بواكير الوثائق والخطوط لبعض الأئمة من آل سعود عبر عشرات العقود

تنشر لأول مرة وكتبها أئمة وملوك الدولة السعودية بإمضائهم وإملائهم أو بخط أيديهم * عشرات الوثائق والخطوط ترسم ملامح سياسة الدولة السعودية وأساليب الحكم ومعالجة القضايا * أقدم وثيقة تحدد ساعة الدخول إلى الرياض وبناء سورها كتبها أحد علماء المدينة

أقدم وثيقة عن دخول الملك عبد العزيز إلى الرياض كتبت قبل 111 عاماً
TT

تعد الوثائق والمخطوطات مصدراً مهماً من مصادر توثيق وتأريخ الأحداث، كما تعد مصدراً ثابتاً في رصد وتتبع مسيرة الدول والأفراد وما قدمته الشعوب، وبالتحديد أعلامها، من فكر وأدب وبطولات وتضحيات، كما تعكس هذه الوثائق والمخطوطات واقع الحال الاجتماعي والسياسي والثقافي في الفترات التي كُتبت فيها هذه الوثائق والمخطوطات.

وشكّّلت الرسائل التي كتبها الحكام مصدراً مهماً من مصادر التاريخ المحلي، إذ رسمت الخطوط العريضة لسياسة البلاد وأساليب الحكم فيها، وكيفية إدارة وحل العديد من القضايا.

وقدم الباحث راشد بن محمد بن عساكر مجموعة من الوثائق والرسائل والإمضاءات التي تمثل بواكير الخطوط التي كتبها بعض أفراد أسرة آل سعود المبرزين بأيديهم، أو التي تصدر عنهم مباشرة وبإملائهم، وأغلب هذه الوثائق ينشر لأول مرة، حيث إن كثيراً من أصولها محفوظة لدى الباحث، بالإضافة إلى ما يشار إليه عن مصدرها أو مكان حفظها.

واعتبر الباحث أن أهمية الوثائق بجميع أنواعها وبحسب المادة المكتوب بها، تأتي من اتصافها بالثبات والمصداقية فيما تطرحه من الحقيقة، وبأنها مصدر لا غنى عنه في معرفة نهج الشعوب والطريقة التي كانت تسير عليها في كل مناحي الحياة، حيث إن الوثيقة التاريخية الصحيحة تعد رافداً مهماً للكتابة التاريخية، ولكونها علماً يكشف واقع الحال.

ورأى أن في التاريخ المحلي منهجية فريدة تميزت بقالب نادر من الخصائص والصفات خاصة عندما نبعت لؤلؤتها وازدانت دُورها وأشرقت شمسها بقيام الدولة السعودية الأولى عام 1157هـ بتعاضد الإمامين الأمير محمد بن سعود (توفي عام 1179هـ) والشيخ محمد بن عبد الوهاب (توفي عام 1206هـ)، مشدداً بالقول إن أسرة آل سعود لم تكن قريبة عهد بحكم أو إمارة بعد ذلك الاتفاق المشهور، بل كانت قبل ذلك بقرون عديدة وأزمنة مديدة ذات صولة وجولة في هذه البلاد، فهي تنتسب إلى قبيلة عريقة حكمت في منطقة وسط الجزيرة العربية منذ ما يقارب الألفي عام مضت وهم بنو حنيفة من وائل التي أفاضت كتب التاريخ في الحديث عنها.

وأوضح الباحث، عساكر، أن ما عني به أئمة آل سعود ومصلحوها من أمراء وأعيان أن وجهوا شطرهم وجعلوا غايتهم ومقصدهم نفع الأمة وإعلاء شأنها، ويتمثل ذلك من خلال قراءة كثير من رسائلهم التي ترسم الخطوط العريضة لسياسة البلاد وأساليب الحكم فيها، ومعالجتهم لمواضيع شرعية مثل الأوقاف وإجازة نشاط المواطنين مما يحقق التنمية والنشاط الاقتصادي كإحياء الأراضي وعمارتها التي تعود بالنفع العام.

وبدأ الباحث الذي اختار عنواناً لمؤلفه «بواكير الوثائق والخطوط لبعض الأئمة من آل سعود» بما كتبه الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود الذي توفي عام 1218هـ أي قبل حوالي 211 عاماً، موضحاً في التعريف به أنه الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع المريدي الحنفي الوائلي.

ولد في الدرعية عام 1133هـ وتولى الحكم بعد وفاة والده عام 1179هـ.

اتسعت البلاد وقته وأصبح الأمن مضرب المثل في عهده وازدهرت الحياة العلمية في عصره. له مجموع قام بخطه عندما كان يدرس على الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهذا الخط يعود إلى منتصف القرن الثاني عشر الهجري تقريباً. وكتبه الإمام عبد العزيز بقلمه ذي المداد الأسود، مشيراً إلى اسم هذا الكتاب وما يحويه من مجاميع أخرى من مؤلفات لشيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ)، ثم بعد ذلك كتب عنوان المخطوط الذي قرأه ودرسه بخط نيِّر وواضح، وأشار إلى تملكه له وكتب على طرَّته ما نصه:

(مجموع من كلام شيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني رضي الله عنه وأرضاه آمين). ثم أسفل هذا الخط قال: (مجموع من كلام شيخ الإسلام أبي العباس أحمد ملكه من فضل ربه المحمود). ثم جاء أسفله – مبيناً ما يحويه هذا المجموع من مؤلفات لشيخ الإسلام:

(ما في هذا المجموع من النسخ من كلام الشيخ كتاب جواب من لم يفهم الفرقان وصورة خطوط القضاة الأربع على فتيا الشيخ).

