خطة حكومية «استباقية» لمواجهة الجراد الصحراوي

مدير مركز مكافحة الجراد لـ«الشرق الأوسط»: النحالون وأصحاب المواشي لا يبلغون عن المناطق المصابة خوفا من أن يتضرروا

هجوم أسراب الجراد الصحراوي يدمر المزروعات ويضر الاقتصاد، وخبير يصفه بـ«الآفة الاستراتيجية» («الشرق الأوسط»)
TT

في خطوة استباقية لمواجهة أسراب الجراد الصحراوي، كشفت فرق مكافحة الجراد الاستكشافية في السعودية عن تأهبها للوقوف على وضع الشريط الساحلي الغربي، لكونه الأكثر خطورة بموسم التكاثر الشتوي للجراد، والمستمر حتى شهر فبراير (شباط) المقبل، فيما وصف مسؤول حكومي الوضح الحالي بـ«المطمئن نسبيا»، معلنا اكتشاف تكاثر محدود للجراد في محافظة القنفذة.

وأفصح المهندس محمد حلواني، مدير عام المركز الوطني لمكافحة وأبحاث الجراد، لـ«الشرق الأوسط»، عن خطة طوارئ استباقية وضعت بناء على توصيات الهيئة الدولية لمكافحة الجراد الصحراوي، وبتعاون مشترك بين السعودية ومنظمة الفاو، في عمليات المسح والاستكشاف المبكر، مفيدا بأن المركز أرسل فرقا على طول الساحل الغربي، وقدر عددها بنحو 9 فرق.

وكشف حلواني أنه في الأسبوعين الماضيين كانت هناك فرق مساندة أخرى بموجب المسح المشترك بين السعودية والجمهورية اليمنية، وشمل هذا المسح استكشاف المناطق الممتدة من جدة وحتى اليمن، مضيفا: «وخلال الحج استمر عملنا بـ10 فرق استكشاف».

وتابع حلواني: «في اليومين الماضيين هطلت أمطار غزيرة إلى متوسطة في القنفذة والليث وجيزان، وذلك يعني تهيئة بيئة صالحة لتكاثر الجراد، لكنه أفاد بأنه وإن حدث غزو من أسراب الجراد فإنهم على أتم الاستعداد لمواجهته، راجعا ذلك إلى دراسة البيئة واستخدام أجهزة متطورة تتصل بالأقمار الصناعية وترصد المعلومات من الموقع، ثم تنقل لتحليلها وأخذ القرارات سريعا حيالها.

ويكثر الجراد في السعودية في موسم التكاثر الشتوي، الذي يستمر من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) إلى فبراير (شباط)، وذلك على امتداد المناطق الساحلية من جازان إلى تبوك، وهو الأكثر خطورة، يليه موسم التكاثر الربيعي الذي يكون محكوما بتوافر البيئة المناسبة، ويشمل المناطق الوسطى والشمالية من السعودية، والتي يصفها حلواني «بذات المخاوف الأقل».

وبينما تتواصل احترزات مكافحة الجراد لنهاية شهر مارس (آذار)، قد يتساءل البعض: هل سيكون الوضع آمنا في أبريل (نيسان) المقبل؟ وهنا يفصح حلواني بأن ذلك يأتي بنسبة 60 في المائة، موضحا تغير سلوك الجراد في الآونة الأخيرة، واستشهد بغزو الجراد الذي بدأ قبل 4 سنوات في ليبيا وانتقل إلى مصر في الشتاء رغم الانخفاض الشديد لدرجات الحرارة، ثم انتقل بعدها إلى لبنان والأردن، ونزل في تبوك، وتم القضاء عليه لاحقا.

وحول الخسائر التي قدرت العام الماضي بالمناطق المتضررة من الجراد الصحراوي، علق حلواني بأنه عندما تكون هناك سرعة بمكافحة الجراد فلن تكون هناك خسارة، وتابع بأنه العام الماضي جاءت أسراب من موقع الحدود بين اليمن وعمان ووصلت إلى الأحساء وحرض، مؤكدا أنه لأن المنطقة كانت جافة تم القضاء على هذه الأسراب سريعا ولم تسبب أي مشكلات اقتصادية.

يذكر أن عام 1988 كان قد شهد أكبر نزوح من نوعه للجراد الصحراوي على الساحل السعودي، وغطى مساحة تزيد على 1800 كيلومتر، بدءا من منطقة الشمال وحتى ساحل جازان، مخلفا خسائر في المزروعات، حيث تكمن خطورة الجراد في أنه يأكل ما يعادل وزنه من أوراق النبات خلال 24 ساعة، مما يـمكن الطن من الجراد أن يأكل في يوم واحد بقدر ما يأكل نحو 2500 إنسان.

ويصف حلواني الجراد بأنه «آفة استراتيجية خطيرة»، مؤكدا أن الأعداد الكبيرة هي التي تسبب الأضرار الفادحة وتنتقل من منطقة إلى أخرى، وأكد أن السعودية أصبحت من الدول المتقدمة في مكافحة الجراد، وتقدم العون والدعم للدول الأخرى بهذا المجال، مثل اليمن والسودان، إلى جانب تعاونها مع الهيئات الدولية المتخصصة بمكافحة الجراد.

وبسؤاله عن محتوى التقارير الحديثة التي أصدرتها منظمة الفاو عن الجراد الصحراوي، أوضح حلواني أنها مطمنئة، لكنه استدرك مشددا على ضرورة أخذ الحيطة والحذر، وأفاد بأنه يلزم استكشاف المناطق التي هطلت عليها الأمطار باستمرار، وتابع بأن المركز يصدر كل شهر تقريرا مختصا بذلك.

وحول تعاون المزارعين مع المركز، قال حلواني: «إن المزارع يتعاون على الأغلب»، لكنه استدرك بأنهم يصدمون بالنحالين وأصحاب المواشي، لكونهم لا يبلغون عن المناطق المصابة خوفا من أن يتضرروا، وأفاد بأنهم يأتون في آخر المطاف لطلب معونة فرق المكافحة.

جدير بالذكر أن وزارة الزراعة جددت العام الماضي تحذيراتها السنوية من بيع وأكل الجراد، راجعة ذلك إلى ما لاحظته من قيام بعض المواطنين والمقيمين ببيع الجراد في الأسواق وعلى الطرق، ورجعت الوزارة هذا التحذير إلى خطورة ذلك على الصحة العامة، نظرا إلى أن الفرق المكلفة بالمكافحة تقوم برش الجراد بمبيدات لها خطورة على الإنسان.