد الأسر التي تعيش فقراً مطلقاً، وتُقدَّر بـ 6 آلاف و133 أسرة، تبعتها الباحة بـ 6 آلاف و357 أسرة، فالجوف بـ 6 آلاف و900 أسرة، تبعتها القصيم بـ 7 آلاف و342 أسرة، وأخيراً حائل بـ 9 آلاف و890 أسرة.

وقدرت الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر، احتياج منطقة مكة المكرمة في العام الواحد لسدّ فجوة الفقر المطلق لأسرها الفقيرة، بـ 1.600 مليار ريال، تقل في الرياض بمليار و91 مليون ريال، فالمنطقة الشرقية بـ 948 مليوناً، فيما سجلت الباحة أدنى تكلفة لمعالجة الفقر المطلق في عام واحد بـ 120 مليون ريال، تليها الحدود الشمالية بـ 123 مليون ريال، فالجوف بـ 150 مليوناً.

* العمل والسكن والتعليم والصحة وعلاقتها بـ «الفقر»

* انطلقـــت الاســــتراتيجية الوطنية لمكافحة ومعالجة الفقر، مما اعتبره فريق عملها «قاعدة أساسية»، «مؤداها أن مشكلة الفقر الحقيقية ليست قضية مالية فقط، وإنما حصيلة لعدد من المكوِّنات والعوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتشكِّل عناصر القوى العاملة، ومستوى السكن، والتعليم، والصحة، أحد أهم المؤشرات التي ساعدت فريق استراتيجية مكافحة الفقر في عملها. وبالإشارة إلى ما ورد في الاستراتيجية من أرقام، فقد بلغت نسبة المشتغلين من السعوديين نحو 32 في المائة فقط من إجمالي السكان السعوديين في سن العمل (15 عاماً فما فوق)، فيما تشكل النساء المشتغلات 10 في المائة من مجموع المشتغلين.

وذكرت الاستراتيجية، التي تم الانتهاء من إعدادها عام 2005، أن معدل المشاركة الاقتصادية في المجتمع السعودي بلغ نحو 35 في المائة من السكان في سن العمل، وهو ما يعني أن 35 فرداً من القوى العاملة، يقابلهم 65 فرداً سعودياً ـ في سن العمل ـ لا يعملون. وعدَّت الاستراتيجية هذا المعدل من المشاركة «منخفضاً»، مقارنة بالمعدل العالمي البالغ 50 في المائة، وهو الأمر الذي قالت إنه «يزيد من العبء الاقتصادي على الأسرة السعودية».

ويبلغ معدّل الإعالة الاقتصادية المنقّحة للسعوديين، وتعني نسبة عدد السكان إلى نسبة المشتغلين، 5.8 في المائة، الأمر الذي يعني أن كل مشتغل من الأفراد السعوديين يعول 6 أفراد تقريباً. واعتبر فريق عمل الاستراتيجية أن هذا المعدل مرتفع، ويزيد العبء الاقتصادي على الأسر.

وتكشف الأرقام الواردة في الاستراتيجية عن أن 13 في المائة من المشتغلين السعوديين في المؤسسات العامة والقطاع الخاص، يتقاضون أجوراً لا تتجاوز الـ 1500 ريال شهرياً، فيما يتقاضى نحو 44 في المائة منهم أجوراً لا تتجاوز الـ 3 آلاف ريال.

ويعتبر ملف الإسكان من أكثر الملفات التي تؤرق السعوديين بشكل عام. وتكشف أرقام الاستراتيجية، عن أن نسبة المساكن التي يقطنها مالكوها السعوديين بلغت 44.5 في المائة، مقابل 44.4 تشكل نسبة المساكن المستأجرة.

وتشير إحصائيات الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر، إلى أن 30 في المائة من الأسر السعودية يسكنون في مساكن غير لائقة، يناهز عددها الـ 695 ألف أسرة، في الوقت الذي خطَت الحكومة فيه خطوة جدية للقضاء على أزمة الإسكان، بإنشاء هيئة عامة للإسكان، ينتظر أن تبدأ في نشر خططها قريباً.

