دراسات اجتماعية تحاول إثبات فرضية تلاشي مفهوم القرية السعودية

مدير مركز أبحاث لـ «الشرق الأوسط»: القرى تمر بمرحلة إعادة هيكلة

هل تستطيع الدراسات الاجتماعية إثبات نظرية تلاشي مفهوم القرية في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من امتثال المجتمع الريفي لأحكام متغيرات الحياة الحديثة وتحوله إلى طور التغيير والتشكيل، فإنه ما زال في الأذهان بعض رومانسية الهدوء والأجواء المفتوحة وحضن الطبيعة، فالقرية ما زالت هي المنتجة لأسباب الحياة إذا ما قيس حجم الإنتاج الاقتصادي الذي تساهم فيه من زراعة ورعي وما تقدمه من خير عميم. واعتمدت الدراسات التي قدمها عدد من الجامعات السعودية في الآونة الأخيرة على تحليل عوامل صراع الإنسان مع متغيرات الحياة الحديثة بهدف بيان تأثير المدينة في حالة نزوح أهل القرى إليها أو في حالة تأثر القرية نفسها بتغير أنماط الاقتصاد من مبدأ الكفاية إلى مبدأ السوق ومن مبدأ ملكية وحيازة أرض إلى التفريط فيها، مما خلق هجرة إضافية من الريف إلى المدينة المصنفة بنشاطها الاقتصادي العالي حيث مجالات العمل المفتوحة والتي بدأت تضيق أخيرا مع تداعيات الأزمة المالية العالمية ومع المنافسة على أساس التخصص. وأوضح صلاح العيلة مدير مركز المعلومات والدراسات والبحوث بالغرفة التجارية الصناعية ببريدة أن البحوث المقدمة في هذا الشأن تعنى في المقام الأول بالاستثمار في مجال التنمية البشرية، وهذا المجال على صعوبته فإن اقتحامه يحقق مردوداً اقتصادياً كبيراً بالنسبة للقائمين على أمر المشاريع في القرى ومن ناحية أخرى يطور إنسان الريف ويحقق نوعاً من التنمية المتوازنة. وتعتبر هذه البحوث امتداداً للبحوث الأكاديمية التي تستعرض المشكلة وتشرّحها ثم يأتي باقي الدور على الجهات المنوط بها التنفيذ والمتابعة على أساس ما توصلت إليه الدراسات المتعددة. وأضاف العيلة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الدراسات بهذا القسم تأخذ في اعتبارها أن مفهوم القرية البسيطة اختلف الآن، فاندماجها في الحياة العصرية ساهم في تغيير حياة الأسر الاجتماعية، فرويداً رويداً بدأ القبول بالحد الأدنى من التساند الاجتماعي الذي كان الريفي يحظى به في القرية ولا يقبل دونه. ولا بد في جميع المشاريع المبنية على هذه الدراسات أن تراعي مسألة أن القرية الحالية تمر منذ فترة طويلة بعملية إعادة هيكلة في جميع صيغ الحياة بداية من شكل بناء المنازل مروراً بأنواع الأنشطة الاقتصادية المختلفة داخل القرية ثم انتهاء ببعض المظاهر الحضرية الأخرى كدخول الكهرباء إليها وأجهزة استقبال البث الفضائي وغيرها من وسائل الانفتاح التي أخذت ضريبتها من الحياة الفطرية وصفائها». ولكنه قلل من حجم بعض الإشارات إلى تلاشي مفهوم القرية كلياً، حيث دلل على ذلك بأن الازدواجية التي تتصف بها القرية من حيث استمرار النشاط الزراعي جنباً إلى جنب مع الأنشطة الجديدة المستوردة من المدن يترتب عليه تفاوت في الدخول وهذا يمكّن بعض الدخول الموسمية كتلك التي تعتمد على المحاصيل الزراعية من ضبط إيقاع الحياة الاجتماعية كمواسم الزواج وغيرها. يُذكر أن دراسة قام بها أحد الباحثين الأكاديميين بجامعة الملك فيصل توصلت إلى فرضية تلاشي المجتمع الريفي وتقارب أنماطه مع الأنماط الاستهلاكية الحضرية نتيجة ارتفاع الدخول وتطور وسائل الاتصال التي ساهمت في تغيير النمط الثقافي والعادات الاستهلاكية للأسر مما حدا بالباحث أن يرفع توصياته إلى مصلحة الإحصاءات العامة لإعادة النظر في التقسيمات الإحصائية المعتمدة على أساس تقسيم المجتمعات إلى حضرية وريفية وبادية والنظر في وضع السياسات الحكومية الخاصة بسياسات الدعم والتي تمايز بين المجتمعات الريفية والحضرية.