ثم أعلى النسخة يساراً:

(ملكه من فضل ربه المحمود عبد العزيز بن محمد بن سعود) ثم أكد هذا التملك أسفل منه فقال: (ملكه من فضل الله ربه المحمود عبد العزيز بن محمد بن سعود). وهذه النسخة المكتوبة تمثل أقدم ما عثر عليه بالنسبة إلى خط أحد أفراد الأسرة المالكة (من آل سعود) وأحد قادتها المبرزين. كما رأى الباحث نسخة مخطوطة وهي: (قطعة من تفسير البيضاوي) كتبت في القرن العاشر الهجري تقديراً، وعليها وقف للإمام عبد العزيز بن سعود، لكن هذه الوقفية لم تؤرخ.

جاء في نص هذا الوقف ما يلي:

(وقف هذا الكتاب عبد العزيز بن سعود على طلبة العلم من المسلمين، شهد على ذلك عبد الله بن الشيخ، وكتبه وشهد به حمد بن ناصر وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

وكتب أعلى الورقة يساراً بخط أسود أحمد بن رشيد الحنبلي.

وسجل الباحث وثائق وأوراقاً كتبها الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود الذي تولى مقاليد الإمارة عام 1239هـ بعد أن استطاع إعادة الحكم بعد سقوط الدولة السعودية الأولى عام 1233هـ، حيث أشار المؤرخ ابن بشر (ت 1290هـ) إلى مبايعة أهل حريملاء للإمام تركي بن عبد الله وأن الإمام - رحمه الله تعالى - صالَحهم على ما كان بأيديهم ووفَّى ذلك لهم في ليلة عيد الأضحى من سنة 1239هـ.

وورقة المصالحة هذه هي بخط الإمام تركي بن عبد الله كتبت بالمداد الأسود وبخط واضح.

وجاء في هذه الوثيقة ما نصه:

بسم الله الرحمن الرحيم من تركي بن عبد الله إلى حمد آل مبارك ورفاقته سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد أنا معطيكم وجهي وأمان الله على أموالكم وديرتكم كذلك ما أحدث عبد الله (ابن الإمام تركي) من ركز في نخلكم فأنا ممضيه لك يا حمد تبع لحلالك والسلام 9/ذي الحجة/1239هـ.

كما وقف الباحث على ورقة أخرى للإمام تركي رحمه الله قريبة زمنياً من فترة حكمه المبكرة وهي منقولة عن الأصل. بيّن بموجبها لأحد رعاياه في بلد الدرعية عاصمة الدولة الأولى ما يفيد الاهتمام بمصالح البلاد والعباد من عمارة النخيل وإصلاح الآبار وعمارة الدور والمساكن، فبعد أن لحق أحد النخيل المشهورة ـ العلب ـ الدمار بعد أحداث عام 1233هـ رأى الإمام أنه من الأفضل إجراء المغارسة مع آل يوسف للقيام بالغراس وبناء الدور وإقامة الحواجز على المزرعة، وللإمام نصف الغراس والنصف الآخر للمزارعين، ووعدهم بأن تكون لهم الأولوية في عمارة الجزء العائد للإمام تقديراً لجهودهم وقيامهم بهذه المهمة. والوثيقة مؤرخة بعام 1241هـ، وقد ورد فيها شهادات لعدد من العلماء المعروفين في زمن الإمام تركي بن عبد الله.

جاء نصها كما يلي: يعلم من يراه بأن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود حال ولايته أمر المسلمين أجَّر آل يوسف وراشد وعلي وناصر وحمد وحسن أبناء عمهم على النخل المسمى بالعلب حال د ماره بنصف النخل بشرط عمارة وإصلاح البئر والجدران وقلع الغراس المضر وسقيه الجميع إلى وقت المغارسه ، والنصف الآخر للإمام ووعدهم بعد القسمة أنهم أولى به بعمارته.شهد بذلك محمد بن مقرن ومحمد بن عبد العزيز ومحمد بن سلطان ومحمد بن موسى وشهد به وكتبه إبراهيم بن سيف. وقع ذلك في سنة إحدى وأربعين ومائتين وألف من هجرته صلى الله عليه وسلم.

صورة ختم: (الواثق بالله إبراهيم بن سيف).

صورة ختم ثان: (محمد بن عيد بن مقرن). نظرت في هذا العقد فرأيته صحيحاً لثبوت المصلحة فيه وقت العقد. قاله كاتبه عبد الرحمن بن حسن ختمه (عبد الرحمن بن حسن).

ما رسم أعلاه نقل بأمري من ورقة وعليها ختم الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله وقابلته على الأصل المنقول منه فإذا هو مطابق لما في أصله سوى البياض الذي في أول السطر الثاني (ما بين اسمي راشد وعلي) أعلاه فهو اسم منقطع من الأصل والمسوغ لنقله تمزق ورقه الأصل حتى لا يخفى قال ذلك ممليه عبد الله بن عبد الوهاب بن زاحم وصلى الله على محمد. حرر في 16 /5/1360هـ.

كما أن هناك وثيقة كتبها الإمام تركي في الرياض وفحواها إمضاء منه لأرض ومزرعة تخص أسرة آل ريس من أهالي الرياض، بتاريخ دخوله إليها في عام1239هـ.

