فتيات من ذوي الاحتياجات يواجهن صعوبات الحياة بـ«الخطط» و«التدريب»

إحداهن تحمل شهادة سكرتارية والأخرى اجتازت دورة في التصوير الفوتوغرافي

د. محاسن خاشقجي مع أحد الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة («الشرق الأوسط»)
TT

لم يعد تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل مشابه للأسوياء ودمجهم كأصحاء في المجتمع أمرا مستحيلا، إذ استطاعت فتاتان معاقتان إكمال خطط تأهيل وتدريب استمرت لمدة عام كامل، لتحمل إحداهن شهادة في السكرتارية، فيما أنهت الأخرى دورة في التصوير الفوتوغرافي والالتحاق بدورة صيانة الحاسب الآلي، في محاولة منهما للحصول على وظيفة في أي منشأة أسوة بالعاملات السويّات.

وذكرت أماني عبد العزيز، المتأهلة بمركز «أبجد» للرعاية النهارية التابع لإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية بجدة، أنها انتهت من مرحلة الإعداد قبل المهني وتسعى لإيجاد وظيفة بعد أن أتمت دورة التصوير الفوتوغرافي، وقالت أماني لـ«الشرق الأوسط» بعد إكمال الدورة إنها وجدت أن صيانة الحاسب الآلي ممتعة جدا، مما جعلها تلتحق بدورة أخرى بهدف تنمية مهاراتها في ذلك المجال.

ويعني مركز «أبجد» بتدريب وتأهيل الفتيات من ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال دوام يومي مدرسي، وقد افتتح المركز منذ عامين بحضور الأميرة صيتة بنت عبد الله بن عبد العزيز، إذ يستقبلهن من سن 12 سنة فما فوق بمختلف الإعاقات فيما عدا التوحد الكلاسيكي «الشديد» والإعاقتين السمعية والبصرية الكاملتين.

وأشارت الدكتورة محاسن خاشقجي مديرة المركز إلى أن الفتيات يتم تدريبهن على كافة المهارات، ابتداء بمهارات الحياة، وانتهاء بالاستقلالية الذاتية، مؤكدة أن تلك الفئة من الفتيات تعانين من عدم تقبل المجتمع لهن، الأمر الذي يجعل ضرورة تغيير النظرة تجاههن أمرا مهما، لا سيما أن ما يحتجنه هو إتاحة الفرصة لإثبات قدراتهن.

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن المركز بدأ عمله من خلال استقبال ست حالات، غير أن عددها بلغ 20 حالة حتى الآن، اللاتي يتم تدريبهن على مهنة معينة بعد الانتهاء من تأهيلهن وتحديد ما تبقى من الإعاقة لديهن، وذلك بهدف توفير الفرص المتاحة وإيجاد مكان لهن في المجتمع تحت إشراف إدارة المركز، إلا أن ذلك الإشراف ينسحب تدريجيا بعد التأكد من قدرتهن على العيش بصورة طبيعية.

وأضافت: «تستطيع الفتاة من خلال المركز التفاهم مع البيئة الخارجية في جميع المرافق العامة والخدمات الموجودة بها، خصوصا وأننا قمنا بدراسة جدوى لمرحلة الاستقلالية المادية بهدف تفعيلها فيما بعد».

ولترسيخ مفهوم إمكانية دمج ذوي الإعاقات مع الأسوياء لدى هؤلاء الفتيات والأطفال، تم الاستعانة بدمى مصممة على هيئة أصحاب إعاقات ودمجها مع نماذج لدمى أخرى تجسد صور الأصحاء، التي تم وضعها في ركن خاص من أركان المركز بهدف تعزيز الثقة في النفس لدى الفتيات.

ويحتوي مركز «أبجد» على قسم للعلاج الطبيعي والوظيفي تتوفر فيه مختلف الآلات والأدوات التي تحتاجها كل إعاقة، التي من ضمنها حوض سباحة يستخدم كترفيه للصغار وأحد وسائل العلاج الطبيعي للفتيات والأطفال على حد سواء. وأوضحت سعاد قنديل اختصاصية الإرشاد السلوكي والمهني بالمركز والمتطوعة للقيام بذلك العمل، أن وظيفتها تتمثل في بناء شخصية الكبيرات من ذوات الاحتياجات الخاصة، وقالت إن الإرشاد السلوكي يدخل في جميع أنشطة المركز، المتمثل في بناء الشخصية السوية والعناية الذاتية والتواصل الاجتماعي، من خلال تعلم المهارات الحياتية.

وأضافت: «تتعلم الفتيات كيفية التعريف عن نفسها في المحافل والمناسبات المجتمعية، ومن ثم يتم تحديد قدراتهن عن طريق وسيلة الإدراك الذاتي من أجل مساعدتهن على تغيير أنفسهن نحو الأفضل»، لافتة إلى أن «ذلك يساهم بشكل كبير في تغيير نظرة أفراد المجتمع تجاههن، الذي من شأنه أن يساعدهن على اتخاذ قراراتهن بمفردهن من دون تدخل الآخرين».

وبينت أن مرحلة الإرشاد والسلوك المهني التي تلي الإعداد قبل المهني تساعدهن على تعلم الانضباط وتحمل المسؤولية ومواجهة المحبطات التي من الممكن أن يتعرضن لها خلال حياتهن، وذلك من خلال أنشطة خاصة يقمن بها.

ومن خلال مكتبة المركز تستطيع الفتيات تعلم القراءة والكتابة والقدرة على اختيار الكتب، والتعامل مع مفهوم الكتاب بشكل جيد، إضافة إلى التدرب على قراءة الصحف المطبوعة أو الإلكترونية بهدف التواصل ومواكبة الأحداث اليومية.

وبالعودة إلى سعاد قنديل، أفادت أن حجرة الاسترخاء تعد إحدى أهم الوسائل المستخدمة في الإرشاد السلوكي، وقالت: «جهزت الحجرة بجدار مصمت، وتحتوي على جهاز مسجل وإضاءة مخصصة لغرضين، إذ في حال احتياج المعاق للهدوء بعد تعرضه للإثارة الزائدة، فإنه يخضع لجلسة مزودة بموسيقى وأصوات هادئة مع إضاءة خافتة، فيما يتم تنشيط المصاب بالخمول بواسطة موسيقى صاخبة وأضواء سريعة، لافتة إلى أن مدة الجلسة لا تتجاوز ربع ساعة».

وأضافت: «من أهم استخدامات حجرة الاسترخاء هو التخاطب بشكل سليم مع المراهقات من ذوات الاحتياجات الخاصة، وذلك من خلال استخدامهن لكرسي الاسترخاء ومحاورتهن بهدوء للتعرف على مشكلاتهن».

يشار إلى أن مركز «أبجد» للرعاية النهارية ينظم بازارا خيريا يعد الأول تحت شعار «بيدي» السبت المقبل، الذي سيحوي منتجات يدوية لأسر منتجة من منازلها، إضافة إلى مشاركة المركز بمنتجات ذوات الاحتياجات الخاصة، ويستمر لمدة يومين متتاليين، وذلك احتفالا بتأهل أول فتاتين من المركز.