وقدَّرت الأرقام، نسبة الأسر التي لا تملك مساكن، وتستأجر مساكن غير لائقة للسكن، بـ 77 ألف و787 أسرة، تمثل 3.4 في المائة من الأسر السعودية، وأفادت أن نحو 47 في المائة من إجمالي المساكن في البلاد تستخدم الشبكة العامة كمصدر لمياه الشرب، فيما بلغت نسبة المساكن التي تستخدم الشبكة العامة للصرف الصحي نحو 40 في المائة فقط، في حين قدرت نسبة المساكن المستفيدة من خدمات شبكة الكهرباء العامة بـ 93.8 في المائة.

ولاحظ مُعِدِّو الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر، أن منطقتي الباحة وتبوك، تعتبران من أكثر المناطق انخفاضاً في مؤشرات الخدمة العامة من الصرف الصحي والمياه والكهرباء، فيما ذكروا أن مناطق جازان ونجران والحدود الشمالية، تعاني من انخفاض مستويات الخدمة في خدمات شبكة الصرف الصحي والشبكة العامة للمياه، مقارنة ببقية المناطق.

ومن المؤثرات التي تسهم في اتساع رقعة الفقراء في السعودية، تفشّي الأميّة، وهي عكس التعليم. ويشكل 40 في المائة من الأميين في السعودية طبقة تفوق أعمارها 15 عاماً، فيما تمثل الإناث 70 في المائة من إجمالي الأميين في البلاد. ولاحظت الأرقام ارتفاع نسبة الأمية في كل من مناطق جازان والباحة وعسير ونجران، فيما جاءت منخفضة في المنطقة الشرقية والرياض والجوف.

وتشير المؤشرات الصحية الواردة في الإحصائيات الحكومية، إلى نقص نسبي في عدد الأسرة لكل 1000 مواطن، في مناطق جازان وحائل والمدينة المنورة ومكة المكرمة، فيما أشارت الأرقام نفسها إلى نقص الأطباء في المناطق ذاتها. ويعد معدّل عدد المراكز الصحية الأولية، في كل من المنطقة الشرقية ومنطقة تبوك، منخفضاً، مقارنة بالمتوسط العام.

* خريطة المستفيدين من برامج الفقر

* تشكّل فئة المسنين (55 سنة فأكثر) 65 في المائة، من إجمالي المستفيدين من خدمات وبرامج معالجة الفقر في السعودية، في الوقت الذي تشير فيه أرقام إلى نسبة الأميين بين أرباب الأسر الفقيرة تتجاوز حاجز الثُلثيْن، في إشارة تعكس ارتفاع نسبة الفقراء الذين تقل فرصهم في العمل المنتج المُدِرّ للدخل، بحسب إحدى التحليلات التي خلصت إليها استراتيجية معالجة الفقر.

وغالبية الأسر السعودية الفقيرة تتكون من 6 أفراد فأكثر، فيما أخذت الأسر التي تعول 8 أفراد، فما فوق، في الازدياد خلال الفترة الماضية. وتشير أرقام الإحصائية إلى أن 80 في المائة من الأسر الفقيرة تقل دخولها عن 1500 ريال، فيما أخذت أعداد الأسر التي تقل دخولها عن الـ 1000 ريال، في الازدياد.

هذه الأرقام، تكشف عن وجود نسبة كبيرة من الأسر تعيش فقراً مدقعاً. ويعرف خط الفقر المدقع، بأنه الإنفاق الاستهلاكي الذي يكون كافياً لمقابلة احتياجات الطاقة الغذائية في المجتمع. وقدرت الاستراتيجية خط الفقر المدقع في السعودية، في عام 2004 بـ 224.9 ريال للفرد في الشهر، وهو ما يعادل 1724.4 ريال للأسرة متوسطة الحجم، البالغ عدد أفرادها 6 و7 أفراد.

وتأتي الأسر التي لا يوجد لها عائل، على رأس الفئات الأكثر تعرضاً للفقر في المجتمع السعودي، فالأرامل، ثم المطلقات، ثم المعاقون.

وحددت استراتيجية معالجة الفقر 5 أسباب، تقف خلف تفشِّي الفقر؛ هي: ارتفاع معدل الإعالة، وانخفاض الدخل، وانخفاض الإنتاجية وتدني الأجور، والتفاوت التنموي بين المناطق، والإدارة غير الجيدة في بعض المؤسسات.

ولاستراتيجية معالجة الفقر، علاقة بالخطط التنموية الخمسية، خاصة الخطة الثامنة التي ستنتهي مع نهاية العام الجاري.

