وزارة الصحة: مشروع الزواج الآمن لم يفشل ونسبة الوعي في تزايد

إقدام نصف الأزواج الحاملين لأمراض الدم الوراثية على إتمام زواجهم

TT

نفى الدكتور نوّاف العتيبي المشرف على برنامج الفحص الطبي قبل الزواج في المديرية العامة للشؤون الصحية في المنطقة الشرقية، فشل الخطة التي وضعتها وزارة الصحة للحد من إنجاب أطفال يعانون من أمراض الدم الوراثية، عبر الحد من حالات زواج يحمل أفرادها أمراضا وراثية من شأنها أن تسهم في إنجاب أولاد يعانون من تلك الأمراض.

ورغم أن وزارة الصحة لاحظت أن الكثير من حديثي الزواج يقدمون على إتمام مراسيم زواجهم رغم أن أحد أو كلا الطرفين يحملان صفات وراثية لا تتلاءم مع الشريك ومن شأنها أن تنجب أطفالا غير أصحاء، إلا أن العتيبي قال لـ«الشرق الأوسط» إن نسبة الوعي في تزايد مضطرد، وأن عدد العرسان الذين يحجمون عن المضي قدما في إتمام أعراسهم مع وجود الأمراض الوراثية في تزايد مستمر. وأوضح العتيبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن نسبة التراجع عن إتمام الزواج في حالات عدم التوافق في ازدياد مستمر على مستوى المملكة حيث ارتفع من 9 في المائة في العام الأول لتطبيق البرنامج إلى نسبة 38 في المائة في العام الخامس. وقال إن في المنطقة الشرقية، التي تتركز فيها الأمراض الوراثية، أصبحت نسبة من تم إثناؤهم عن الزواج تقترب من 50 في المائة لعام 1429 هـ (2008) مع تكثيف التوعية بهذه الأمراض وعواقبها، ما يؤكد النتيجة الإيجابية لحملة رفع الوعي الصحي التي تقوم بها الوزارة التي تتصاعد وتيرتها لتصبح مماثلة، بعد سنوات محدودة، لجعل نتائج الفحص ملزمة. وتطبق السعودية مشروعا وطنيا للحد من حالات الإصابة بالأمراض الوراثية التي تقول تقارير صحية إنها تتزايد بفعل زواج أفراد حاملين للمرض، مما يوسع من خارطة انتشاره، لكن الأمر الحكومي القاضي بإلزام الفحص الطبي قبل الزواج، لم ينصّ على إلزام العمل بالفحص، وقال العتيبي إن الإلزام كان هدفا منذ المراحل الأولى لسن نظام الفحص الطبي قبل الزواج، الذي اشتركت في إعداده ودراسته وزارة العدل وتم تقديمه لمجلس الشورى وتمت دراسة جميع أبعاده الاجتماعية والصحية، لكن النتيجة خلصت إلى أن التوعية كفيلة بإيجاد الوعي الطبي الذي يمتنع من خلاله المقدمون على الزواج وأولياء أمورهم من إكماله في حال عدم التوافق.

وعن الأسباب الاجتماعية والثقافية التي تدفع غير المتوافقين لإتمام الزواج قال العتيبي إن من أهم الأسباب انتشار الأمراض الوراثية بشكل شبه كامل في بعض العوائل والمناطق بحيث يصعب على الخاطب أو المخطوبة إيجاد طرف سليم خاصة حين يكون الطرفان حاملين للمرض، حيث لا تظهر عليهما أعراض المرض. وأضاف العتيبي بأن مما يقلل من اقتناع الناس بضرورة التوقف عن الزواج في حال عدم التوافق كون انتقال الأمراض الوراثية مبني على الاحتمالات (قاعدة مندل الوراثية)، فقد يتم إنجابُ أطفال سليمين حتى في حال زواج طرفين حاملين للمرض.

وأكّد العتيبي على الدور الذي تلعبه النواحي الأخلاقية والدينية والاجتماعية في اتخاذ القرار، إذ لا يوجد من هذه النواحي ما يعتبر عيبا في الخاطب أو المخطوبة في حالة عدم التوافق ما يجعل العائلة تنظر إليه كزوج مثالي متغاضين عن نتيجة الفحص الطبي التي يُنْظر إليها على أنها محتملة في مقابل مقياس أخلاقي ثابت. وأضاف بأن قلة الوعي الصحي لدى المصرّين على إتمام زواج غير آمن تعتبر من أقل العوامل تأثيرا بسبب استيطان المرض في هذه المناطق وإلمام العائلات به إضافة إلى ارتفاع المستوى التعليمي للمتزوجين.

وأوضح الدكتور العتيبي أن (الحملة الوطنية للتوعية بالزواج الصحي) تركّز في هذه الفترة على طلاب الجامعات، إذ توجد فترة كافية للإقناع قبل سن الزواج (ثلاث أو أربع سنوات)، ما يساعد على تلافي الصعوبات التي يقع فيها الذين يتقدّمون للفحص قبل الزواج بفترة قصيرة ولإيجاد مساحة كافية للتفكير لجميع الأطراف.

وفيما يتعلّق بإمكانية إيجاد حلول طبية لإنجاب أطفال سليمين من آباء غير متوافقين أجاب العتيبي أن هناك طرقا طبية يتم من خلالها التعرف على إصابة الجنين وراثيا في المراحل الأولى من الحمل وإسقاطه قبل نفخ الروح فيه (قبل 120 يوما)، حيث يجوز ذلك شرعا، أو التأكّد من سلامته فتستمر مراحل حمله بأمان. وأضاف بأنّ هذه الطريقة متوفرة في عدد من مستشفيات المملكة التخصصية الحكومية والخاصة ولكن تكلفتها عالية جدا حيث تصل إلى 80 ألف ريال للعملية الواحدة وأفاد بأن الوزارة لا تسعى في الوقت الراهن لتوفير هذه العمليات لمن لا يستجيب للنصح الطبي.