الفئران تغزو عروس البحر الأحمر وتهدد السكان

أمانة جدة ترصد 60 مليون ريال لمكافحتها

TT

تنامت في الفترة الأخيرة ظاهرة انتشار الفئران مختلفة الأحجام والأنواع في بعض أحياء مدينة جدة، مهددة السكان بنقل الأمراض الخطيرة في وقت اعترفت فيه الجهات المسؤولة بعظم المشكلة وخطورتها، وطالب عدد من السكان جهات الاختصاص بالتحرك لتدارك الأمر قبل استفحاله، خاصة في القسم الجنوبي من المدينة.

وأعلنت أمانة جدة بدورها رصد مبلغ 60 مليون ريال وخطة محكمة لمواجهة جيوش الفئران في مختلف نواحي المدينة، وقالت إنها أوكلت لإحدى شركات القطاع الخاص تنفيذ مكافحة الحيوانات العقورة والقوارض تشارك في تنفيذها 15 فرقة منها خمس فرق لمكافحة الحيوانات العقورة و5 فرق أخرى لمكافحة الغربان ومثلها للقوارض ومجموع العاملين في هذه الفرق نحو 100 عامل.

وسجلت منطقة البلد مركز الصدارة في أعداد القوارض وفقا لعمليات المكافحة خلال العمليات السابقة، تلتها أحياء كل من الشرفية وأم السلم وبريمان والجامعة والمطار القديم وبعض المواقع على الكورنيش.

ووفقا لموقع أمانة جدة على الانترنت فإن أهم أنواع الفئران التي يتم محاربتها الفأر النرويجي إضافة إلى الفأر الأسود وجرذ المنازل، وبين الموقع أن تلك الفئران تتمتع بقدرة على مقاومة مبيدات القوارض المانعة للتخثر في أجزاء عديدة من العالم، وأشار إلى تغيير المبيد كل فترة تشغيلية في أماكن تواجد الفئران في بيارات الصرف الصحي، المصارف، أماكن تجمع السيول، المزارع.

وعن ابرز ما تتضمنه خطة الأمانة بينت مصادر فيها أنها تشمل توزيع المصائد الخاصة بالقوارض في الأماكن المراد مكافحتها، إضافة إلى وضع السموم في عدد معين من المصائد ووضع طعوم بدون سموم في عدد مماثل من المصائد تحدد عدد القوارض التي تم اصطيادها إضافة إلى استخدام الطرق الميكانيكية الوقائية جنبا إلى جنب مع السموم.

ولم يعد مستغربا على سكان حي الجامعة والأحياء الجنوبية من مدينة جدة مشاهدة أنواع الفئران بأحجامها الكبيرة، رائحة غادية، في شوارع الحي مخيفة الصغار والكبار ومهددة سكان تلك الأحياء بالأمراض كما يشير السكان ويؤكد المختصون. الفئران التي زادت أعدادها بشكل كبير في تلك المناطق وأصبحت تسطر الكثير من الطرائف والغرائب التي تحاكي مسلسلات « توم وجيري» فيرى السكان أن ما تقوم به الفئران في أحيائهم هو نفس دور جيري في ذلك المسلسل، لكن الحقيقة هنا تهديدها بكم هائل من الأمراض التي يمكن أن تنقلها للإنسان، بل أصبحت تهدد حتى القطط التي لم تعد تستطيع مواجهتها بسبب أحجامها الكبيرة الناتجة عن التغذية الجيدة وعدم المكافحة، وهو ما عبر عنه عبد الله المجرشي الذي يعمل محاميا في جدة بقوله «اخرج يوميا إلى صلاة الفجر فأشاهد أنواع الفئران تقفز حولي وكأن الأمر بسيط جدا، وحقيقة الأمر أن أمانة جدة لم تول هذا الأمر اهتماما رغم الخطر الكبير الذي تسببه الفئران كونها المسبب الرئيسي لمرض الطاعون الفتاك».

من جانبه يقول محمد الشبراوي احد السكان إن الفئران انتشرت بكثافة في أروقة الحي الذي يسكنه، وأصبحت تهدد سكان الحي بالأمراض، وارجع الشبراوي سبب انتشارها إلى تكدس النفايات، وتدني مستوى النظافة بشكل عام.، مطالبا أمانة جدة بسرعة التدخل بالتنسيق مع أجهزة الصحة لحماية السكان من الفئران الناقلة للأمراض والفيروسات.