وهناك وثائق أخرى تخص الإمام فيصل بن تركي الذي تولى الحكم على فترتين زمنيتين: الأولى من عام 1250هـ إلى عام 1254هـ، والفترة الثانية من عام 1259هـ إلى وفاته في9/رجب/1282هـ.

وتخلل هاتين الفترتين ازدهار اقتصادي ومعماري ونهضة علمية كبرى قلّ أن تفي بها الدراسات المختصة. حيث أشارت إحدى هذه الوثائق التي أملاها الإمام فيصل عند أواخر الفترة الأولى من حكمه من عام 1254هـ.

ومؤرخة في 24 / رجب / 1254هـ. إلى إحياء أرض والاستفادة منها في بلد الدرعية، وكانت من الإمام إلى أحد أفراد أسرة العواد من أهالي الدرعية.

وجاء نص الوثيقة ما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم:

يعلم الناظر إليه بأن سليمان ابن عواد طلب منا تقضيب قليب البديعة في مشيرفة على أنه يركز أرضها بربع على شرط أنه يسوق الديوان حتّا ما يغل النخل وما يتبع القليب من سيل وطريق فهي تبع له وقضِّبنا القليب المذكور بربع، قاله وأملاه الفقير إلى الله فيصل بن تركي ليكون معلوم والسلام.24/ب/1254هـ «الختم»). أما الوثيقة الأخرى فقد سجلت في 27 جمادى الأولى من عام1259هـ ومحتواها إعطاؤه أحد أفراد أسرة آل خضير من أهالي الدرعية، أرضاً لهم في مكان يقال له الثليماء من نواحي الدرعية.

وجاء نصها كما يلي: (بسم الله الرحمن الرحيم من فيصل بن تركي إلى محمد بن موسى وإلى من يراه من عمال الدرعية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد قليب الثليما أرض عنبر غلام سعود أنَّا معطينها عبد الرحمن بن خضير فلا يعترضه أحد في ديوان وزكاة يكون معلوماً. 27 جمادى الأولى 1259هـ «الختم»).

واطلع الباحث على وثيقة موجهة من الإمام فيصل بن تركي إلى أعيان أسرة آل عمران من أهالي الرياض، إلا أنها لم تؤرخ.

ويظهر أنها كتبت في أوائل إحدى الفترتين من حكمة. بيّن فيها مكانة أعيان هذه الأسرة لديه وتقديره لهم.

وجاء في نص الوثيقة ما يلي: (من فيصل بن تركي إلى الإخوان يوسف بن عمران وعبد الرحمن بن عبيكان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد يكون لديكم معلوم بأنكم طارفه لنا من دون الناس ولا بالخاطر شيء وبالحاظر أن معطيكم على مالكم وانخيلكم ومن تقولون عليه والله على ما نقول وكيل سلمونا على إخوانكم وانتم سالمين والسلام «الختم»). وهناك المئات من الوثائق التي يمنحها الإمام فيصل بن تركي - رحمه الله – وتكتب من إملائه أو التي يخطها بيده ثم يمضيها لأفراد رعيته أو رؤساء البلدان. وفي الجانب الآخر رأيت وقفاً سجل على مخطوطة قديمة تُعدُّ من أقدم الأوقاف التي أوقفها الإمام فيصل بن تركي وهذا المخطوط بعنوان: (الإتقان في علوم القرآن) للسيوطي.

والكتاب مخطوط في عام 878 هـ وناسخه:

علي سعد الدين البسيوني.

وقد ملكه الإمام فيصل في سنة 1249 هـ. في حياة والده الإمام تركي.

ونص هذا التملك ما يلي:

(دخل هذا الكتاب في ملك فيصل بن اليمام تركي بن عبد الله بن سعود أدام الله دولته جرى وحرر اثنين وعشرين جماد الأولى 1249هـ.

كما اطلعت على مخطوطة تُعدُّ من آخر ما أوقفه الإمام فيصل وأملاه في حياته من عام 1282هـ. وهو المجلد الأول من الهدي النبوي لابن القيم، وتاريخ نسخ الكتاب في عام 1229هـ.

ونص هذا التملك ما يلي:

(بسم الله الرحمن الرحيم أوقف وحبّس وسَبّل وأبَد وأنجز الإمام فيصل بن تركي هذا الكتاب المسمّى الهدي النبوي لله تعالى وقفاً مؤبداً لا يباع ولا يوهب ولا يرهن على يد عبد الله بن حسين المخضوب ونظره وولايته لا اعتراض لأحد في ذلك فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه..

قاله ممليه فيصل بن تركي حامداً لربه مصليًا على نبيه صلى الله عليه وسلم وذلك في 1282هـ «الختم».

وسجل الباحث وثائق تخص الأمراء حمد بن عياف وخالد بن سعود والإمام فيصل بن تركي، فبعد وفاة الإمام تركي بن عبد الله في آخر ذي الحجة من عام 1249هـ تولى الحكم الشرعي ابنه الإمام فيصل بن تركي عام 1250هـ.

وعندما قدمت الجيوش المصرية إلى الرياض خرج الإمام منها في آخر عام 1252هـ. وتولى الأمير خالد بن سعود بن عبد العزيز الإمارة من عام 1253هـ إلى 14/ شوال من عام 1256هـ، ثم تولى الأمير عبد الله بن ثنيان بن سعود الحكم من هذا التاريخ - 1256هـ - إلى عام 1259هـ. والوثيقة التي نحن بصدد الحديث عنها تشير إلى طرف مما نتحدث عنه بالنسبة إلى أوائل الوثائق التي كتبها وأمضاها أفراد هذا البيت المبارك. وورد في هذه الوثيقة ذكر لمجموعة من الشخصيات: كالأمراء حمد بن عياف والأمير خالد بن سعود والإمام فيصل بن تركي.

