مقترح باعتماد «المسؤولية الاجتماعية» كمعيار مفاضلة للشركات المنفذة لمشروعات الحكومة

ملتقى الشراكة يختتم أعماله بحضور وزيري الشؤون الاجتماعية والتجارة.. وسيشهد محاكمة القطاعين العام والخاص

TT

ينتظر أن يقر اليوم، تجمع يناقش الشراكة بين القطاعين العام والخاص في السعودية، والذي يعد الأول من نوعه في المنطقة، واحدة من أبرز التوصيات التي خلصت إليها أوراق المشاركين في هذا اللقاء، والتي دعت إلى اعتماد المسؤولية الاجتماعية كمعيار جديد للمفاضلة وتقييم عطاءات الشركات المنفذة للمشروعات الحكومية.

يأتي ذلك، فيما يتوقع أن تشهد الجلسة الوزارية التي سيختتم بها الملتقى أعماله، ويحضرها كل من الدكتور يوسف العثيمين وزير الشؤون الاجتماعية، وعبد الله زينل وزير التجارة والصناعة، محاكمات لكل من القطاعين العام والخاص، بدأت ملامحها في الظهور منذ يوم الملتقى الثاني.

وشن أكثر من متحدث في جلسات الأمس، ومنهم الدكتور عبد الله المعيقل أمين عام الصندوق الخيري الوطني، هجوما عنيفا على مؤسسات القطاع الخاص، متهمين برامج المسؤولية الاجتماعية فيها بأنها «غير منهجية» وهدفها إعلامي بحت.

ومقابل ذلك، رفض الدكتور عبد الله الخراشي وهو أكاديمي سعودي، تحميل القطاع الخاص المسؤولية حول تراجع برامج المسؤولية الاجتماعية. وقال إن القطاع الخاص يرى أنه غير ملزم بترميم ما هو مطلوب من القطاع الحكومي فعله تجاه المجتمع. ورأى أن الحل في ذلك يكمن في تقويم أداء الأجهزة الحكومية نفسها.

ودار حديث واسع حول مفهوم المسؤولية الاجتماعية. وقال الدكتور المعيقل، وهو متحدث رئيسي في إحدى الجلسات، إنهم ليسوا في حاجة لاختراع العجلة من جديد، فهناك مفهوم عالمي للمسؤولية الاجتماعية ممكن تطويعه ليتلاءم مع وضع مجتمعه المحلي. وللمسؤولية الاجتماعية العديد من الجوانب، منها ما يتعلق بعلاقات مجموعات الأعمال مع المجتمعات المحلية، وأخرى تتصل بالمحافظة على المجتمع من آثار التلوث البيئي الممكن أن تحدثه بعض قطاعات الأعمال.

وأفصحت ورقة أمين عام الصندوق الوطني الخيري، عن أن قطاع الإنشاء والمقاولات، هو أقل القطاعات استيعابا لمفهوم المسؤولية الاجتماعية، وهو ما حدا به لتقديم مقترح باعتماد المسؤولية الاجتماعية كمعيار لتقييم العطاءات الخاصة بالشركات المتنافسة على المشروعات التابعة للحكومة.

وفيما تداول المتحدثون مخاوف من تأثر برامج المسؤولية الاجتماعية في القطاع الخاص، بالأزمة المالية العالمية، قللت فاتن اليافي من مجموعة صافولا من شأن تلك المخاوف، وقالت إن المجموعة التي تعمل لديها على سبيل المثال زادت دعمها خلال عام 2009 لبرامج المسؤولية الاجتماعية.

ونصح أحد المشاركين من مملكة البحرين، الدكتور محمد الرويشد من وزارة التربية والتعليم في السعودية، بنشر مفهوم المسؤولية الاجتماعية بالمناهج التعليمية، وتشجيع البرامج العملية للطلاب، وإقامة مسابقة لطلاب المدارس حول هذا المفهوم.

وضم عبد الغني الأنصاري مسؤول برامج المسؤولية الاجتماعية في الغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة، صوته لصوت المشارك البحريني. وقال إن التركيز في هذا الصدد يجب أن يكون على التعليم، فالتعليم، فالتعليم.

وفي بداية أول أيام جلسات منتدى الشراكة والمسؤولية الاجتماعية، دعا الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار رئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية بمنطقة الرياض، إلى إضفاء النظامية والاستدامة على مفهوم المسؤولية الاجتماعية من قبل الجهات المعنية وتجاوز العقبات التي تحول دون تفعيل هذا المفهوم.

واقترح الأمير سلطان من أجل تحقيق الاستدامة لهذا النشاط، أن يتم إقرار الاستراتيجيات والشكل التنظيمي المخطط في أداء المسؤولية الاجتماعية وآليات العمل المرتبطة بها بالإضافة إلى توفير الدراسات عن الاحتياجات الفعلية من مشروعات وبرامج التنمية المستدامة، وتجهيز القطاع المتلقي للاستفادة من الإمكانات التي توفرها تلك البرامج.

وقال في كلمة ألقاها بالإنابة عنه الدكتور عبد الله المقيرن نائب رئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض «إن طموحاتنا وتطلعاتنا يجب أن تتوازي مع مكانة وموقع بلادنا، مملكة الإنسانية التي تخطو بثبات وثقة رغم كل التحديات لتتقدم الصفوف إنسانيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا».

وأعطت الأمير سلطان بن سلمان مؤشرات تدل على أن التجربة الوطنية في مجال تفعيل المسؤولية الاجتماعية تسير نحو تحقيق نقلة نوعية، ومنها مبادرة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض بتأسيس مجلس المسؤولية الاجتماعية الذي يحظى بالرئاسة الفخرية من قبل الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض ويضم نخبة من المسؤولين ورجال الأعمال أصحاب الخبرات المتميزة.

ورفض سلطان بن سلمان اعتبار المسؤولية الاجتماعية أحد توابع العولمة، أو ثقافة طارئة، أو حديثة على المجتمع السعودي. وقال إن الموروث القيمي والثقافي للسعودية يحمل بين ثوابته شواهد عديدة على تجذر ثقافة المسؤولية الاجتماعية انطلاقا من المرتكزات الإسلامية والإنسانية والوطنية.

وأكد أنه، ومن خلال تجربته الشخصية في هذا الإطار، فإن القطاع الخاص السعودي توصل إلى ذلك المفهوم العلمي والعملي للمسؤولية الاجتماعية مبكرا وبشكل يكاد يتطابق مع النظريات الحديثة في هذا الجانب. وأشار الأمير سلطان بن سلمان، إلى أن لديهم العديد من النماذج المتميزة التي تجسد ذلك المفهوم، حيث تمكنت تلك النماذج من تغيير الصورة الذهنية عن أنها مجرد منشآت اقتصادية يتحدد نجاحها بمقدار أرباحها ووضعها المالي إلى مؤسسات تأخذ دورها كشريك في المجتمع.