إطلاق قرية تراثية تجمع تاريخ وحضارات جازان من البحر إلى الجبل

السياحة لـ«الشرق الأوسط»: لجنة لتطوير القرية التراثية * الأمانة لـ«الشرق الأوسط»: لجنة لاستثمار المواقع الشاغرة في القرية

أزياء جازانية ومعصرة السمسم
TT

تعكف هيئة السياحة والاثار في جازان جنوب السعودية، وبمشاركة جهات حكومية وافراد متطوعين على اطلاق مشروع ضخم، يتمثل في انشاء قرية تراثية في وسط جازان وعلى مساحة 7 آلاف متر مربع، تجمع في داخلها كل ثقافات وتاريخ وتراث وافكار وحضارات وحتى جبال وهضاب مدن ومحافظات جازان، وذلك بهدف التعريف بجازان وتاريخها وسياحتها وحضاراتها. وينتظر ان يتم افتتاح هذه القرية بنهاية الاسبوع الحالي، بحسب رستم الكبيسي المدير التنفيذي لجهاز الهيئة العامة للسياحة والآثار في جازان، الذي قال لـ «الشرق الأوسط»، إن «القرية التراثية صممت من أجل جذب السُياح إلى منطقة جازان، وتعريف الزوار بالمنطقة من البيئة الجبلية والتهامية والبحرية، ولجميع البيئات والعادات والتقاليد في مكان واحد». وأضاف، «كل بيئة مصممة حسب البيئة المعروفة بالطراز والألوان الجيزانية من ثقافات وأنماط كل بيئة». مشيرا إلى انه سوف تعمل لجنة على تطوير القرية التراثية، إضافة إلى أننا سنكون لجنة، كي نقرر ونضع تصورات للقرية التراثية مستقبلا. وتابع الكبيسي، «كان هناك اهتمام من قبل أهالي البيئة الجبلية ونشاط، حيث أهدوا معروضات من التراث الجبلي، ليعرفوا عن منطقتهم الجبلية، في حين ان البيئة التهامية، ما زلنا نعمل على تطوير وبناء القرية من جميع أطرافها، وسيكون هناك مطاعم للمأكولات الشعبية وفنون شعبية وأشياء كثيرة، ما زلنا نعمل عليها حتى تظهر القرية بشكل متكامل». واستطرد، «سيكون في القرية بعض الفعاليات التراثية، التي تقام في المنطقة ومسرح لعرض الفعاليات والفنون الشعبية». مشيرا إلى انها سوف تفتح خلال نهاية الأسبوع. وهنا يوضح عبد الرحمن ساحلي، مشرف العلاقات العامة في أمانة منطقة جازان لـ«الشرق الأوسط»، بأنه في توجه من الأمانة وحفاظا على تراث منطقة جازان وبتعاون مع جهات أخرى منحت الأمانة أرضا على شاطئ البحر الجنوبي، وذلك بتوجيه من المهندس عبد الله القرني أمين منطقة جازان، بعدما شاهد نشاط أهالي المنطقة في المشاركة في فعاليات تقام لعدة أيام ثم تنتهي، فأشار ببناء قرية تراثية تحتوي على تراثية المنطقة من البحر إلى الجبل». وأضاف ساحلي، أن «القرية لها موقع مميز، حيث يتمتع موقعها الكبير باطلالة على البحر، ومحاط بمياه البحر وقريب من كلية الطب وكلية التقنية ومساحتها 7000متر مربع». وتابع، «يجري تكوين لجنة بهدف استثمار بعض الأماكن الشاغرة في القرية واستثمارها من المطاعم الشعبية والمقاهي الشعبية، وتهيئة أماكن للجلوس والاستمتاع في القرية». القرية التراثية، التي يجري الإعداد لها على قدم وساق، يتوقع أن تكون منارة بزوارها الذين يتوافدون على جازان، وكذلك السكان المحليين ايضا، لكن جهودا فريدة يشارك بها كل اهالي جازان لانجاح هذا التجمع، وهنا يؤكد العم يحيى علي المالكي، وهو من سكان جازان في عقده السادس ومسؤول عن تجهيز البيئة الجبلية في القرية لـ«الشرق الأوسط»، على اهتمام أهالي البيئة الجبلية في ابراز تراثهم وتراث آبائهم وأجدادهم. لكنه يشتكي عن عدم الاهتمام من قبل أهالي البيئة التهامية، قائلا، «لا نلاحظ اهتماما من أهالي البيئة التهامية، مثلما اهتم أهالي البيئة الجبلية وعملوا متحفا خاصا للبيئة الجبلية، وأحضروا جميع ما يملكون من آثار توجد لديهم ». موجها دعوة عاجلة إلى اهالي البيئة التهامية إلى التعاون، ومساعدتهم في اخراج القرية بافضل شكل وبكل الثقافات والحضارات والاثار. القرية التي وقفت معالمها في مدينة