وانقسمت إلى ثلاثة نصوص من إمضاء هؤلاء الأعلام إلى أحد أبناء أسرة هذه المدينة، وهم أبناء علي بن إبراهيم بن حمدان. وجاء في النص الأول منها إشارة إلى تولي الأمير حمد بن عياف بن مقرن إمارة الرياض ، لكن هذا التولي لم يكن دائماً وإنما وقتياً ولفترة محدودة.

- وذلك بأمر من الأمير خالد بن سعود عند غيابه -

ويؤيد ذلك قوله في نهاية الوثيقة ما نصه:

(قاله حمد بن عياف وقت إمارته في الرياض) وجاء تاريخه في 27/محرم/1256هـ. والمعروف أن الأمير خالد بن سعود قد وكلّه في إمارة الرياض عند غيابه أيضاً في عام 1257هـ.عندما خرج الأمير خالد إلى إحدى الوقعات.

كما يلحظ في هذه الوثيقة الإشارة إلى اسم عبد الله بن زيد الشقري من أهالي الرياض والذي يُعدَّ وكيلاً للأمير خالد بن سعود في بلد الرياض. حيث جاء نصها عنه: (لكونه وكيل خالد بن سعود في أرض الرياض).

وعندما قدم الأمير خالد بن سعود إلى العاصمة في شهر ربيع الأول أكد هذا الإمضاء والإجراء، بل قدّم له مساعدة ومعاونة من بيت المال لأنه قام بحفر بئر متهدمة ومطمورة تساقطت جوانبها المختلفة - ويسمى البئر أو القليب المتصف بذلك العاوور وهذه البئر تقع بقرب هذا الطريق والخارج من الرياض شمالاً عند باب الظهيرة ـ وفي هذا العمل مصلحة لسقي المارة والمسلمين.

ثم أسفل هذا الإمضاء تأكيد وتوضيح من الإمام فيصل بن تركي إلى أبناء علي بن حمدان بأن في هذه البئر ربع مراكزة من بيت المال وعليهم القيام بعمارة الدلو، والمدى وما تحتاج إليه من ذلك لتعود بالنفع للمسلمين، وهذا هو الشرط فإن نفذه فلن يعترضه أحد. ثم في نهاية الوثيقة أوضح الإمام فيصل أن هذا الأمر صادر عنه – رحمه الله تعالى - مبينًا في ثنايا كلامه طلب المغفرة من المولى عز وجل له ولوالديه ولجميع المسلمين. فقال ما نصه: (قاله وأثبته الفقير إلى الله تعالى فيصل بن تركي غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين إنه على كل شيء قدير وصلى الله على محمد وسلم).

وضمّن الباحث في كتابة بواكير الوثائق والخطوط لبعض الأئمة من آل سعود، وثائق ورسائل وإمضاءات للإمام عبد الله بن فيصل بن تركي الذي تولى الولاية الشرعية بعد وفاة والده – رحمه الله تعالى – عام 1282هـ منها وثيقة كتبت بعد شهر تقريباً من وفاة والده وكانت بتاريخ 11 / شعبان / 1282هـ. وهي موجهة إلى القاضي عبد العزيز بن حسن بن يحيى (ت 1299هـ) أحد قضاة بلاد المحمل. والمحمل قاعدته ثادق وتوابعها من القرى كالبير والصفرة ورغبه وغيرها. جاء في نص الوثيقة ما يأتي:

(بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله بن فيصل إلى الأخ الشيخ عبد العزيز بن حسن سلام عليكم وبعد جواب الشيخ عبد اللطيف تشرف عليه من قبل أهل الصفرة فأنت انظر في القصور الدامرة وما هلك منها ينزل من الجهاد قيمته والسلام11. ش.1282هـ.«الختم») ثم كتب الشيخ رداً على رسالة الإمام جاء في نصها ما يأتي:

(وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد اعلم أرشدك الله أن الجهاد في المال يجب بحسب الاستطاعة والسعة بعد الكفاية مع حاجة بيت المال إلى ذلك وإذا صح ما ذكروا في خطوطهم فينزل من الجهاد بحسبة كما أشار إليه الإمام رحمه الله والسلام عليكم ورحمة الله «الختم»).

كما وجه الإمام عبد الله بن فيصل الرسائل المختلفة والعديدة بعد توليه مسؤوليات الحكم واقتفى بالسير على نهج والده من الاهتمام بأحوال الرعية، ونصحهم بالعناية بهم، حيث وقف الباحث على رسالتين نادرتين توضحان اتجاهه العملي على رسم الخطوط العريضة لإدارة حكمه وسياسته وأساليبها التي سيعمل بها وينتهجها في ذلك. والمطلع على خطاب الحكم هذا يدرك ما يتميز به هذا الحاكم من الرؤية الثاقبة والعقل الراجح لتدبير أمور البلاد وتسيير شؤونها في فترة حرجة كلُّ ذلك وفقاً لمقتضى الشريعة المطهرة.

وأبرز الباحث إمضاء الإمام عبد الرحمن بن فيصل بن تركي الذي تولى إمارة الرياض بعد وفاة أخيه الإمام عبد الله في عام 1307هـ إلى منتصف جمادى الآخرة من عام 1308هـ.

