محلات عطارة تروج سرياً لعقار صيني بعد منعه من وزارة الصحة

«صحة جدة» لـ«الشرق الأوسط»: حبوب التسمين لها مضاعفات خطيرة ولم تعد للصيدليات

TT

أثار عقار صيني يعرف باسم «حبوب التسمين» ردود فعل واسعة على آثاره الصحية لمستخدميه، وذلك بعد قيام جهات رقابية صحية بالتحذير منه بعد ضبط عدد من محلات العطارة في مدينة جدة، إضافة إلى بعض الصيدليات، تقوم ببيعه بشكل سري. ويُقبل الأشخاص الذين يعانون ضعفاً في البنية الجسدية على شراء هذا العقار الذي يصفه البعض بـ «السحري» كون نتائجه سريعة، بحيث يزداد وزن متعاطيه بأكثر من عشرة كيلوغرامات خلال الشهر الواحد. وحذرت الجهات الصحية، عبر أحاديث أطباء وتقارير طبية إقليمية ودولية، من العواقب الوخيمة لمستخدمي هذا العقار على صحتهم، كونه يحتوي على مادة خطيرة جدا من مكونات (الكورتيزون)، تسبب أمراض السرطان والفشل الكلوي وهشاشة العظام وتساقط شعر الرأس إلى جانب زيادة الوزن. إلى ذلك يقول الصيدلي محمد إبراهيم، الذي يعمل بإحدى الصيدليات في جدة، إن «هذا المنتج مستحضر تسمين غير ثابت، لأنه من الأدوية التي يتوقف مفعول فائدتها على جسد الشخص بمجرد التوقف عنها، مما يدل على أنه عقار للإدمان». ويوضح الصيدلي إبراهيم، خلال حديثه لـ «الشرق الأوسط»، أن من الأضرار الناتجة عن استخدام «عقار التسمين الصيني» تتمثل في استهداف الكبد والكلى في وقت واحد. مبيناً أن العقار لا يباع بطريقة مباشرة في محلات العطارة، بل بشكل سري نتيجة العقوبات المفروضة عليه من وزارة الصحة السعودية. وحول أسعاره، يقول إبراهيم، إن أسعار العقار الصيني قبل منعه من وزارة الصحة كانت 25 ريالا للعبوة الواحدة. مضيفاً «بينما يصل سعر الكرتون الذي يحتوي على 12 عبوة من العقار الصيني مبلغ 300 ريال سعودي. ويواصل بقوله «بعد صدور قرار المنع ارتفعت أسعار العقار، حيث أصبح سعر العبوة الواحدة 70 ريالا، وللكرتون 840 ريالا». وأضاف «هذا الدواء يستخدم أيضا لفتح الشهية، بحيث يجعل مستخدمه يأكل من دون أن يشعر بالاكتفاء، ليبلغ عدد وجبات الطعام التي يتناولها ما بين 8 إلى 9 وجبات يومية». من جانبه، أكد أبو محمد (اكتفى بذكر كنيته من دون اسمه)، أحد العاملين في دكان للعطارة والأعشاب، أن هذا المنتج دخل الأسواق السعودية منذ أربع إلى خمس سنوات. موضحاً أنه كان يباع في الصيدليات قبل محلات العطارة. ويقول أبو محمد «المنتج تستخدمه نسبة كبيرة من المجتمع نساء ورجالاً لأسباب زيادة الوزن، كما يستخدمه الرجال لغرض المقابلات الشخصية أو في المناسبات، أو ما قبل الأفراح ليظهر الجسم بالمظهر اللائق». مشيرا إلى أن الفتيات يستخدمن هذا العقار بشراهة كما بدا له من إقبال على محلات العطارة لشرائه في السابق. وأضاف «أعتقد أن السبب في لجوء الفتيات للمستحضر الصيني كونهن يعانين من نحافة الأجساد، وبالذات تستخدمه الفتيات المقبلات على الزواج، وبالمناسبة، لهذا العقار شكل مقلد يباع لدى البعض». ويوصي أبو محمد بعدم الإكثار من هذه الحبوب، لأنها تسهم في تساقط الشعر وتزايد نبضات القلب أحيانا، والفشل الكلوي وهشاشة العظام في المستقبل. مستشهدا