وينص الهدف العام للاستراتيجية على «تحقيق تحسُّن ملموس في الأوضاع المعيشية للفئات الفقيرة ومتدنية الدخل من السعوديين في سائر المناطق، من خلال العمل على زيادة دخولهم، وتحفيزهم للعمل، وزيادة قدرتهم على امتلاك الأصول والأدوات الإنتاجية، وتوفير قدر أكبر ونوعية أفضل من الخدمات، والبنية التحتية، والتدريب، وصولا إلى المواءمة بين النمو السكاني والموارد المتوفرة، بالإضافة إلى تفعيل شبكة الأمان الاجتماعي، ومراعاة تحقيق التنمية المتوازنة بين المناطق وداخل كل منطقة».

* أهم البرامج قصيرة المدى في معالجة الفقر

* يذكر الدكتور عبد الله المعيقل، أمين عام استراتيجية معالجة الفقر، أن من أهمها تخصيص مبلغ 10 مليارات ريال للإسكان الشعبي، والموافقة على استحداث برنامج الدعم التكميلي بـ 264 مليون ريال، ودعم الصندوق الخيري الوطني بـ 300 مليون ريال سنوياً، وزيادة المخصصات المقدمة للأيتام ذوي الظروف الخاصة ومَنْ في حكمهم بمبلغ 82 مليون ريال سنوياً، وتشمل إعانات الأسر الحاضنة، والإعانات المدرسية، ومكافأة نهاية الحضانة، وإعانات الزواج، ومكافآت المقيمين في دور رعاية الأيتام.

وضمن البرامج التي تم تطبيقها خلال السنوات الـ 3 الماضية، طبقاً لأمين عام استراتيجية معالجة الفقر، إقامة برنامج باسم «المساعدات الطارئة» للأسر التي تتعرض لحالات طارئة حرجة تتسبب في زيادة معاناتها، أو تعرضها لمشكلات، مثل وفاة المُعيل، أو سجنه، أو مرضه، أو مرض الأبناء، أو حوادث الحريق في المنزل، أو الكوارث الطبيعية، ونحوها، على أن تحدد سقوف هذه المساعدات حسب الحالة ودرجة المعاناة. وتم خلال السنوات الـ 3 الماضية، زيادة مخصصات الجمعيات الخيرية من 100 مليون إلى 300 مليون ريال سنوياً، وزيادة الإعانات المخصصة للمعاقين، من 750 مليون ريال إلى 812 مليون ريال، بزيادة بلغت نسبتها 42,25 في المائة، وزيادة مخصصات الضمان الاجتماعي، وذلك برفع الحد الأعلى لمخصصات الضمان الاجتماعي للأسرة من 16.200ريال إلى 31.100 ريال في السنة، وتمت زيادته قبل عام تقريباً، ليصل إلى 34.210 في السنة. ويضيف أمين عام الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر، إلى البرامج المنفذة، القرارات التي صدرت لزيادة الرواتب بمعدل 15%، ثم زيادة بدل غلاء المعيشة، بواقع 15% أخرى لمدة ثلاث سنوات، والدعم الكبير الذي تلقّاه بنك التسليف والادخار وصندوق التنمية العقارية وغيرها من الجهات، بما يسهم في مساعدة المواطنين عامة، والمحتاجين بصفة خاصة.

* استراتيجية مكافحة الفقر وأهدافها الثلاثة

* يُفترض أن تكون الحكومة السعودية قد أنهت سد فجوة الفقر المدقع كلياً، عبر عمل بدأته منذ عام 2005، من خلال برنامج سمَّته «الدعم التكميلي»، ويرمي إلى سد فجوة هذا النوع من الفقر، لكن، ومع التطورات الاقتصادية والمالية الأخيرة، قد تبرز احتمالية زيادة الدعم من أجل تحقيق أول أهداف الاستراتيجية.

ومع نهاية عام 2009 الجاري، يُنتظر أن يتم تخفيض الفقر المطلق ليصبح 13.3 في المائة مع نهاية الخطة التنموية الثامنة للدولة، لتصل به إلى 6.6 في المائة، بعد 5 سنوات أخرى، وصولا إلى تقليصه إلى نسبة 2.2 في المائة مع نهاية الخطة التنموية العاشرة عام 2020، وهي نسبة مقبولة عالمياً.