ويختص الإمضاء بموضوع بيع خاص له في عاصمة ملكه – الرياض - في جمادى الأولى من عام 1308هـ. وهذا المُلك قد انتقل إلى غيره. ودخل ضمن ميدان قصر الحكم (الديرة). جاء في نص هذه الوثيقة ما يأتي:

(بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الرحمن الفيصل إلى من يراه السلام وبعد بعنا على ناصر بن غيث الدكان الذي يوالي دكان ابن دوس من شرق بخمسة عشر ريالاً وصلت إلينا منه يكون معلوم. جا /1308هـ «الختم»).

وقد عرف عن الإمام عبد الرحمن إجادته لبعض العلوم الطبية ومحبته لقراءة الكتب المتعلقة بذلك، بل والتعليق عليها بخطه الواضح.

حيث كتب الإمام تعليقات مفيدة على كتاب في الطب بعنوان: (تسهيل المنافع في الطب والحكمة، لمؤلفة الأزرقي ت بعد 890 هـ).

وكانت تلك التعليقات والعبارات تنم عن معرفة وتجربة من كاتبها، حيث كانت تعليقاته متفرقة في ثنايا هذا الكتاب كأن يكتب مثلاً أن مثل هذا الدواء يدخل في الحرام، أو أن يقول مثلاً إن هذا الدواء قد جرّب ولم أجده صالحاً، أو أن هذا الدواء يكون مفيداً لو أضيف إليه كذا أو خُفف بكذا.

وأورد المؤلف وثيقة صادرة عن الإمام محمد بن فيصل الذي تولى الإمارة في الرياض بعد جمادى الآخرة عام 1308هـ، وتعد من أوائل الوثائق التي وصلت إلى الباحث، وهذه الوثيقة التي أعطى بموجبها أحد الأهالي في الرياض من أسرة آل صفيان أرضاً لغرسها وأن يعمر فيها مسجداً ويقيم عليها المدي الخاص بها. والملاحظ أن هذا الإعطاء تم بعد أن قام الأمير محمد بن عبد الله بن رشيد بغزو الرياض في محرم من عام 1308هـ وخّرب نخيل الرياض الخارجة عن سورها ومنها هذه الجهة، حيث قام عمال ابن رشيد بتشحيم (قطع أعلى النخلة) وتخريب نخيل الرياض لكي لا تثمر، فكان مما عمله الأمير الصالح التقي – محمد بن فيصل - إصلاح المزارع ونفع أصحابها حيث غارس أسرة آل صفيان النخيل والأرض التي بأيديهم على أن يغرسوها ويؤمّنوا للناس الماء والأمدية، وفي هذا العمل إجراء إصلاحي مفيد لعموم المسلمين. ثم أسفل الوثيقة تأكيد من قضاة الرياض على شرعية هذا العمل.

وجاء في نص هذه الوثيقة ما يأتي:

(من محمد بن فيصل إلى من يراه السلام وبعد قضّبنا بن صفيان وعياله أرض الحسي و.... (كلمة غير واضحة) ما شحم على أنه يغرسه ويقوَّم المدي ويعمر المسجد وغرسه.

وأرضه حلال في مقابله المدي ماله فيه معارض ما يخصه فيه غير الزكاة شرط تقويم المدي وعمارته يكون معلوم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. حرر 1308هـ).

(بسم الله الرحمن الرحيم تقضيب محمد بن فيصل سلمَّه الله لناصر بن صفيان وعياله صحيح ثابت لأنه مصلحة للوقف وتنفيذ لعمل صالح حتى لا يخفى قاله ممليه عبد الله بن عبد اللطيف وكتبه عن أمره سليمان بن سحمان وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم حرر 1309هـ).

(بسم الله الرحمن الرحيم نقل بأمري ما ذكر أعلاه من ورقة قريبة التلف أعلاها بقلم حمد بن فارس وعليه ختم الأمير محمد بن فيصل وأسفلها بقلم الشيخ سليمان بن سحمان وإملاء العم الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف وعليها ختمه. قال ذلك وأملاه الفقير إلى الله محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف وكتبه عن أمره عبد اللطيف بن إبراهيم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم 19/2/1360هـ.«الختم»). بينما الوثيقة التالية تعد من آخر ما سجله وقاله الإمام - رحمه الله - في وقت إمارته للرياض أواخر شهر ربيع الأول وهي بشأن تحديد مكان وقف لأخيه الإمام عبد الله بن فيصل. حيث حدد هذا المكان بالحوطة (أحد أحياء الرياض)، وجاء في نص الوثيقة ما يأتي: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن فيصل إلى من يراه السلام وبعد طلبنا من ورثة الإمام رحمه الله يوقفون له سهم من نخيله يكون في ضحايا له وفي أعمال بر وار خصوا لنا في ذلك وسمحو وطاح نظرنا له على بستان الحوطة يكون في ثلاث ضحايا له ولوالديه ويحط في سوق الحوطة مدي ويصلح من غلة وما فضل من الضحايا والمدي يكون في أعمال البر من صلة رحم وغيرها يكون معلوم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم وذلك في 13/ را/1311هـ «الختم»).