بأن الدراسات تقول إن أي مستحضر يزيد الوزن بسرعة عالية يسهم في إخفاق وظائف الكبد. بينما أكد الدكتور محمود عبد الجواد مساعد الشؤون الصحية والمشرف العام على الصيدليات والقطاع الخاص في جدة أن هذا العقار لا يباع في الصيدليات. موضحا ضرورة تسجيل أي دواء أو عقار مستورد لدى الشؤون الصحية ليتم تطبيقه حسب ما تراه اللجنة الطبية. مشيرا إلى أن هذا العقار من الحبوب الصينية لا يخضع للتحاليل، معيدا الأسباب إلى أن هذا العقار الصيني له مضاعفات خطيرة قد تسبب في أعراض جانبية. وقال «وقد تؤدي بحياة متناوله أو تعرضه لأخطار صحية، إذا تفاقمت حالة المضاعفات». مبينا أن مثل هذا النوع من العقار لم يتم فسحه بسبب أنه منتج مجهول المصدر، ولا يستفيد الجسم منه. مضيفاً أن هناك أدوية غير خاضعة لمواصفات الشؤون الصحية ويتم سحبها وإتلافها. على أرض الواقع، وبالنسبة للأشخاص الذين استخدموا العقار الصيني، لا يخفي مجدي الحامدي، وهو أحد الأشخاص الذين كانوا يستخدمون العقار الصيني، إعجابه به، كونه ساعد على تقويم جسده بشكل لحظه الآخرون. معتبراً قرار إيقاف هذا العقار أمراً سلبياً. وأضاف «أصبح جسمي أسوأ مما كان عليه في السابق، ففي الفترة التي كنت استخدم فيها هذا العقار ازداد وزني بنحو 18 كيلوغراماً خلال وقت لم يتجاوز الشهر». بينما قال توفيق سفر، وهو طالب جامعي، إن استخدامه للعقار جاء بعد حصوله على عبوة قدمها له أحد أصدقائه. مستغربا من التحول السريع الذي اعترى بنيته ووزنه، مما دفعه للمواظبة على استخدامه وتحول إلى زبون دائم في محلات ودكاكين العطارين. لكن توفيق يبين أنها «تسببت لي بمضاعفات جسدية، حيث قمت بمراجعة أكثر من مستشفى لاكتشاف ما علتي، فوجدت أني أعاني من التهابات في الجهاز الهضمي، وكذلك أعراض جانبية ما زلت أشتكي منها حتى الآن». وينصح توفيق كل من يستخدم هذا الدواء بالتوقف عنه فورا، معللا «لأن هذا المنتج غير موثوق به ومضر بالصحة، أطالب بضرورة إيقاف مثل هذه المنتجات لتلاشي الأضرار الصحية الناجمة عنها على صحة الفرد». وأكد المدير الطبي الدكتور إسماعيل محمد، وهو استشاري جراحة ومناظير، أن هذا النوع من الأدوية مضرٌ بالصحة، لأن مثل هذه الأدوية التي تستخدم في التسمين غير معتمدة من وزارة الصحة، ولم يكن لها قبول لتداولها. وبين الدكتور إسماعيل أن الدراسات الإقليمية أثبتت أنها غير صالحة للاستخدام، وتتسبب بالوفيات لبعض الأشخاص الذين يستخدمونها من دون استشارة الطبيب. مشيرا إلى أن العطارين بصفة عامة ليس من اختصاصهم بيع المستحضرات الطبية، بل تقف نشاطاتهم عند الأعشاب والزيوت الطبيعية. وأضاف «هذا النوع من الدواء يؤثر على الجهاز التناسلي، ويؤثر على المعدة بتقرصات قد تسبب القرحة، ويسهم في سرطان الأوعية الدموية الناقلة للدم من القلب إلى المخ، لأن صناعة هذا المنتج من العقاقير والمكونات المسببة للسرطان مستقبلا». وأوضح الاستشاري أنه يوجد بديل عن الحبوب الصينية من المأكولات الطبيعية أو الأدوية المتعارف عليها، ولا تصرف إلا تحت استشارة طبيب. مضيفاً «وأنصح من يستخدم هذا المنتج بالإقلاع فورا عنه».