إلى ذلك أعلن المهندس خالد عقيل وكيل الأمين للخدمات عن خطة الأمانة لمحاربة الفئران في جدة ومكافحتها بالطرق المدروسة، خاصة في منطقة الكورنيش والأحياء الشعبية التي تتكاثر فيها، وأماكن تجمع الأغذية التي تعتبر أهم الأسباب التي تساعد على استمرارها على الرغم من حملات المكافحة المكثفة. من جانبها حذرت لجنة البيئة والصحة بالمجلس البلدي بمحافظة جدة ممثلة في الدكتور حسين البار رئيس اللجنة من تفاقم الظاهرة، وأشار إلى ورود العديد من الشكاوى في هذا السياق إلى المجلس، وقال لـ«الشرق الأوسط» عن حجم القضية «نعم المشكلة موجودة وبشكل كبير جدا يفوق الجهود الكبيرة التي تقوم بها فرق المكافحة».

وأضاف أن المشكلة لها عدة جوانب، الأول من خلال الإمكانات في فرق المكافحة والتي رغم جهودها لم تبلغ المستوى المأمول، والجانب الآخر وجوب تعاون المواطن من جانبين، الأول في الإبلاغ والثاني في ترك الفرق تقوم بعملها، مشيرا إلى حادثة وقعت في العام الماضي عندما بلغ سكان حي الجامعة عن مشكلة الفئران التي تواجههم وعندما قامت فرق المكافحة بوضع السموم اشتكى الأهالي من تأثيرها على أطفالهم، وشدد البار على ضرورة عدم رمي المخلفات خارج الصناديق المخصصة لها والاهتمام بالنظافة. وفي السياق ذاته حذرت مصادر طبية من الأمراض الناتجة عن انتشار الفئران، وقالت إن الجرذان التي تعتبر من الحيوانات الثديية صغيرة الحجم، تنشط ليلا، وتعيش في الجحور، وتحمل الجراثيم والفيروسات ثم تنقلها إلى الإنسان بعدة طرق، لتصيب الجهازين الهضمي والتنفسي، ومن أشهر الأمراض التي تنقلها الفئران؛ الإسهال، والحمى التيفودية، والكوليرا، والسل، والزحار، كما تنقل الطاعون بواسطة البراغيث التي تعيش على جلدها وتتكاثر وتتغذى على دمها. في ذات السياق، أوضح الدكتور عبد الغفار أزهري مساعد وكيل الخدمات لشؤون النظافة والبيئة أن الأمانة كثفت جهودها منذ الشهرين الماضيين للقضاء على الحيوانات العقورة، خاصة في المناطق الطرفية بالمحافظة والتي تساعد تضاريسها من أودية وشعاب على تكاثرها، خاصة في «وادي مريخ» وفي جنوب جدة وشرقها في منطقة «الحرازات» حتى حدود بلدية عسفان شرقاَ.

مبيناَ انه تم التركيز مؤخراَ على مكافحة تلك الحيوانات في منطقة مرمى النفايات القديم والذي كان السبب الرئيس لارتيادها للمنطقة، إضافة إلى أن المرمى القديم شكل مأوى للمتخلفين الذين يقومون برعاية تلك الحيوانات داخل المرمى. وأشار الدكتور أزهري إلى أن الفرق المتخصصة التي تم تعيينها لمكافحة الحيوانات العقورة تعمل على مدار الساعة لتعقبها، موضحاَ أن احدى هذه الفرق تم تخصيصها لتبدأ أعمالها بعد منتصف الليل وحتى الثامنة صباحاَ وتتركز في المنطقة الصناعية لمتابعة الحيوانات العقورة التي تنشط في تلك المنطقة، مؤكدا أن الحملات المتتالية أسفرت عن القضاء على عدد كبير من الحيوانات العقورة.

وعزا مساعد وكيل الخدمات لشؤون النظافة والبيئة السبب في تكاثر الحيوانات العقورة من الكلاب والقطط الضالة في مرمى النفايات إلى توفر الطعام والملاذ، حيث يعد المرمى مصدراَ رئيسيا لتغذيتها وتكاثرها كما تمثل المنازل والاحواش المهجورة ملاذاَ لها، مؤكدا أن وعي السكان بوضع المخلفات في أماكنها المخصصة يقلل من تنامي أعداد تلك الحيوانات.

وأكد الدكتور أزهري نجاح الأمانة في خفض كثافة القوارض بمنطقة الكورنيش إلى اقل من خمسة في المائة، مشيراَ إلى أنها أوجدت احدث الطرق في مجال مكافحة القوارض في جميع أحياء جدة، خاصة تلك التي تنتشر فيها بكثرة في منطقة البلد والمناطق المحيطة بها ومستودعات الأغذية.

وأشار احد مسؤولي المكافحة في أمانة جدة إلى أن الهدف من هذه المكافحة هو الحد من كثافة آفات الصحة العامة والقوارض لتصل إلى المستوى الذي لا يسبب خطورة على الإنسان أو إزعاجا له، مبينا الخطر الكبير الذي تسببه القوارض كونها تلعب دورا رئيسا في نشر كثير من الأمراض بالإضافة إلى الإزعاج الذي تسببه كما أنها تسبب خسائر كبيرة لمستودعات الملابس والمعدات وكذلك الأطعمة ومخازن الحبوب.