ثم جاء أسفل هذه الوثيقة بخط مختلف ما يأتي:

(بسم الله الرحمن الرحيم السبالة المذكورة أعلاه نقلت بأمر الإمام عبد العزيز في الخد يمي وجعل مقابلتها سبع مئة وزنة في غلة الخد يمي. 15/ب/1363هـ. أقدم وثيقة عن فتح الرياض قبل الحديث عن أولى الوثائق التي كتبها الملك عبد العزيز – رحمه الله – بعد دخوله إلى عاصمة أجداده الرياض، يحسن بنا الإشارة إلى أول وأقدم ورقة تاريخية ترتب عليها فيما بعد أعطيات وإمضاءات أو خطابات مختلفة من الملك.

وهذه الوثيقة كتبت من قِبل أحد علماء الرياض وأعيانها. وصفت الساعات الأولى من هذا الدخول الكبير والعمل الجريء الذي قام به الفتى عبد العزيز في ذلك اليوم والذي غيّر مجرى تاريخ هذه المدينة خصوصاً والجزيرة العربية عموماً. وهذه الوثيقة لم يسبق نشرها كاملاً. وتميزت هذه الوثيقة بميزات عدة منها، أنها قريبة من وقوع الحدث سواء في المكان أو الزمان، وأنها مكتوبة من قبل عالم له وزنه ومكانته، قدمت أولى التفاصيل وما دار في هذا الحدث، كما حددت اليوم والتاريخ، حيث لم تشر أغلب المصادر التاريخية إلى أيٍّ من أيام الأسبوع تم الدخول، كما تكمن أهميتها في أنها أشارت إلى بناء سور الرياض. وفي هذا تأكيد أن الوثيقة قد كتبت بعد أربعين يوماً من هذا الفتح. (أي في شهر ذي القعدة من عام 1319هـ). وتقع المخطوطة في ورقة كاملة طولها 20.5 سم 15.5 سم تقريباً.

ويتضح أن نوع هذه الورقة من الأنواع المستعملة في العقدين الأول والثاني من القرن الرابع عشر الهجري. وتبلغ أسطر هذه الورقة المخطوطة 24 سطراً كتبت بخط واضح بالمداد الأسود، يظهر من بداية السطر الأول من المخطوطة وجود سقط قدر سطر أو سطرين، بالإضافة إلى سقط قليل في أجزاء من هذه المخطوطة في جانبيها الأيمن والأيسر، وذلك على قدر كلمة أو كلمتين أو ثلاث على الأكثر. والوثيقة بصفه عامة بحالة جيدة.

ولم يذكر اسم مؤلفها ولعل انقطاع الأسطر الأخيرة من هذه الورقة أسقط عنا معرفته، إلا أن المؤكد أنها بخط العالم الشيخ عبد العزيز بن عبد الله النمر (العبد الوهاب) المتوفى عام 1337هـ.

حيث وقفت على عشرات الأوراق التي يكتبها هذا العالم وهي بالخط نفسه الذي سطرت به هذه الوثيقة.

ويظهر من بداية السطر الأول من المخطوطة (..قاسم ثم ذهب إلى الكويت فأمكث فيه ما شاء الله..) حيث يشير المؤلف بذلك إلى انتقال الملك عبد العزيز ووالده الإمام عبد الرحمن في بداية أمرهما إلى قطر ومكوثهما فيها مدة قليلة في ضيافة الشيخ قاسم بن ثاني رحمه الله في سنة 1310هـ لمدة أربعة أشهر تقريباً.

ثم أشار المؤلف بعدها إلى انتقال الملك إلى الكويت حيث أقام الإمام عبد الرحمن وابنه في الكويت قرابة تسع سنوات (من 1309 إلى 1319هـ) كما هو معلوم. وبيّن المؤلف دخول الملك عبد العزيز إلى الرياض في المرة الأولى 1318هـ (السطر الثالث) ونبه إلى أن أهل الرياض عند الدخول الأول لم يكن عليهم سبيل ومقدرة لمساعدته، وذلك لأن خادم ابن رشيد متحصن في القصر (السطر الرابع).

ثم يشير المؤلف إلى تعيين سويلم (سالم السبهان) من قبل ابن رشيد الذي عينه في عام 1305هـ ، ثم عين عبد الرحمن بن ضبعان، ثم عجلان بن محمد قبل مقتله على يد الملك عبد العزيز رحمهم الله وذلك في الثلاثاء ليلة الأربعاء الموافق الرابع ليلة الخامس من شوال لسنة 1319هـ.

وقد وصف المؤلف أن ابن سبهان المُنَصّب من قبل ابن رشيد بأنه يعيث في الأرض الفساد وأن ظلمه طال أهل الرياض. ويذكر المؤلف أنه مهما فعل الظالم فإن حاكم الموت سيأتيه. ويستشهد بقوله تعالى (ولو كنتم في بروج مشيدة). ثم يذكر في السطر الثامن قوله: (فلما كان في السنة التاسعة خرج عبد العزيز من الكويت.. وذلك الإمام عبد العزيز عزه الله ركب من الحساء في نفر قليل.......) ثم يشير المؤلف إلى أن الملك عبد العزيز قدم وأتى بلد الرياض وذلك في يوم الثلاثاء ليلة الأربعاء، وذلك في أول إشارة من المؤلف تحدد تلك الليلة من أيام الأسبوع كما ذكرنا. حيث يقول المؤلف (حتى أتى بلد الرياض يوم الثلاثاء ليلة الأربعاء فدخل......) ثم بيّن أن الملك عبد العزيز قد ترك ركابهم وأمتعتهم خارج سور البلد وعندهم أناس قليلون وقد أمرهم بلزومها حتى يأتيهم أمر منه. ثم يشير المؤلف (في السطر الحادي عشر) إلى قيام الملك بتسور الدار التي أسكنها عجلان امرأته وأن الملك عبد العزيز بات آمناً تلك الليلة.

