مستثمرون سعوديون وعالميون يتنافسون على فرص استثمارية في الرياض

آل الشيخ: المنافسة تؤكد أن الأزمة المالية لم تؤثر على الاستثمار في العاصمة

عبد اللطيف آل الشيخ خلال لقائه بالمطورين وملاك الأراضي أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عن وجود استثمارات كبرى من مستثمرين محليين ودوليين للفرص الاستثمارية في العاصمة السعودية، مشيرة إلى توافد عدد من المستثمرين الأجانب الراغبين في المشاركة باستثمارات كبرى في المدينة بشكل منفرد أو بالاشتراك مع مستثمرين سعوديين.

وبين المهندس عبد اللطيف بن عبد الملك آل الشيخ عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض رئيس مركز المشاريع والتخطيط في الهيئة أن الأزمة المالية العالمية جعلت المستثمرين يبحثون عن فرص استثمارية في مواقع ذات جدوى اقتصادية أفضل، وهي ما تمثله الفرص الاستثمارية في مدينة الرياض، لما تتمتع به من مناخ استثماري جاذب بالرغم مما كان يشاع عن تبني المملكة سياسة اقتصادية متحفظة.

وجاء حديث آل الشيخ خلال لقاء عقدته الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض البارحة الأولى، مع المطورين وملاك الأراضي والمستثمرين في قصر طويق بحي السفارات، ضمن حملتها التسويقية التي أطلقتها الهيئة للتعريف بالفرص الاستثمارية في المراكز الفرعية في مدينة الرياض، البالغ عددها أربعة مراكز تتوزع في أطراف مدينة الرياض على مساحة تتراوح ما بين مليونين إلى مليونين ونصف مليون متر مربع.

ودعا آل الشيخ المستثمرين والمطورين والملاك إلى تقديم مبادرات بناءة لتطوير هذه المراكز الموزعة في مواقع منتقاة في جهات المدينة الأربع.

وأكد أن الأمير سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ونائبه الأمير سطام بن عبد العزيز، وجها بتقديم كل الدعم للمطورين والمستثمرين في هذه المراكز على اعتبارها هدفا رئيسيا لمستقبل المدينة.

وأضاف آل الشيخ أن طرح المراكز الفرعية يعد محور تحول في المدينة من مدينة أحادية المركز إلى مدينة متعددة المراكز، بعد أن كانت تعتمد على مركز واحد في وسطها امتد في التسعينات الهجرية بنشوء العصب المركزي المحاذي لطريق الملك فهد وشارع العليا العام، مشيراً إلى وجود فرص استثمارية بقيمة 15 مليار ريال في كل مركز من المراكز الفرعية في العاصمة السعودية والتي يبلغ عددها نحو 4 مراكز.

وأشار آل الشيخ إلى أن الاتجاه نحو تعددية المراكز، انطلق من توصيات «المخطط الإستراتيجي الشامل للمدينة» الذي وضعته الهيئة، وتعمل حالياً على تحديثه ضمن برنامج زمني يتجدد كل 5 أعوام.

وأكد أن النمو السكاني في الرياض استقر عند 4 في المائة، بعد ما شهد صعوداً كبيراً خلال العقود الماضية، في الوقت الذي يقدر فيه أعداد سكان المدينة في الوقت الحالي عند 5 مليون نسمة، في الوقت الذي تشير تقديرات دراسات الهيئة المستقبلية «المتحفظة» إلى بلوغ عدد سكان المدينة إلى 8 ملايين نسمة عام 2025، وهو ما يؤكد الحاجة الماسة لإنشاء وتطوير هذه المراكز لاستيعاب الزيادة المتوقعة في السكان، وتخفيف العبْء على الوسط الحالي للمدينة.

وشبه عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض المراكز الفرعية بمثابة أوسط مدن مصغرة في حجمها ومساحتها، في الوقت الذي تعتبر فيه مدنا كبيرة بسكانها واقتصادها وأنشطتها الثقافية والتعليمية والصحية والخدمية، بالإضافة لما تتمتع به من تصاميم عمرانية مميزة، وخدمات ومرافق عامة حديثة، ووسائل نقل متطورة بما فيها القطار الكهربائي والحافلات تربط هذه المراكز بشكل مباشر فيما بينها وبين طرق المدينة الرئيسية.

وأكد المهندس آل الشيخ خلال الكلمة التي ألقاها في اللقاء إلى توحيد إجراءات المستثمرين في المراكز الفرعية تحت مظلة الهيئة لجميع الجهات المعنية في المدينة بنسبة تصل إلى 100 في المائة، بحيث ستكون الهيئة وسيطاً بين المستثمر والجهات الحكومية الأخرى حتى نهاية تنفيذ المشروع، وذلك بهدف تسهيل مهمة المستثمرين وتذليل الصعوبات التي تواجههم، وتقديم تسهيلات خاصة لهم.

واستعرض المزايا التي يحصل عليها المستثمرون في المراكز الفرعية، والتي تشمل إتاحة ارتفاعات مطلقة للمباني في هذه المراكز، وإعطاء نسب عالية من الكثافات السكانية، وتنوع استعمالات الأراضي فيها بنسب مدروسة وملبية للاحتياجات والتطلعات، إلى جانب إتاحة هذه المراكز مساحات بناء تبلغ ستة أضعاف مساحة المراكز، يترك للمطور اختيار الطريقة المثلى لاستخدامها سواء على شكل مبان مرتفعة أو متوسطة أو غيرها.