جازان، تؤكد لمن يمر عليها او يشاهدها بانها ستكون ساحرة وشاملة كل اطياف جازان من البحر إلى الجبل، وستنجح بالتأكيد، حيث يقول بسام جميمي، وهو احد الزوار قبل الانطلاق والافتتاح، متحدثا لـ«الشرق الأوسط» عند زيارته للقرية التراثية، «شعرت وكأنني في الماضي الذي نسيناه من زمن، وكنت غير متوقع او مصدق لما في داخل القرية من تصاميم تراثية تحاكي التاريخ، الذي قضت عليه العولمة». ويتابع سرد ما شاهد بقوله، «نظرت إلى البيت الجبلي المبني بالحجر الأسود من جبال فيفا وبني مالك والدائر والعيدابي والعارضة والحُرث، الذي جمعوه تحت سقف واحد، وصار متحفا مصغرا يحتوي على أهم المعالم التراثية والتاريخية، لتلك البيئة ويحمل بداخله العادات والتقاليد لتلك المحافظات والمراكز وكنوز الماضي من بنادق قديمة سموها «الهتيل البرود وبندقية هتفا وبندقية مرت، ويعود عمرها إلى أكثر 200 سنة، وكذلك الحلي والمجوهرات، التي تتزين بها المرأة الجبلية، وركن خاص بالمشغولات اليدوية والملابس الجبلية القديمة، التي ميزتها الألوان الزاهية، وأوان فخارية». ويتابع وفي ركن آخر ملكد لطحن القهوة وجغرة وكزمة للطبخ وبجانب المتحف الجبلي، ونمر عربي محنط ومفاتيح لأبواب، وقدمة جمل وقنابة لظهر الجمل، وتلفزيون وراديو من عشرينات القرن الماضي، ومخطوطات قرآن كريم يزيد عمرها على 300 سنة، وصور لمحافظات وللمراكز الجبلية في منطقة جازان. وتلك رواية لشخص واحد، لكن جولة «الشرق الأوسط» اكدت، أن القرية التي يجري العمل على قدم وساق لاخراجها بشكل جيد، تحوي الكثير والكثير من تاريخ جازان، حيث تأتي إلى جوار البيئة الجبلية المحافظات التهامية وان كانت قليلة، من صبيا وأبو عريش وصامطة وبيش وضمد وأحد المسارحة مجتمعة في مكان واحد، ومحاطة بسور، حيث صُممت لتحاكي أهالي تهامة بالعشة التهامية والعريش التهامي، الذي يبنى في ذلك الوقت للناس الثرية، التي تملك بقرتين وقطيعا من الغنم، بما يشعرك كأنك في سهول تهامة في العشة التهامية والعريش التهامي، وكأنك تتأمل في طرف واد أو ساحل تهامي تنظر إلى العشة والعريش والقعادة، وهو (الكرسي الذي يجلس عليه)، ومن داخلها الاواني القديمة، مثل المغش والبرمة والميفا بمقاسات متعددة، والسفرة المصنوعة من سعف النخل والفوانيس القديمة. وفي ركن آخر وجوار البيئة التهامية تأتي معصرة تقليدية لزيت السمسم، حيث يقول علي الصبياني صاحب المعصرة، متحدثا لـ «الشرق الأوسط»، عن عملية استخراج زيت السمسم ومراحل عصره، «كما تلاحظ أن المعصرة عبارة عن جمل وقاعدة من الخشب القوي، منحوت ومجوف باطنها تجويفا واسعا وبداخلها عود خشبي سميك قوي، حيث تدهن هذه الأخشاب بزيت أو ما شابه، وهذا العود الذي بداخل القاعدة المجوفة يسمى «قطب»، مربوط بعود آخر اصغر منه حجما، موصول بمجموعة من الأكياس الثقيلة، تسمى ثقالات مرتبطة بالجمل تتحرك بتحرك الجمل ودوران عمود القطب». وبجوار البيئة التهامية ايضا يأتي سوق شعبي لبيع المشغولات، مصمم بشكل يحاكي الأسواق الشعبية القديمة بكامل تفاصيلها، من أجل بيع الملابس التراثية والأدوات الحرفية التي تصنع بالطرق التقليدية القديمة من الموافي والمغشات الحجرية وثياب نسائية شعبية وتراثية، تعرض لبيع وبناء مطعم شعبي لتقديم الأكلات الشعبية والحلويات. وفي مكان آخر من القرية تأتي البيئة البحرية، التي رمز لها بالقوارب القديمة الشراعية، التي كان أهالي جازان الساحلي وفرسان يستخدمونها للسفر والصيد، كما أن هناك سقيفة (أي عشة ليس لها جدران جانبيه، ولكن تحمي من حرارة الشمس) وشباك الصيد ومجاديف القوارب والصدف والقوقع الخارجة من البحر، وهيكل عظمي لحوت طوله نحو 16 مترا، وجد في ساحل طرفة بمركز القوز الجعافرة بمحافظة صبيا.