وعرّفت الاستراتيجية خط الفقر المطلق، بأنه إجمالي تكلفة سلة السلع المطلوبة لسد الاحتياجات الاستهلاكية الأساسية الغذائية، أو غير الغذائية. ويتم احتساب هذا الخط، عادة، بإضافة الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية غير الغذائية، كالملبس والمسكن والتعليم والصحة، إلى خط الفقر المدقع، الذي يمثل الاحتياجات الأساسية الغذائية.

وتشير تقديرات الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر في السعودية، إلى أن خط الفقر المطلق قبل 4 سنوات، وصل إلى 497.8 ريال للفرد في الشهر، وهو ما يعادل 3817.5 ريال للأسرة متوسطة الحجم التي يبلغ عدد أفرادها 6 و7 أفراد.

ويتوخى ثالث أهداف الاستراتيجية، تحسين نوعية حياة الفقراء، وذوي الدخول المتدنية، ورفع نسبة تغطية (إشباع) حاجاتهم الأساسية والضرورية إلى المستوى الوطني، وإدماجهم في الأنشطة الاقتصادية الوطنية.

ويشمل الإطار الزمني لتنفيذ استراتيجية معالجة الفقر، 3 خطط تنموية، تبدأ في 2005، وتنتهي مع نهاية عام 2020. وتقترح الاستراتيجية إنشاء «هيئة وطنية عليا للإنماء الاجتماعي»، تتبعها أمانة عامة، ولجان على مستوى المناطق، ولجان متخصصة في الوزارات، لمتابعة التنفيذ ورفع التقارير الدورية، ومركز لرصد ظاهرة الفقر ومؤشراته، يتبع مصلحة الإحصاءات العامة التابعة لوزارة الاقتصاد والتخطيط.

وأنهت الجهات التنفيذية العاملة في إطار معالجة الفقر، وضع الأنظمة الناقصة في الأجهزة العاملة على معالجة الفقر، كما عملت وفق مساريْن في إطار عمليات المعالجة التمويلية؛ هما: مسار التنمية الشاملة، ومسار دعم المؤسسات المتخصصة بمعالجة الفقر.

* تمكين الفقراء.. اقتصادياً

* تسعى استراتيجية معالجة الفقر، إلى زيادة الحد الأدنى لصافي الدخل الشهري لجميع المواطنين العاملين في الأجهزة الحكومية، بحيث لا يقل عن 2770 ريالا شهرياً. كما تشدد البنود الواردة فيها على الالتزام بتطبيق توطين الوظائف وقرارات (السَّعْوَدَة)، وضبط عملية الاستقدام، ونقل الكفالة، والإسراع في توطين الوظائف في القطاعات التي تطلبها العمالة السعودية بشكل أساسي. وينتظر أن يتم، طبقاً لما رسمته الاستراتيجية، تحسين دخول الفقراء الجدد، ومنهم المتقاعدون والمسرَّحون من العمل، ومراجعة رواتبهم دورياً، حسب مستوى المعيشة، متضمناً ذلك المستفيدين من نظام التأمينات الاجتماعية، كما تشدد الاستراتيجية على تطبيق القرارات الصادرة بشأن قصر العمل في النشاطات التجارية الخاصة بالمرأة على السعوديات بشكل كامل، وتحديد ساعات العمل للأسواق والمحال التجارية في المنشآت الصغيرة، في سبيل الوصول إلى توطين تلك الوظائف. ولم تغفل الاستراتيجية، المعاقين، حيث دعت إلى تأمين فرص عمل لهم في القطاعات (الخاصة والعامة والأهلية والخيرية)، بما يعادل 2 في المائة من حجم عمالة كل مؤسسة.

ونادت الاستراتيجية في خطط تمكين الفقراء اقتصادياً، بالإسراع في إخراج مشروع ضمان القروض للمنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى حيز الوجود، وربْط سياساته بالمهن الوطنية لمعالجة الفقر، مشدداً على أهمية تطبيق القرارات الصادرة بشأن السماح للموظفين في الدولة، من أصحاب المراتب الدنيا، بممارسة النشاط التجاري والزراعي لزيادة دخولهم.