وأشار إلى أن الهيئة استطلعت تجارب العديد من المدن الكبرى في العالم التي طبقت مفهوم المراكز الفرعية، وحققت من خلالها نتائج ايجابية، ومنها مدينة باريس التي تضم ستة مراكز فرعية، ومدينة شنغهاي التي تضم خمسة مراكز فرعية، ومدينة طوكيو التي تضم ستة مراكز فرعية، إلى جانب مدن شيكاغو وهونج كونج وسنغافورة وغيرها.

وأكد المهندس عبد اللطيف بن عبد الملك آل الشيخ استعداد الهيئة لمواجهة التحديات الكبيرة التي تشهدها المدينة خلال المرحلة المقبلة، ومن ذلك التطور الكبير الذي تشهده كافة القطاعات وفي مقدمتها الأنشطة الاقتصادية.

وكشف عن اختيار مركز الملك عبد الله المالي، ليكون المركز الفرعي الخامس في شمال مدينة الرياض، وهو ما سيحدث نقلة كبرى على مستوى الخدمات المالية والأنشطة المرتبطة بها في المدينة بمشيئة الله، وقد تعزز ذلك أخيراً باختيار مدينة الرياض لاحتضان مقر البنك المركزي الخليجي.

وأضاف بأن الرياض تتهيأ أيضاً لتبوؤ مكانة متقدمة في سعيها لتكون عاصمة للصناعات المعرفية والتقنية الخفيفة باحتضانها «مدينة تقنية المعلومات والاتصالات» التي تؤسسها المؤسسة العامة للتقاعد في شمال المدينة، ومشروع «وادي التقنية» الذي تشيده جامعة الملك سعود في حرمها الجامعي.

وأثنى المهندس آل الشيخ، على التطوير الذي سيشهده مطار الملك خالد الدولي بمتابعة الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، بما يجعله مطاراً متكاملا للخدمات والمرافق يليق بمكانة مدينة الرياض والتطوير الذي تشهده في كافة القطاعات والذي سيجعل من الرياض مدينة كبرى بكل المقاييس.

ونوه إلى أن الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، تعتزم عقد لقاء مشترك مع أعضاء مجلس المنطقة والغرفة التجارية ورجال الأعمال والإعلام للتعريف بمشاريع المنطقة الكبرى بعد شهر رمضان المقبل. وبين رئيس مركز المشاريع والتخطيط أن المطورين الذين تقدموا بمبادرات لتطوير هذه المراكز، سيتلقون خلال 60 يوماً من تاريخ الموعد النهائي للتقديم، إجابات حول الموافقة المبدئية على طلباتهم، تتبعها مدة تستغرق ستة أشهر للنظر في مقترحات التصاميم والإجراءات الأخرى، ليتم اختيار المبادرات التي تخضع للمفاضلة النهائية، يلي ذلك مرحلة الموافقة النهائية على المبادرات الفائزة والتي تستغرق 60 يوماً.

وكانت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض قد مددت الموعد النهائي لاستقبال مبادرات المستثمرين والمطورين الراغبين في تطوير المراكز الفرعية في مدينة الرياض إلى يوم 19 أكتوبر (تشرين الثاني) المقبل، نظراً لرغبة كثير من ملاك الأراضي والمطورين ولإتاحة الفرصة لهم في إعداد دراسات أكثر شمولية للمراكز الفرعية.

وحول عدم تعارض مواقع المراكز الفرعية مع مناطق حظر المباني العالية من قبل الجهات المعنية بالطيران، أكد أن جميع مواقع هذه المراكز لا تقع ضمن مناطق خطوط سير الطيران في المدينة، مشيراً إلى التنسيق بشأن ذلك مع كل من هيئة الطيران المدني وقاعدة الرياض الجوية.

وأيد المهندس آل الشيخ، التنسيق فيما بين ملاك الأراضي والمطورين والمستثمرين من داخل المملكة وخارجها، للخروج بأفكار ومبادرات مشتركة حول الاستثمار في المراكز الفرعية، مبدياً استعداد الهيئة لعقد لقاء مشترك يجمع الأطراف الثلاثة للتعريف فيما بينهم وتحقيق مستويات أفضل من التقارب والتنسيق المشترك لمصلحة كافة الجهات، مبديا عدم ممانعة الهيئة في تشكيل مستثمر أو عدة مستثمرين تكتل أو شركة مساهمة أو صندوق استثماري عقاري للاستثمار في مركز أو عدة مراكز فرعية.

كما رحب المهندس آل الشيخ بتقدم المستثمرين طلبات شراكة أو تمويل لصناديق تمويل حكومية للاستثمار في المراكز، مشيراً إلى أن بعض هذه المؤسسات مشاركة فعلياً في فرص استثمارية طرحتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في كل من برنامج تطوير منطقة الظهيرة، ومركز الملك عبد الله المالي ومدينة تقنية المعلومات والاتصالات.