ثم ساق ما حصل - بعد شروق الشمس - من فجر ذلك اليوم من إقدام الملك على هذا العمل وماذا حصل في تلك اللحظات الحاسمة والموقف التاريخي مع ذلك الحاكم. وأفرد لها المؤلف قرابة الأحد عشر سطراً. (من السطر 11- إلى السطر 22). ثم يشير الشيخ في حديثه قبل السطر الأخير إلى بناء سور الرياض وحاميها، وذلك في هذه السنة (ذو القعدة 1319هـ) حيث يقول:

(..هذه السنة بنى حامي الرياض حماها الله من كيد الكايدين إنه جوّاد...كريم).

والمعروف أن بناء السور تم إكماله بعد أربعين يوماً من دخول الفاتح الملك عبد العزيز إليها، كما أشار كثير من المصادر التاريخية. وهذا نص المخطوطة التاريخية كاملة:

((....قاسم.. ثم ذهب إلى الكويت فأمكث فيه ما شاء الله.. ومبارك والأمر لمبارك وهم تحته فذهب مبارك للقصيم وعبد الرحمن.. فدخل عبد العزيز الرياض بعدما حصل بينه وبين أهل الرياض... من ابن رشيد لأن خادمه تحصنوا في القصر ولم يكن لأهل الرياض عليهم سبيل ثم.. من حاصر أهل القصر حتى وقع بين ابن متعب وابن صباح وقعة الصريف انتصار.. متبع كما لله في ذلك من الحكم ثم بعد ذلك هرب عبد العزيز بن عبد الرحمن بعدما أتى الخبر فا.. وعاثوا في البلاد ثم أتى بعد ذلك بمدة سويلم فعاث في الأرض الفساد وتحرزوا من القتل... قوله تعالى (ولو كنتم في بروج مشيدة) فلما كان في السنة التاسعة عشر خرج عبد العزيز وا.. عندهم الكويت وذلك الإمام عبد العزيز عزّه الله ركب من الأحساء في نفر قليل حتى أتى بلد الرياض يوم الثلاثاء ليلة الأربعاء فدخل.. وترك ركابهم وعندها أناس من قليل من ثقال ربعه وأمرهم بلزومها حتى يأتيهم منه الخبر وسار... حتى دخل وسط تلك الليلة فتخلخل حتى تسور الدار التي أسكنها عجلان امرأته فبات. آمناً... في تلك الدار آخر تلك الليلة فلما سطع الصبح هم بالعدوة فالقا الله في روعة ان لا عدوه لك... حتى يفتح القصر وينشر من فيه.

فلما أشرقت الشمس وفتح القصر وخرج سرعان جند عجلان تاءنا... خرج عجلان ينظر إلى الخيل التي في البراحه المحاطة خارج القصر فلم يشعر عجلان وهو عند الخيل.. والرجال قد خرجوا عليه من داره فلما رآهم قال إيش أنتم يا رجاجيل قال له عبد العزيز.. لاء الصبيان أو كما قال فلما تبين له أنه عبد العزيز ابتدر باب القصر فلم يجد مفتوما إلاباب.. فصار عدوة عبد العزيز أسرع منه فلم يتكامل داخلاً مع الخرقة إلاهم قد لزموه فتجاذبوه.. ومن بداخل القصر فألهم الله عبد العزيز ومن معه بأن دفعوا على من بالقصر ثم أتبعوه ببنادق.. لفايطوا عن وجهه الباب فدخلوا على من بالقصر فقتلوا من كان على وجوهم وكبرهم نعيم القوة... الا فتحه الباب الكبير عن الخرقة... هذا وأهل البلد ليس عندهم من هذا دراية لأنه وقت صا... القهاوي فلما تحصن من تحصن من ربع عجلان ببعض بروج القصر فأخرج عبد... أولئك بعض ربعه وسار في طلب الشارد منهم في البلد فقتلهم وكان جملة من... هذه السنة بنى حامي الرياض حماها الله من كيد الكايدين إنه جوّاد كريم... قتله عظيمة ثم نر عبد ال.. ومن معه)).

وبنهاية هذه الأسطر تنتهي هذه الوثيقة النادرة التي وصفت هذا الفتح بدخول قائدها الملك عبد العزيز لعاصمته فاتحاً يوم الثلاثاء ليلة الأربعاء بتاريخ الخامس من شوال من عام 1319هـ، ومن هذه المدينة أطل فجر مجيد وانبعث أمل جديد لهذه الدولة الفتية.

مخطوطات كتبها الملك المؤسس وسجل ابن عساكر وثائق للملك عبد العزيز، كتبها في فترات مختلفة ومنها أقدم ما اطلع عليه الباحث بالنسبة لوثيقة سجلها الإمام – رحمه الله - وعليها ختمه وقدمها لإحدى الأسر كانت بتاريخ الخامس من ذي القعدة عام 1319هـ وعليها ختمه (أى بعد شهر من دخوله للرياض) وتخص أرضاً تقع في الدرعية. حيث أمضى الإمام نصيبه من هذه المغارسة إلى الشيخ حمد بن فارس (ت 1345هـ) جاء في أولها ما يأتي:

(بسم الله الرحمن الرحيم من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل إلى من يراه السلام وبعد أمضينا جميع ما يخصنا من المغارسة التي عند علي بن ناصر وأخيه عبد الله لحمد بن فارس مقابلة حساب عندنا له يتصرف فيها بما يشاء له ولذريته من بعده ماله فيها معارض يكون معلوما 5/ ذ /1319هـ. «الختم».