* تخفيض رسوم الماء والكهرباء

* دعت الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر، التي تعتبر جهة تشريعية، إلى خفض الرسوم المُتَحَصَّلة على خدمات الماء والكهرباء، وغيرها، على الشرائح متدنية الدخل، والوصول بها إلى حدها الأدنى، وفق معادلة توضع لهذه الغاية، كما دعت إلى إعطاء أولوية أكبر في القروض المقدمة من صندوق التنمية العقارية إلى المناطق الأكثر فقراً، مشددة على أهمية تسريع إخراج استراتيجية الإسكان لتوفير مساكن ملائمة للفقراء.

ونظراً لتفشي الأمية في أوساط الفقراء بشكل كبير، فقد رأى فريق استراتيجية معالجة الفقر، أن من الأهمية تفعيل تطبيق الأنظمة التي تنادي بإلزامية التعليم الأساسي للجنسيْن. وفي هذا الإطار، أقرت الاستراتيجية تقديم مساعدات شهرية لأبناء الفقراء في المراحل التعليمية كافة، لتمكينهم من الالتحاق بالتعليم، بما لا يقل عن 300 ريال شهرياً، ولمدة 9 أشهر، لطلاب وطالبات المرحلتيْن المتوسطة والثانوية.

ومن باب تشجيع الفقراء كبار السن على الالتحاق بصفوف محو الأمية، تم تقرير مَنْحهم مِنَحًا شهرية، خاصة أولئك الذين يقطنون القرى والهَجَر التي تعاني من وطأة الفقر، كما شددت الاستراتيجية على ضرورة تضمين مناهج التعليم فكرة عامة حول موضوع الفقر، وأسبابه وعوامله، وتثقيف المجتمع للتغلب على ما سمّته بـ «ثقافة العيب».

وفيما دعت الاستراتيجية لتبني برنامج «أراض سكنية لذوي الدخول المتدنية» ضمن الاستراتيجية العمرانية الوطنية، نادت بأهمية إيجاد برنامج أكاديمي في الجامعات وكليات المجتمع لتدريس مساق القضايا السكانية.

* منطقتا تجارة حرة في جازان وتبوك.. وبنك للفقراء

* ومقابل ذلك، تم اقتراح مجموعة من المبادرات والحلول متوسطة المدى، منها تحقيق زيادة في نمو الدخل الوطني يفوق معدل نمو السكان، والمحافظة على استقرار مستوى تكاليف المعيشة وسعر صرف الريال السعودي، ووضع استراتيجية للتنمية الإقليمية ومؤشرات تنمية المناطق، وزيادة الاستثمار في القطاعات التي يوجد فيها الفقراء، كالزراعة والثروة السمكية، وتوسيع حجم محفظة الصناديق الاجتماعية، والبنوك المتخصصة التي تعمل على إقراض وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والحاضنات الصغيرة.

كما دعت إلى توسعة المدن الصناعية الحالية، وإنشاء مدن جديدة، خاصة في المناطق الأكثر فقراً، كجازان ونجران والمدينة المنورة والحدود الشمالية، وإقامة منطقة حرة، ومحور متكامل للتنمية في كل من منطقتي جازان وتبوك، للاستفادة من موقعهما الاستراتيجي إقليمياً ودولياً.

ومع بداية خطة التنمية التاسعة للدولة في عام 2010، سيتم إدخال برامج تأمين ضد البطالة بصورة تدريجية، وحسب القطاعات الإنتاجية المشغِّلة للسعوديين الفقراء، كما سيتم تبنِّي برامج متكاملة في مناطق السعودية لتوفير المساكن للفئات المحتاجة، كما سيتم العمل، وفقاً للخطة متوسطة المدى المقبلة، على تمليك الأُسَر و(الأفراج) من الشرائح الفقيرة للمشروعات المنتجة، وتحفيز الاستثمارات الخاصة، المحلية والأجنبية، للتوجه نحو مناطق السعودية الأقل نمواً، بما يسهم في تحسين الوضع المعيشي في تلك المناطق.

كما تشمل الخطط المرتقب تنفيذها، تبَعاً لما هو وارد في استراتيجية معالجة الفقر، إنشاء مؤسسات مصرفية قادرة على حشد الموارد المالية، وتوجيهها نحو النهوض بالأسر الفقيرة «بنك الاستثمار الاجتماعي»، بما يشبه «بنك الفقراء»، وتحويلها إلى أُسر منتجة وقادرة على الرقي بنفسها.