مدير مرور جدة لـ«الشرق الأوسط»: مزاد اللوحات المميزة شهد إقبالا كبيرا خلال الفترة الأخيرة

مختص اجتماعي: الركض وراء «التميز» يدل على الشعور بالنقص

TT

«التميز» لفظ بات يركض وراءه كثيرون من أفراد المجتمع ذكوراً وإناثاً مهما كان الوصول إليه مكلفا، بصرف النظر عن كونه مطابقا لحالهم أم بعيدا عنها، إذ يكاد يكون شرطا أساسيا في اختيار كثير من احتياجاتهم، التي من ضمنها أرقام الهواتف النقالة ولوحات السيارات وغيرها، التي قد يدفعون من أجل شرائها المبالغ الكبيرة حتى وإن كانت فوق استطاعتهم. وذكر العقيد محمد القحطاني مدير مرور محافظة جدة أن بيع اللوحات المميزة في المزاد الأسبوعي الذي تنظمه إدارة المرور شهد تزايدا كبيرا خلال الفترة الأخيرة. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» بلغ عدد اللوحات التي بيعت منذ بداية العام الحالي وحتى آخر مزاد السبت الماضي نحو 271 لوحة في مدينة جدة. مشيرا إلى أن أكثر الفئات اهتماما بشراء تلك اللوحات هم فئة الشباب. وأرجع سبب تزايد أعداد المقبلين على الشراء إلى حب التميز لدى البعض، إضافة إلى الإعلان عن المزادات من خلال الصحف ومواقع الإنترنت، مبيّنا أن لوحات السيارات المحتوية على أحرف ألفاظها غير ملائمة يتم استبعادها سواء من لوحات المزاد أو اللوحات العادية. وأضاف، حققت اللوحة ذات الرقم «ط ود 1» أعلى سعر منذ بداية العام الحالي، إذ تم بيعها بمبلغ 55 ألف ريال سعودي. مشيرا إلى أن وضع الحد الأدنى لسعر اللوحات يتم حسب الفئات الخمس لتميز اللوحات. وذكر أن الفئة الأولى تتمثل في الأحرف المكررة والأرقام المكررة مثل (أ أ أ 111) ، التي يفتتح مزادها بمبلغ 50 ألف ريال، فيما تتضمن الفئة الثانية الأحرف المختلفة والأرقام المكررة مثل (أ ك م 1111) ليبدأ مزادها بنحو ألف ريال. وأفاد القحطاني بأن الفئة الثالثة تختص بالأحرف المختلفة والأرقام ذات الألف ومضاعفاتها مثل (أ ك م 1000، 2000، 3000)، إذ يبدأ حدها الأدنى من 500 ريال، بينما تشمل الفئة الرابعة الأحرف المختلفة والرقم واحد مثل (أ ك م 1) ليتم فتح مزادها بـ 30 ألف ريال، إضافة إلى الفئة الخامسة التي يندرج تحتها الأرقام الفردية والأحرف المختلفة مثل (أ ك م 2، 3، 4) ويبدأ مزادها بـخمسة آلاف ريال. من جهته حذر الدكتور عادل عبد العزيز مستشار برامج السلوك الاجتماعي في مستشفى حراء العام بجدة من استفحال ظاهرة البحث عن التميز عن طريق تلك الأمور. مشيرا إلى أن استمرارها يقرع جرس إنذار الخطر على وجود خلل كبير جدا في عقليات كثير من الناس، والذين يحتاجون إلى توعية وتوجيه وتثقيف. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن ظاهرة البحث عن الأرقام المميزة كانت منذ دخول أجهزة النداء الآلي «البيجر» واستمرت في خطوط الهواتف النقالة ولوحات السيارات، التي تدور جميعها في دائرة واحدة تتضمن شعور الإنسان بالتميز الناتج عن شعوره بالنقص تجاه تلك الأمور. لافتا إلى أن التغيرات التي تطرأ على المجتمع بشكل مفاجئ يسبقها بعض البوادر التي تجعلها أمرا طبيعيا لدى المختصين. وأضاف، تلك الأمور من شأنها أن ترفع معدل تقدير الشخص لذاته، في ظل عجزه عن رفعه أمام الآخرين عن طريق كفاءته المهنية أو الذاتية، الأمر الذي يجعله يلجأ إلى الناحية المادية من أجل إكمال النقص في ذاته، مؤكدا على أن مثل هذه التصرفات تعكس شخصية هشة من الداخل وملمّعة من الخارج. وأوضح أن ضعف عملية تقدير الذات يعد أحد أسباب انتشار ظاهرة «التميز» بين أفراد المجتمع، إضافة إلى استغلال البعض للعقليات الساذجة بهدف جذبهم. مبيّنا أن من يحمل لوحة سيارة مميزة لن يستطيع خرق القوانين المرورية مقارنة بمن يمتلك لوحة عادية، غير أن الحرص على اقتناء الأشياء المميزة يعتبر من الأمور القشرية التي تخدم رفع مستوى «الأنا» لدى الأشخاص. وذكر الدكتور عادل عبد العزيز أن الرسالة السلبية التي وصلت لتلك الفئة من الناس عن طريق تمجيد ما يفعلونه جعلت هذه الفكرة تتسلل للكثيرين وتغيّر ثقافاتهم، ما يدفع بالبعض للتقصير في حق أنفسهم وحياتهم في سبيل الظهور بمظهر مختلف عمّا هم عليه.