أمانة جدة: حديقة الحيوانات ستكون منتجعا سياحيا هاما قريبا

الحراس يتناوبون على بوابة لا يزورها أحد.. والحيوانات تعاني الجوع والهزال

الفيل وحيدا يتجول في الحديقة من دون أنيس («الشرق الأوسط»)
TT

شكا مواطنون من الإهمال الذي لازم حديقة الحيوانات الحكومية الوحيدة في جدة خلال السنوات الماضية، وناشد زوار للحديقة المسؤولين بضرورة الاهتمام بالحيوانات التي لم يتبق منها إلا الفيل الذي يتجول في مساحته وحيدا بعد أن فارق رفيقه الجمل الحياة جراء الإهمال. فيما أعلنت أمانة جدة على لسان المهندس منصور الغامدي مدير بلدية أم السلم، لـ«الشرق الأوسط» عن البدء في أعمال تنظيم الحديقة الصحراوية بجدة، التي تعد أحد المعالم الهامة في بلدية أم السلم، وقال: «نبشر الجميع في مدينة جدة ان الحديقة ستكون خلال الفترة المقبلة منتجعا سياحيا هاما يقدم خدماته لجميع أهالي مدينة جدة وزوارها».

وتبدو الحديقة للمار على الخط السريع على يمين طريق الحرمين الشريفين بالقرب من كبري الكيلو 10 بطريق مكة المكرمة القديم، وهي عبارة عن مساحات كبيرة مهدرة، وحولها سور طويل، ويبدو الفيل وحيدا يتجول فيها من دون أنيس.

وحتى وقت قريب كان هذا المكان حديقة غناء ذات مساحة كبيرة مليئة بالأشجار والنباتات وألعاب الأطفال والجلسات العائلية، التي تؤنس حتى أهالي الحي الشعبي «قويزة» الذي يحتضنها، غير ان الحال تغير حتى الأشجار بهتت وتساقطت أوراقها بفعل الإهمال، وتبدو الأقفاص الحديدية خاوية متسخة بعد أن نفقت حيواناتها، وينتظر ما تبقى منها نفس المصير.

أحد الحراس العاملين في الحديقة ـ فضل عدم ذكر اسمه ـ قال: إنه يشرف بنفسه بمعاونة عدد من الأهالي على الفيل بتقديم الطعام له حتى يستمر على قيد الحياة، وتحدث لـ «الشرق الأوسط» عن عمله وزملائه بقوله: «نحن 6 حراس امن نعمل هنا منذ عام 1995، حينها كانت هذه الحديقة من أجمل الأماكن التي يزورنها الأهالي والأطفال وطلاب المدارس، لكن الإهمال حولها إلى هشيم تذوره الرياح، نحن نتسلم العمل هنا لمدة 6 ساعات لكل واحد منا، ويعمل كل اثنين منا في فترة واحدة، عشنا في هذا المكان لسنوات عديدة ونناشد المسؤولين بالتدخل السريع لإنقاذ هذه الحديقة والحيوانات التي بها، وإذا تعذر الأمر عليهم بنقلها الى مكان آخر أو حتى إطلاق سراحها، ونحن نبريء ذمتنا من حبس الحيونات بهذا الشكل، وافيدكم بأن الجمل قد مات اليوم».

ويضيف الحارس:«هناك نعامة وجملان إلى جانب أسدين لم يعد لها من الاسم نصيب بسبب الجوع والهزال والهرم، وغزالان او ثلاثة شوههم عدم الاهتمام ولو رأها شاعر لكتب قصيدة في قبح الغزلان لا جمالها».

النبرة الحزينة للحارس لايضاهيها سوى منظر حمارين وحشيين بهتت خطوطهما ووهنت قواهما، بعد ان كفا عن الحركة والدوران، القرود العشرة ظلت الوحيدة التي تتحرك بحيوية وتعلن عن وجودها بصخب، ولكنها هي الأخرى كانت تبعث بين الحين والآخر من خلال عيونها بنظرات الأسى والحزن على ما أصاب الحديقة بعد ان هجرها زوارها الذين كانوا يأتون بالأطعمة، وأصابع الموز لإطعام تلك الحيوانات وقضاء وقت ممتع بين أركانها.

الزائر الوحيد الذي صادفناه بأسرته، ويدعى عبد الله الحداوي، قال:«اشهد انا وولدي محمد هذا المنظر المؤسف، لقد ذهبت الى دول كثيرة، حيث زرنا العديد من حدائق الحيوان، بعضها مضى على انشائها عشرات السنين، وعندما تزورها تشعر أنها قد انشئت منذ شهر أو شهرين بسبب النظافة والترتيب والجمال الذي نجده حاضراً في كل انحاء تلك الحدائق، بالاضافة الى الاهتمام والعناية بحيوانات تلك الحدائق وتنميتها وزيادة أعدادها في كل عام، بينما حديقة حيوان جدة التي جلبت لها الكثير من الحيوانات من مختلف بلاد العالم، لم يمض على انشائها، على الرغم من الحماس الكبير الذي واكب قيامها، والحديث عن أنها ستكون احد معالم جدة السياحية، الا ان الاهمال يسري في جسدها عاماً بعد عام، حتى اصبحت اليوم مجرد اطلال، واكوام من الحديد والأقفاص الصدئة والخردة التي لم يعد لها اي قيمة».

من جهته قال عبد الله دبيس وهو من سكان الحي الذي تقع فيه الحديقة: «الكثير من سكان جدة أكدوا ان الحديقة لم يتبق منها إلا اسمها ولم يعد لها أي وجود، ولم يعد احد يفكر في زيارتها، لأنها في فترة وجودها كانت تفتقر للنظافة ولا يكاد الزائر يدخل عبر بوابتها حتى تصدمه الروائح الكريهة من كل مكان بسبب إهمال تنظيف اقفاص تلك الحيوانات، وترك اللحوم التي تلقى الى الحيوانات المفترسة حتى تتعفن وتصبح روائحها لا تُطاق، مما جعل الناس تتوقف عن الذهاب الى تلك الحديقة، لأن ذلك الاهمال كان تأكيداً على ان امر تلك الحديقة لم يعد يهم الامانة من بعيد او قريب. وقال دبيس: إن الحديقة اصبحت في الوقت الحاضر مكاناً لتجمع الكلاب الضالة، ووضع الحديقة في الوقت الحاضر لم يعد له أي فائدة، فإما ان تقود الأمانة حملة لإنفاذها من وضعها الحالي وإما أن تريحنا من وجودها».