بينما أقدم وثيقة - حسب ما اطلع عليه الباحث - صدرت من الملك عبد العزيز وجمعت بين إمضائه وإمضاء والده الإمام عبد الرحمن وتأكيده عليها لعدم معارضته فقد كانت في الرابع من ربيع الثاني لعام 1320هـ. وكان تأكيد والده الإمام عليها في 7- ذي القعدة - 1320هـ.

وقد قدمت هذه الوثيقة إلى أحد أفراد أسرة آل عيسى من أعيان بلد شقراء ، والمكان يقع في شمال غرب شقراء، ذلك أن الملك قد أمضى هذه الأرض لسعود بن عيسى لأنه السابق في إحيائها واستشهد الملك عبد العزيز بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الخاص بإحياء الأرض.

جاء في نص الوثيقة ما يأتي: (بسم الله الرحمن الرحيم من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل إلى من يراه السلام وبعد الأرض الذي في رحبة شقراء توالي نخل سعود بن محمد بن عيسى من شرق وجنوب أمضيناها لسعود ما له فيها معارض لأنه هو الذي أحياها ومن أحيا أرضاً ميتة فهي له كما قال صلى الله عليه وسلم يكون معلوم. 4 / ر/ 1320هـ «الختم»).

(بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الرحمن بن فيصل إلى من يراه السلام وبعد الذي أمضاه الابن عبد العزيز على تمامه ما له معارض يكون معلوم والسلام 7 / ذي / 1320هـ «الختم»). أما الوثائق التي يكتبها الملك عبد العزيز بخط يده فهي كثيرة ومتعددة، فغالباً ما يكتب الرسائل أو الخطابات بالقلم الرصاص. وقد تم نشر بعض هذه الخطوط والنماذج إلا أنها بدون تاريخ.

ومن أوائل الخطوط التي وقف عليها الباحث مكتوبة بخط يد الملك عبارة عن سؤالين فقهيين نادرين، الأول في عام 1358هـ وموجه إلى قاضي الرياض الشيخ عبد الله بن زاحم (ت1374هـ). يسأل فيها الملك عن ميراث ابن الأخ والأخت، وأشار في سؤاله هذا إلى إجابتين ذكرهما الأمير سعود بن عبد العزيز (ت 1388هـ) والآخر ـ لعله ـ الأمير عبد الله بن عبد الرحمن أخو الملك (ت 1396 هـ) ويطلب الملك الإجابة الشرعية من القاضي في هذه المسألة.

جاء نص السؤال من الإمام ما يأتي:

(يقول سعود إنه مذكور في قول أن ابن الأخ والأخت ما ترثه من هلك كما جاء في الآية الكريمة وعبد الله يقول إلى المذكور في قول إنه ثابت عبد العزيز).

وجاء أسفل هذا السؤال إجابة القاضي.

بسم الله الرحمن الرحيم تسأل وفقك الله هل ورد في القرآن أن الأخ والأخت ورد ميراث الإخوة في القرآن العزيز في سورة النساء في الإخوة الأشقاء أو لا فقوله تعالى «يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم» وأما الإخوة للأم ففي قوله تعالى «وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذالك فهم شركاء في الثلث»(1)).

بينما مضمون الوثيقة الثانية هو سؤال فقهي بخط الملك كتبه بيده في شهر ربيع الأول من عام 1362هـ.

وهو من الأسئلة الشرعية المهمة والوجيهة التي طلب من قاضي الرياض الشيخ عبد الله بن زاحم الإجابة عنها والفتوى فيها. نظراً لأنها من القضايا والمشاكل المعروفة في تلك الفترة والتي تعرض على الملك للنظر فيها، ثم أحالها الملك إلى أهل الاختصاص من العلماء.

والسؤال المعروض هو ما إذا كانت الجارية المشتراة قد بيعت وهي حائض وبعد أن استقرت في ملك المشتري انقطعت الحيضة التي كانت بها عند سيدها الأول. والملك يستفسر هل هذه حيضة كافية لاستبراء الأمة؟

وختمها الملك عبد العزيز بالإفادة عن هذا الأمر والإجابة عنه وفق ما يقتضيه الشرع المطهر، ثم ختم سؤاله بالدعاء من الله عز وجل أن يطيل في عمر الشيخ. وهذا خلق دائم متبع عند الملك في توجيه الرسائل للعلماء والقضاة والأفراد.

وهذا نص الوثيقة بخط الإمام وأسفلها الإجابة من القاضي:

أخي:

إذا كان به عبدة شريت وهي حايض أول حيضها عند سيدها الأول وتالي حيضها عند المشترى وطهرت وأرادت تتجوز ماذا يكون أفدنا أطال الله بقاكم - عبد العزيز. - ثم أسفلها ما نصه: أدام الله بقاكم: اطلعنا على سؤالكم من جهة العبدة التي اشتريت وهي حايض وأول حيضها عند سيدها الأول وآخره عند الذي اشتراها نفيدكم أن الحيضة التي ابتدأتها عند سيدها الأول وبقيتها عند الذي اشتراها لا يحصل بها الاستبراء بل لابد من حيضة أخرى عند المشترى هكذا ذكر العلماء رحمهم الله. والله يحفظكم 18 / 3 /1362 هـ).

شروحات الصور:

1. 2. 3. 4. .

5. 6. 7. =